-
عفرين بين مطرقة الفصائل وسندان العثمانيين
تواصل فصائل المعارضة السورية, المدعومة من أنقرة انتهاكاتها بحق المدنيين في مدينة عفرين السورية, ذات الغالبية الكردية, مستخدمةً سياسة جديدة بالتضيق الاقتصادي على السكان المحليين, بالإضافة للملاحقة الأمنية تحت أي ذريعة، ولهذه الأسباب إجبر الكثير من السكان الكورد على مغاردة المدينة.
حيث وثق مركز سوريون من أجل الحقيقة, العديد من الانتهاكات بحق المدنيين من قبل الفصائل التي سيطرة على المدينة, وتشمل هذه الممارسات التي يفرضها فصيل مايسمى “سليمان شاه/العمشات”، فرض أنواع مختلفة من الضرائب والأتاوات على المنازل والأراضي والمحاصيل الزراعية والمحال التجارية.
إضافة إلى ممارسات أخرى تكمن في مصادرة منازل تعود لمدنيين تمّ طردهم منها, وتمارس تلك الفصائل إنتهاكاتها بحق المدنيين منذ سيطرتها على منطقة عفرين في منتصف آذار/مارس 2018.
التهجير من منطقة "الشيخ حديد" التابعة لمدينة عفرين
يسيطر على هذه الناحية فصيل “لواء السلطان سليمان شاه/العمشات” بالإضافة إلى تواجد لـ”لواء الوقاص” في بعض القرى المحيطة بمركز الناحية.
وتقع شمال غرب سوريا عند الحدود السورية التركية، تبلغ مساحة ناحية شيخ الحديد 93.52 كم مربع، ويبلغ التعداد السكاني فيها 13871 نسمة وذلك وفق إحصاء التعداد السكاني لعام 2004.
نسبة السكان الكرد المتبقين في الناحية إبان عملية “غصن الزيتون” لا تتجاوز 20 بالمئة، حيث تم نقل مئات العوائل من محافظات أخرى إلى الناحية بعد السيطرة عليها في آذار/مارس 2018, وفقاً لإحصائيات سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.
وأكد المصدر, إلى أن معظم العائلات الكوردية تم تهجيرها قسراً, أو نزحت داخلياً من محافظات ريف دمشق وحمص وحماة وإدلب، وتم إسكانها في الناحية، كما أن جزء كبير من أبناء هذه العائلات هم مقاتلون في صفوف “الجيش الوطني السوري” التابع للحكومة السورية المؤقتة المرتبطة بالإئتلاف السوري المعارض.
ووثق المركز في النصف الثاني من عام 2019، عمليات الاعتقال التي مارستها الفصاءل بحق المدنيين وطال الاعتقال لــ 506 شخصاً في عموم منطقة عفرين، بينهم 64 شخصاً من منطقة شيخ الحديد.
عملية غصن الزيتون والنتائج السلبية بحق الأهالي
مع بدأ انطلاق العملية العسكرية “غصن الزيتون” التي أطلقتها تركيا في آذار/مارس 2018، شهدت منطقة عفرين بنواحيها السبع (عفرين وشران وشيخ الحديد ومعبطلي وبلبل وجنديرس وراجو) موجات نزوح جماعية من قبل السكان الكرد .
وأصبحت المنطقة تضم عشرات الآلاف من السكان غير الأصليين, في حين فئة قليلة من الأهالي الكورد رفضت الخروج وبقيت تحت رحمة هذه الفصائل, التي سلبت ونهبت أرزاقهم، حيث أن معظم السكان الحالين تترواح أعمارهم بين 40 إلى 85 عاماً، وتكاد تكون فئة الشباب الكرد المتبقين في المنطقة شبه معدومة.
وخلال سيطرة الفصائل نحو 21 شهراً قضاها السكان الكرد في ظل سيطرة الجيش الوطني، تعرض قسم كبير منهم إلى عدة انتهاكات وممارسات منها الاستيلاء على الأملاك والاعتقالات التعسفية معظمها لأغراض مالية، علاوة على محاولات الحكومة التركية طمس الهوية الكردية للمنطقة .
وتحكمت الفصائل العسكرية التابعة للجيش الوطني والتي قسّمت المنطقة إلى “قطاعات نفوذ” بمفاصل الحياة الاقتصادية، حيث سيطرت على التجارة والسوق، وذلك من خلال سيطرتها على المعابر/الحواجز بين المنطقة والمناطق الأخرى، إضافة إلى توليها إدارة المعابر الحدودية مع تركيا وتحكمها بالتجارة بين تركيا ومناطق درع الفرات وغصن الزيتون.
وفرضت الفصائل أتاوات على كل الحواجز التي تمر من المنطقة والسيارات المحملة بالبضائع تأخذ مبلغاً من المال كحد أدنى 500 ليرة سورية، وهناك حاجز العزاوية يأخذ بين 5 إلى 10 آلاف ليرة سورية على السيارة الواحدة، أيضاً الميكرو باص المخصص لنقل الركاب يدفع على الحواجز أجرة عبور، أما إن كانت السيارة لشخص مدني ينقل عفش المنزل أو ما شابه، فهذا لا يأخذون منه شيئاُ”.
