-
سجن "إيفين".. المسلخ البشري الإيراني الأول على مستوى العالم
ترتكب السلطات الأمنية في طهران انتهاكات عديدة بحق النشطاء والمعارضين من خلال اعتقالهم وترحيلهم إلى سجون إيرانية معروفة بتدني الظروف الصحية فيها، بجانب تصفية عدد من الناشطين والمعتقلين فيها، أسهرها سجن "إيفين" الذي يغصّ بمجموعة من سجناء الرأي قبل وبعد الثورة الإيرانية عام 1979.
جامعة إيفين
سمي سجن "إيفين" بجامعة إيفين، نظراً لوجود عدد كبير من المثقفين الذين يحتويهم هذا السجن، ويعتبر مقبرة للسياسيين والمعارضين الإيرانيين، تحمي هذه الجدران التي بداخلها الآلاف من المعتقلين حراس أمنيين لهم ارتباط خاص بالحرس الثوري، حيث سجن هنا شخصيات إيرانية معروفة، مثل محمد رضا رحيمي، المساعد الأول للرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد ومهدي هاشمي نجل علي أكبر هاشمي رفسنجاني، رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، والناشط داود رضوي الناشط العمالي.
زنازين للقتل والإعدامات
تم بناء السجن عام 1962 في عهد شاه إيران محمد رضا بهلوي، في منطقة سعادت آباد في العاصمة طهران، بمساحة تزيد على 43 هكتاراً، وتم تقسيم السجن حسب الشخصيات والتهم، فكان لجناح 209 الذي يدار من قبل المخابرات الإيرانية والحرس الثوري النصيب الأكبر من الشهرة، من خلال جلب المعارضين المعروفين إليه، وتعرضهم للقتل والتعذيب فيه، بجانب جناح 350 الذي يدار من قبل السلطة القضائية ويسمى بالشعبة الثالثة، صمّم منذ البداية ليتسع لـ320 سجيناً، منه 20 في زنزانات انفرادية، و300 في قطاعين جماعيين كبيرين، فيما تمت توسعته ليحتوي على أكثر من 1500 سجين بما في ذلك 100 زنزانة انفرادية للسجناء السياسيين الأكثر أهمية، فيما بعد وُسّع في عهد الملالي، وبات يتسع لـ 15 ألف سجين.
المهندسة ريحانة جباري من أشهر ضحايا السجن
اشتهر السجن بصيته السيء في عهد النظام البهلوي؛ وما لبث أن بدأت الأخبار تتزايد حول الظروف السيئة في هذا السجن عقب الثورة الإيرانية عام 1979 ومع تولي رجال الدين نظام الحكم، حيث بدأت الجرائم ترتكب بشدة بحق المعتقلين السياسيين والمعارضين لحكم الملالي.
وفي عهد حسن روحاني أصبح السجن معروفاً على المستوى العالمي، حيث تم هناك إعدام المهندسة الإيرانية ريحانة جباري، بعد دفاعها عن نفسها أمام محاولة اعتداء من قبل مسؤول إيراني سابق بالاستخبارات الإيرانية، بجانب اعتقال حارس مرمى نادي بيروزي الإيراني اللاعب سوشا مكاني هناك، والذي أفرج عنه بكفالة قبل أيام.
برز اسم محمد كجويي، خلال فترة توليه إدارة السجن، حيث نفذ سلسلة إعدامات شملت كبار الضباط والمسؤولين في عهد الشاه، منهم رئيس وزراء في ذلك العهد عباس كجويي، وبعد اغتيال كجويي عام 1981 أطلق اسمه على أحد السجون في مدينة كرج الواقعة شمال غربي العاصمة.
مجزرة تبييض السجون
عام 1988 قام أسد الله لاجوردي بإدارة السجن، وارتكب مجزرة "تبييض السجون"، حين أمر بها المرجع الأعلى للشيعية روح الله الخميني عقب الحرب الإيرانية العراقية، وذلك تحت اسم تصفية من وصفوهم بالمرتدين والملحدين، وتم إعدام الآلاف، أغلبهم من أنصار مجاهدي خلق.
