-
سد النهضة والكهرباء.. إمعان أثيوبي بخرق إعلان مبادئ العام 2015
منذ العام 2011، تتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا، بغية الوصول إلى اتفاق حول ملء السد وتشغيله، إلا أن جولات طويلة من التفاوض بين الدول الثلاث، وقد دعت في سبتمبر 2021، كل من مصر والسودان لاستئناف المفاوضات حول أزمة سد النهضة بوساطة الاتحاد الإفريقي، بعد توصية صدرت عن مجلس الأمن الدولي بهذا المعنى.
أثيوبيا والإعلان عن إنتاج الكهرباء
وعلى الرغم من الرفض المصري والسوداني للخطوات الأثيوبية المنفردة، فقد أعلن مسؤولان لوكالة "فرانس برس" في التاسع عشر من فبراير، بأن إثيوبيا ستباشر إنتاج الكهرباء من سد النهضة على نهر النيل.
اقرأ أيضاً: مصر تعلن جاهزيتها للعودة إلى مفاوضات سد النهضة بوجود ضمانات
وأوضح مسؤول في الحكومة الإثيوبية: "غداً ستبدأ أول عملية توليد كهرباء من السد الذي يدور خلاف بشأنه مع مصر والسودان"، الإعلان جاء في إطار طموح إثيوبيا لإنعاش اقتصادها عبر سد النهضة، الذي بلغت تكلفة بنائه أكثر من أربع مليارات دولار، مع توقع أن يصبح عندما يبدأ بإنتاج الكهرباء، أكبر سد للطاقة الكهرومائية في إفريقيا، بهدف إنتاج عند بدء تشغيله قدره 6500 ميغاواط، وقد تم تخفيضه إلى 5000 ميغاواط، وفق ما أفادت الوكالة الفرنسية.
وقالت الوكالة الفرنسية: "رغم أن مصر والسودان حضتا مراراً إثيوبيا على تأجيل خططها لملء خزان السد إلى حين التوصل لاتفاق شامل، أعلنت أديس أبابا في تموز الماضي، أنها أنجزت المرحلة الثانية من ملء خزان السد الذي تبلغ سعته نحو 74 مليار متر مكعب من المياه".
تزيد من التوتر
فيما علّق الخبير المصري، في الموارد المائية والجيولوجيا، عباس شراقي، في تصريحات لصحفية الشروق، إن توليد إثيوبيا للكهرباء في سد النهضة، خطوة لن تضر مصر أو السودان، ولن تنفع إثيوبيا مائياً أو كهربائياً، لكنها تزيد من التوتر، موضحاً إن توليد إثيوبيا للكهرباء في سد النهضة، من شأنه زيادة التوتر بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى، نظرا لأنه تم دون اتفاق.
وهو رأي يخالفه رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، الذي زعم في العشرين من فبراير الماضي، بمناسبة إطلاق المرحلة الأولى من إنتاج الطاقة الكهربائية من سد النهضة، أن "السد سيفيد جميع الأشقاء الأفارقة بمن فيهم السودانيون والمصريون"، على حد قوله.
اقرأ أيضاً: أثيوبيا ترفض التنسيق مع مصر حول سد النهضة
وحسب وكالة الأنباء الإثيوبية، ادعى أبي أحمد أن "المياه تتدفق إلى السودان ومصر كالمعتاد بينما تولد الكهرباء للشعب الإثيوبي الذي لا يريد تجويع وعطش شعب السودان ومصر"، ووفقا له فإن إثيوبيا "لا تريد أن تؤذي أحداً، هدف الدولة هو استخدام الطاقة لسكانها الضخم الذين لم يشهدوا الكهرباء من قبل والتخفيف من حدة الفقر"، مدعياً أن "ما يريد العالم كله أن يعرفه، هو أن المياه تتدفق إلى السودان ومصر كالمعتاد".
كما وزعم رئيس الوزراء أن "رغبة إثيوبيا فيما يتعلق بالسد، ليست فقط إنتاج واستخدام الطاقة وإفادة الدول المجاورة، ولكن أيضاً لتصدير الطاقة إلى أوروبا لتقليل انبعاثات الغاز التي تؤثر على البيئة"، مدعياً أن "البلاد بها أمطار غزيرة والعديد من الأنهار تمكنها من بناء العديد من السدود وإفادة الدول الأخرى".
