الوضع المظلم
الأحد ٢٢ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
عروة الأحمد وحديث عن
عروة الأحمد وحديث عن سجون غير مرئية

انتهى المخرج السينمائي السوري عروة الأحمد من تصوير فيلمه الأخير "سجون غير مرئية"، تلك السجون التي يرغب عروة بدخولها، لمعرفة معالمها، ومدى عمقها وارتباطها بذاكرة السوريين الجمعية.


يغرّد مخرج العمل هنا مع شخوصه حول ماهية تلك السجون مع ذواتنا، وبقدرتنا على البوح والخروج منها، حيث يكتظ الوعي الجمعي للسوريين، بالاكتئاب والحزن والصراخ. هنا يحاول عروة الولوج داخلها والخروج بها إلى النور، لكي لا تبقى تلك الندب أسيرة الذاكرة، ذاكرة السوريين المسجونة في قفص الوعي هناك.



عروة الأحمد وحديث عن سجون غير مرئية عروة الأحمد وحديث عن سجون غير مرئية

عن تلك السجون، والعمل الذي قام المخرج عروة الأحمد بتنفيذه، كان لموقع ليفانت معه هذا اللقاء:


ما المقصود بالسجون غير المرئية؟


هي تلك السجون الداخلية؛ التي نصنعها بأنفسنا مع مرور الزمن، وندخلها بمحض إرادتنا، ونبقى أسراها.


ما المعايير التي استندت عليها في اختيارك لأبطال العمل؟


الفيلم ينتمي إلى السينما التجريبية، وتستطيع القول أنه يوثّق التجربة بإطار درامي، ولذلك العاملان الرئيسيان في الاختيار كانا: موهبة الأبطال في فن الأداء، وتقاطع التجارب الخاصة بهم مع فكرة العمل.

حيث بدأ العمل بفكرة بسيطة مفادها: ماذا لو قرّرنا البوح بالكلام الذي لم نقله؟


ما هي رسالة العمل؟


نحن البشر بقدر اختلافنا في ثقافاتنا، وألواننا، وأعراقنا، وتوجّهاتنا الفكريّة، وسلوكنا؛ بقدر ما نتشابه في الهواجس، والمخاوف التي تسكن تفكيرنا.

فالعقل بكلّ أحكامه، ومعالجاته الفكريّة، والأوامر التي يصدرها تتحكم بأحاسيسنا، ويستند بشكل رئيسيّ على "الذاكرة" وهنا نلاحظ بأن كلّ المخاوف التي نفكّر بها ناتجةٌ عن ذاكرة ترتبط بتجربتنا، أو بتجارب الآخرين؛ إذاً نحن نتخيّل فنخاف، والخوف برمّته خيال.


لقد ولّدت الحرب مشاكل نفسيّة هائلة في وعينا الجمعيّ كسوريين، ومن نجا من المشاكل المباشرة نابه من القلق، والاكتئاب ما يُضنيه، ورغم كلّ ذلك يمضي الكثيرون قدماً في هذه الحياة، وفي أصقاع الأرض.

الخوف سجن؛ إما أن تدخله وتصبح حبيسه، وتقلع عن الطيران؛ أو ترفرف خارج قضبانه طليقاً لا مبالياً بكلّ احتمالاته التي يطرحها.


كيف تصف تجربتك في هذا المشروع؟


-سايكوباتية بامتياز؛ كمفتّش اقتحم سجون الآخرين، وأخضعهم للتحقيق، ومن ثمّ بعد الانتهاء من المشروع باتت تلاحقه تلك الاعترافات في كلّ مكانٍ يقصده؛ حتى أثناء نومه.

لم يكن هذا المشروع متعباً من حيث الجهد الذهني فقط، وإنما كان مُتعباً في التنفيذ أكثر؛ هناك مشهد واحد استغرق تصويره 12 ساعة متواصلة، ولم أنتبه لذلك إلا حين بزغت الشمس معلنةً بداية يوم جديد، ومشهدٌ آخر طلبت فيه من البطلة أن تعيد جميع ما قالته، وهي ما زالت تمسح دموعها، ومشهدٌ دار فيه البطل حول نفسه لساعةٍ من الزمن حتى أصابه الدوار، وهنا أشكر مدير التصوير الذي رصد بعدسة الخبير كلّ هذه التجربة، وعاش معنا تقلّباتها، والتعب النفسي المرافق لها.



عروة الأحمد وحديث عن سجون غير مرئية عروة الأحمد وحديث عن سجون غير مرئية

كما كان لنا هذا اللقاء مع أسرة العمل؛ حيث قالت "سيريز جلبوط" عن تجربتها: "التجربة غريبة ومجنونة، والضغط النفسي الذي ولّدته كبير؛ لا سيّما وأنا أشارك الأشياء التي لم أشاركها من قبل، ولكن بعد أن انتهينا شعرتُ بالرضا".


وتضيف سيريز متحدثة عن تلك التجربة مع السجون وطريقة عرضها، فتقول: "كان عصفاً ذهنياً جعلني أتعرّف أكثر إلى ذاتي، وجعلني أرى الأمور من منظور مختلف؛ بتّ أرى سجون الآخرين، وأفهم شعورهم".


عن تلك المكنونات التي يتم عرضها للجمهور فيقول الممثل "أحمد الحرفي": "خلق هذا العمل لديّ تحدياً كبيراً، وهو معرفة مدى قدرتي على البوح بأشياء قرّرت تخزينها، وعدم الإفصاح عنها، لما تركت لدي من أثر نفسيّ سلبيّ، وأنا ممتنّ لمخرج العمل لإتاحة الفرصة للمشاركة في هذا النوع من السينما القائمة على التجربة الذاتية".


فيما قالت "هدى الحلاق": "ظننتُ الأمر سهلاً في البداية، ولكنني لاحظتُ حين اقترب موعد التصوير مدى صعوبة هذا النوع من العمل، وصاحبني الضغط أثناء التصوير، وامتدّ أثره إلى ما بعد الانتهاء منه أيضاً، وأشكر مخرج العمل لمهنيّته العالية، وحسّه الإنساني الكامن وراء هذا المشروع".


يذكر أن "عروة الأحمد" من مواليد حمص 1988 وقد نال العديد من الجوائز العالمية على فيلميه السابقين "ذاكرة مالحة، رسالة أخيرة" وآخرها كانت أفضل ممثل على لائحة جوائز "أونيروس" الإيطالية لعام 2019 والتي تم نشرها على موقع IMDb الشهير.


ومن الجدير بالذكرأن العمل من بطولة أحمد الحرفي، سيريز جلبوط، هدى الحلاق، وإدارة التصوير، سومر البيش، وإنتاج تنفيذي: بشار موسى، موسيقى تصويرية: ستيف ماثيو كارتر، وإخراج: عروة الأحمد.


 


خاص ليفانت - باريس



كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!