كما خصصت أجنحة خاصة فيها غرف للمتهمين بأجرام وأحكام الإعدام، فيها أعدم أبرز معتقلي مجاهدي خلق المعارضة، وفي فترة حكم الخميني مع مطلع الثمانينات، كانت الغرفة التي تبلغ مساحتها 36 متراً مربعاً تحتضن في بعض الأحيان أكثر من 120 سجيناً، بحسب تقرير لمجاهدي خلق المعارضة.
التعذيب الأبيض
أشتهر هذا السجن بنوع من أنواع التعذيب يسمى التعذيب الأبيض، "شکنجه سفید" حيث يسلخ من خلاله الآلاف من المعارضين السياسيين الإيرانيين، وهو نوع من أنواع التعذيب النفسي، يتضمن وحشية في الحرمان الحسي، يجعل من المعتقل يفقد هويته الشخصية مع انخفاض إنتاجه البشري من خلال فترات طويلة من العزلة.
عام 2004 وثّقت منظمة العفو الدولية أدلة دامغة تتعلق بالتعذيب الأبيض الذي مورس على أمیر عباس فخر آور، من الحرس الثوري.
اعتداءات جنسية على النساء وإعدامات للأطفال
بجانب أنواع وطرق التعذيب النفسية، ظهرت تقارير دولية تتحدث عن تعرض نساء إيرانيات لحالات التعذيب وإساءة من خلال تصويرهن في الحمامات، من خلال كاميرات سرية في القاطع الثاني الخاص بالنساء والذي تشرف عليه استخبارات الحرس الثوري الإيراني.
ولم تكتفي إدارة السجن بتعذيب واعتقال النساء والرجال المعارضين فقط، بل سجنت العديد من الأحداث تحت سن الـ18، ووجهت اتهامات أممية بانتهاك القانون الدولي وإعدام أحداث حُكم عليهم بارتكاب جرائم عندما كانوا تحت سن الـ18، خلافًا للقانون الدولي والتزاماتها بموجب القوانين الدولية، بجانب عمليات الإعدام التي شملت هؤلاء الأطفال.
اللبناني نزار زكا آخر الناجين من سجن إيفين
وكان قد اعتقل في سجن إيفين خبير التكنولوجيا والمعلومات المعتقل اللبناني السابق، نزار زكا، الذي تعرض لأسوأ أنواع التعذيب الجسدي، وبعد ذلك بدأ التعذيب النفسي، حيث أفرج عنه بعد تدخلات من لبنان، وبعد خروجه أكد وجود مئات المعتقلين ظلماً، فيما كشف أنه كان معتقلاً مع 3 سجناء، أميركي وبريطاني ونمساوي في سجن إيفين.
وأضاف أن هناك أشخاصاً أبرياء من جنسيات عربية من العراق وأخرى مقيمة في أميركا والسويد وإنجلترا والنمسا داخل السجن، وكشف أنه تعرض خلال الفترة الأولى لضغوط لا توصف من قبل عناصر الحرس الثوري لكي يقول إنه جاسوس، إلا أنه رفض ذلك، قائلاً إنه وضع لأكثر من سنة في سجن انفرادي، ثم نقل بعدها إلى زنزانة مشتركة.
وخلال الإفراج عنه ووصوله إلى لبنان، أكد أن الحرس الثوري هو من قام باعتقاله وليس المخابرات الرسمية، لأنه دعي إلى طهران من قبل الدولة الإيرانية، فقد وجهت له دعوة رسمية عام 2015 من قبل نائبة رئيس الجمهورية الإيرانية، حسن روحاني، للمشاركة في مؤتمر تقنية المعلومات وخلق فرص عمل للنساء.
هذا ويضاف هذا السجن إلى مئات من الانتهاكات التي تمارسها سلطات الملالي في إيران، حيث يعتبر سجن إيفين الإيراني إحدى المقابر الجماعية التي يتعرض فيها سجناء ومعتقلين سياسيين، وناشطين وصحفيين لأعنف أنواع التعذيب، إلى جانب عمليات القتل والتفنن بأنواع تعذيب جديدة، مع منع أية جهات دولية بزيارة السجن أو الكشف عنه.
خاص ليفانت
إعداد ومتابعة: شيار خليل
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!