من هو لواء سليمان شاه / العمشات”؟
“لواء السلطان سليمان شاه” يعمل تحت راية الفيلق الأول في “الجيش الوطني السوري” التابع للحكومة السورية المؤقتة والمدعوم من تركيا، ويقوده المدعو "محمد حسين الجاسم" الملقب أبو عمشة، وينحدر أغلب مقاتلي الفصيل من القومية التركمانية التي أقامت في محافظة حماه، ويتداول اسم “العمشات” في وسائل الإعلام عند ذكر ممارسات الفصيل.
وتأسس الفصيل أواخر عام 2011، تحت مسمى “لواء خط النار” في حماة، لمواجهة قوات الحكومة السورية وشارك الفصيل في عدة معارك ضدها، من ضمنها معركة فك الحصار عن أحياء حلب الشرقية التي قادتها هيئة تحرير الشام /جبهة النصرة سابقاً/ لفك الحصار عن تلك الأحياء، ومن ثم انتقل نشاطه إلى أرياف حلب بالتنسيق مع القوات التركية.
وفي أوائل 2016 أُعلن عن إعادة تسمية لواء خط النار بـ “لواء السلطان سليمان شاه” نسبة إلى الجد المؤسس للإمبراطورية العثمانية، ويرجع تسمية الفصيل بالعمشات إعلامياً نسبة إلى قائده أبو عمشة.
وشارك الفصيل عام 2016 إلى جانب القوات التركية وفصائل أخرى من الجيش الوطني السوري في عملية “درع الفرات” التي أطلقتها تركيا ضد تنظيم داعش وقوات سوريا الديمقراطية في ريف حلب الشمالي.
ولاحقاً في 2018 شارك إلى جانب الأتراك في عملية “غصن الزيتون” للسيطرة على منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية، وفي تشرين الثاني 2019 شارك إلى جانب الجيش التركي أيضاً في عملية “نبع السلام”.
وفرض فصيل سليمان شاه ضرائب وأتاورات على السكان الكرد ضمن المناطق التي يسيطر عليها في ناحية شيخ الحديد، وتترواح الأتاوات ما بين 200 إلى 400 دولار أمريكي وأجبر مالكي المنازل الكرد المتبقين على دفع هذه المقابل مقابل السماح لهم بالإقامة والبقاء في منازلهم، كما قام الفصيل بضرب وتعذيب من رفض الدفع وألزمه بالدفع عبر “كفيل”.
و“اتفق فصيل سليمان شاه مع فلاحين وتجار زيوت من أجل ضمان الأراضي والأشجار التي وضع يده عليها، وأخذ منهم مسبقاً مبالغ مالية كبيرة لقاء السماح لهم بالاستفادة من هذه الأراضي لمدة موسم واحد، وعند انتهاء الموسم عاد الفصيل ووضع يده مجدداً على الأراضي ومنع أقارب المالكين أو أصدقائهم أو أي شخص وكله المالك برعاية الأرض من الإقتراب منها.”
أبو عمشة.. قائد فصيل مأجور
محمد حسين الجاسم الملقب أبو عمشة، من مواليد الجوصة ريف حماه الشمالي 1985 كان يعمل على تركس في مدينة السقيلبيه قبل بدايات الثورة
المدعو "أبو عمشة" من أبناء الأقلية التركمانية في سوريا، ويتزعم فصيلاً يسمى "لواء السلطان سليمان شاه" التابع لتركيا، كما يُطلق على الفصيل أحياناً اسمُ "العمشات".
وسبق للمدعو محمد الجاسم، الملقب بـ"أبو عمشة"، أن قتل نائب رئيس مجلس "شيا" المحلي، أحمد شيخو، بعد تعذيبه بطريقة وحشية.
وظهر في عدة مناسبات وبيّن ولائه إلى تركيا والجيش التركي، وظهر في أحد المقاطع المصورة ينتقد قيام متظاهرين في محافظة إدلب بإحراق العلم التركي، وقال حينها “العلم التركي يا أخوة هو تاريخنا وتاريخ أجدادنا الذين قاتلوا وأسماء شهدائنا موجودين في تركيا عندما قاتلنا الاستعمار معاً، العلم التركي يمثل دماء الشهداء العرب والأتراك وبالأخص السوريين”.
وتتنوع الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها المدعو محمد الجاسم، حيث سبق أن كشفت زوجة أحد المسلحين التابعين له، وتدعى إسراء خليل، في مقطع مصور انتشر على نطاق واسع، أن "أبو عمشة" اغتصبها مراراً وتكراراً.
ومنذ سيطرة فصيله على مدينة عفرين، لا يتردد "أبو عمشة" ومسلحوه في نهب وسلب وسرقة منازل وممتلكات المواطنين
وتستمر المضايقات على الأهالي, وعدم وجود فرص عمل بسبب الحالة الأمنية العامة التي فرضتها الفصائل المسيطرة على المدينة، والاشتباكات المستمرة بينهم وإطلاق الرصاص المتواصل، فضلاً عن الاعتداءات المتكررة على المواطنين.
ليفانت - سوريون من أجل الحقيقة والعدالة
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!