رفض عربي للإعلان الأثيوبي
بدورها، قالت الخارجية المصرية، أن مصر تؤكد "على أن هذه الخطوة تعد إمعاناً من الجانب الإثيوبي في خرق التزاماته بمقتضى اتفاق إعلان المبادئ لسنة 2015، الموقع من قِبَل رئيس الوزراء الإثيوبي"، بينما ندد رئيس البرلمان العربي، عادل بن عبد الرحمن العسومي، بإعلان إثيوبيا، مؤكداً "الرفض التام لتلك الخطوة".
قائلاً إن "هذه الخطوة تمثل مساساً خطيراً بالحقوق المائية لمصر والسودان، كما تمثل انتهاكاً صريحاً للاتفاقيات الدولية والثنائية التي تنظم استخدام مياه نهر النيل كنهر دولي، بما في ذلك التزامات إثيوبيا الموقع عليها رئيس الوزراء الإثيوبي في إعلان المبادئ لعام 2015"، مؤكداً أن "هذه التصرفات الأحادية المرفوضة شكلاً وموضوعاً، لن تغير من الطبيعة القانونية والتاريخية للحصص المائية الثابتة لكل من مصر والسودان، والمعترف بها دولياً"، مطالباً إثيوبيا بـ"الامتناع عن اتخاذ أية إجراءات أحادية تلحق الضرر بالمصالح المائية لدول المصب".
اقرأ أيضاً: الرئيس السيسي يناقش مع نظيره السنغالي ملف سد النهضة
أما السودان، فأعلن كذلك، رفضه للإجراءات الأثيوبية الأحادية ووصف بدء تشغيل التوربينات بأنه خرق جوهري لالتزامات إثيوبيا القانونية الدولية، وقال فريق التفاوض السوداني، في بيان أن السودان يؤكد "موقفه الرافض لكل الإجراءات أحادية الجانب في كل ما يتعلق بملء وتشغيل السد، ويرى أن ما تم اتخاذه من إجراءات لا سيما الملء الأول والثاني والإجراء الأخير المتعلق ببدء تشغيل توربينات توليد الكهرباء، أمر يتنافى مع روح التعاون ويشكل خرقاً جوهرياً للالتزامات القانونية الدولية لإثيوبيا، كما يخالف ما تم الاتفاق عليه بين الدول الثلاث في إعلان المبادئ".
إعلان المبادئ 2015
وجدد البيان موقف السودان في ملف السد "المتمثل في ضرورة الوصول الى اتفاق قانوني بشأن ملء وتشغيل السد"، وأن موقفه قائم "على مرجعية القانون الدولي، وإعلان المبادئ المُوقع في مارس 2015 بواسطة الدول الثلاث"، وأضاف أن السودان يؤكد أن مشاركته، في جميع جولات التفاوض، تنطلق من قناعته بإمكانية تحقيق اتفاق يُراعي مصالح الأطراف الثلاث، بما في ذلك مبادراته المهمة التي توجت بالتوقيع على اتفاقية إعلان المبادئ بالخرطوم في مارس 2015.
ويتضمن نص "إعلان المبادئ حول مشروع سد النهضة"، "التعاون على أساس التفاهم المشترك، المنفعة المشتركة، حسن النوايا، المكاسب للجميع، ومبادئ القانون الدولي بين مصر وأثيوبيا والسودان"، والتعاون في "تفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب بمختلف مناحيها"، و"ضمان استخدامهم المنصف والمناسب"، بجانب الاتفاق على "الخطوط الإرشادية وقواعد الملء الأول"، و"الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد التشغيل السنوي"، إضافة إلى "إخطار دولتي المصب بأية ظروف غير منظورة أو طارئة تستدعي إعادة الضبط لعملية تشغيل السد".
اقرأ أيضاً: مصر توجّه خطاباً إلى مجلس الأمن بشأن بدء إثيوبيا تشغيل سد النهضة
كما تنص على أن "تتعاون الدول الثلاث على أساس السيادة المتساوية، وحدة إقليم الدولة، المنفعة المشتركة وحسن النوايا، بهدف تحقيق الاستخدام الأمثل والحماية المناسبة للنهر"، بجانب ضرورة قيام "الدول الثلاث بتسوية منازعاتهم الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق، بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقاً لمبدأ حسن النوايا".
كذلك تضمنت، أنه في حال "لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول/رئيس الحكومة"، وبالنظر إلى هذه البنود وغيرها، الواردة في إعلان المبادئ، يتضح بشكل أو بآخر، أن أثيوبيا خرقت الإعلان، وفرضت أمراً واقعاً، ليس من الممكن تخمين نتائجه وعواقبه المستقبلية.
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!