الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
صحيفة بريطانية تكشف المساعي التركية للتوغّل بأفريقيا
الجيش التركي

ركّزت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، في تقرير لها، اليوم الاثنين، الضوء على التوغل التركي في أفريقيا، واعتبرت أنّه لعبة أردوغان الكبرى عن طريق الجنود والجواسيس والمال، في إطار سعي أنقرة لفرض السلطة والنفوذ في القارّة السمراء.  


وكشف التقرير كيف تسيطر أنقرة على أفريقيا عبر وسائل عديدة، منها المسلسلات التركية، حيث يتصارع زوجان إثيوبيان في حانة فندق في أديس أبابا على ريموت التلفاز، يريد الزوج نشرة الأخبار فيما تريد الزوجة مسلسلاً تلفزيونياً تركياً مدبلجاً باللغة الأمهرية.


ويعتبر نجاح المسلسلات التركية في إثيوبيا علامة صغيرة، بيد أنّها معبرة عن نفوذ أنقرة المتزايد في المنطقة، ووفق فايننشال تايمز، يشير الخبراء إلى أنّ الجهود المبذولة ضمن القوة الناعمة تسعى إلى مواجهة نفوذ المنافسين الخليجيين، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وأيضاً الولايات المتحدة وفرنسا والصين وروسيا.


اقرأ أيضاً: أذربيجان وتركيا تعودان لاستفزاز أرمينيا.. بمناورات مشتركة


وذكر المؤسس المشارك في قناة كانا الإثيوبية، إلياس شول، أنّ نجاح المحتوى التركي مستمر في إثيوبيا، وبالنسبة لأنقرة، كانت التجارة والمساعدات التنموية وحتى المسلسلات التلفزيونية مفيدة في ترسيخ النفوذ التركي في القارّة، فيما أوضح الخبير في السياسة الخارجية التركية في جامعة نافارا الإسبانية، مايكل تانشوم، أنّ تركيا تتمتع بمزايا القوة الناعمة التي تمكّنها من الاستغلال.


وخلال العقود التي أعقبت انهيار الإمبراطورية العثمانية، تجاهلت أنقرة إلى حدّ كبير أفريقيا، واختار حكامها التركيز على أوروبا عوضاً عن ذلك، بيد أنّ أردوغان على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، قاد أنقرة لإحياء علاقاتها مع القارة السمراء، ومنذ عام 2009، وسّعت تركيا من عدد سفاراتها في أفريقيا من 12 إلى 42، وكان أردوغان زائراً متكرراً، حيث قام برحلات إلى أكثر من 20 عاصمة أفريقية.


وصرّح أردوغان، في أكتوبر الماضي، أنّ الأتراك والأفارقة مُقدر لهم أن يكونوا شركاء، فقد وضع هدفاً لمضاعفة حجم تجارة تركيا مع أفريقيا إلى 50 مليار دولار في السنوات المقبلة، أي ما يقرب من ثلث تجارتها الراهنة مع الاتحاد الأوروبي.


ويشير تركيز أنقرة على صفقات وعقود البنية التحتية الحكومية الكبيرة في كل أرجاء أفريقيا، من تجمع أولمبي في السنغال إلى أكبر منشأة عسكرية خارجية في الصومال ومسجد كبير في جيبوتي، على الأهمية الاقتصادية والجيوسياسية التي توليها للقارة، فيما زار أردوغان قبل عام، السنغال، مما أثار استياء فرنسا؛ القوة الاستعمارية السابقة في المنطقة، حيث تبحث البلدان الأفريقية عن بدائل للوجود الفرنسي، وفق التقرير.


وذكر الخبير في شؤون القرن الأفريقي، عبد الله حلاخي، "يرى أردوغان أنّ الوقت قد حان لتخرج تركيا إلى أبعد من حدودها، وهم يفعلون أفضل بكثير من البقية في وضع أموالهم حيث تكون أفواههم. حيث استقطب المستثمرون الأتراك، الذين هربوا من المشاكل الاقتصادية في الداخل، للعمل في الاقتصاد الإثيوبي".


تركيا


وأوردت فايننشال تايمز عن مسؤولين أتراك قولهم إنّ 2.5 مليار دولار من إجمالي 6 مليارات دولار صرفتها بالفعل الشركات التركية في أفريقيا جنوب الصحراء، ذهبت إلى إثيوبيا، وفي عام 2005، وعقب أن كانت هناك ثلاث شركات تركية فقط في إثيوبيا، اليوم، هناك 200 شركة، تتوزّع بين شركات الأسلاك والمنسوجات إلى المشروبات، لافتين إلى أنّه حتى اندلاع الصراع في منطقة تيجراي لم يردع المستثمرين الأتراك.


وتطرّقت نائب الرئيس لمنتج الكابلات الفولاذية «Demes Cable»، سيمجي يوكسل أوزيت، التي أسست مصنعاً جديداً بقيمة 45 مليون دولار بالقرب من أديس أبابا، العام الماضي، إن الإنتاج كان طبيعياً، ولم يتأثر بالقتال، بينما ذكر كونيت كوك، رئيس مجلس الأعمال التركي الإثيوبي لمجموعة التجارة التركية، أنّ الشركات التركية ما تزال جاهزة للاستثمار في الزراعة والصحة والطاقة.


بالنسبة لتركيا، فإنّ حقيقة أنّ أديس أبابا موطن الاتحاد الأفريقي لها وزنها، بجانب أنّ أنقرة غير جاهزة لخسارة حليف إقليمي آخر عقب الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير، الذي كان مقرباً من أنقرة عام 2019، ومع ذلك، فإنّ دعم تركيا لإثيوبيا في نزاعها مع مصر حول سد النهضة الإثيوبي الكبير مكن الصداقة بين البلدين.


كما تحافظ أنقرة على وجودها في الصومال، حيث قامت ببناء الطرق وإنشاء معسكر تدريب عسكري كبير، وفي العام الماضي، أمضت شركة تركية عقدًا مدته 14 عاماً لتجديد وتشغيل ميناء في مقديشو، فيما كانت أنقرة مصدراً رئيساً لتوزيع المساعدات في البلاد، إذ ضخت أكثر من مليار دولار منذ عام 2011، وفي أوائل نوفمبر، سددت 2.4 مليون دولار من الديون المستحقة على الصومال لصندوق النقد الدولي، وقامت ببناء مستشفيات ومدارس وقدمت منحاً دراسية.


وذكر الخبير المستقل في شؤون القرن الأفريقي، رشيد عبدي، "من الواضح أنّ تركيا لاعب كبير في الصومال، لكنها في الأساس لاعب تجاري مهم للغاية في إثيوبيا، إثيوبيا فرصة ضخمة لتركيا لأنّها سوق كبيرة، واقتصاد نابض بالحياة. إذن، هذه هي الحدود الصحيحة لأردوغان، من الواضح أنّ هدف الأتراك هو الفوز بإثيوبيا".


ليفانت-وكالات

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!