الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • ستيفاني وليامز.. جردة حساب مع نهاية خدمتها في ليبيا

ستيفاني وليامز.. جردة حساب مع نهاية خدمتها في ليبيا
ستيفاني وليامز \ ليفانت نيوز

أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس في ديسمبر العام 2021، عن تعيين الدبلوماسية الأميركية ستيفاني وليامز كمستشارة له للشأن الليبي، وذلك ضمن محاولات رأب الصدع في بلد عاش حرب أهلية مدمرة بين الشرق والغرب، في ظل تدخل قوى إقليمية ساعية لإعادة غطرستها التاريخية من بوابة دعم مليشيات الإسلام السياسي على وجه الخصوص.

لكن الدبلوماسية الأمريكية، التي حققت بعض النجاحات في عملها وساهمت في رسم طريق للسلام، توجهت لترك منصبها ومهامها، فيما لا يزال الوضع الليبي متوتراً، مع احتمالات نشوب حرب أهلية جديدة، وهذه المرة ليس بين الشرق والغرب الليبي، وإنما بين أقطاب متناحرة في الغرب الليبي، مع وجود حكومتي فتحي باشاغا وعبد الحميد الدبيبة، اللتان تتنازعان الشرعية.

الموقف من الانتخابات

كان للمستشارة الأممية الخاصة بشأن ليبيا، مواقف جلية في قضايا شائكة كثيرة، ففي ملف الانتخابات التي عجزت حكومة عبد الحميد الدبيبة عن تنظيمها سابقاً، قالت وليامز، منتصف أبريل الماضي، إن الحل النهائي للأزمة في ليبيا يأتي عبر انتخابات تبنى على قاعدة دستورية متينة، وذلك خلال مشاورات اللجنة المشتركة المؤلفة من مجلسي: النواب، و"الأعلى للدولة" الليبيين، التي انطلقت في القاهرة آنذاك، برعاية أممية "بهدف تحديد قاعدة دستورية لإجراء انتخابات حرة تتسم بالمصداقية والشفافية والشمولية".

اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة تحذّر من استمرار الانقسامات السياسية في ليبيا

وقالت حينها، في الكلمة الافتتاحية، إن "الشعب الليبي عامة يؤمن بأن الحل النهائي للقضايا التي تؤرّق ليبيا يأتي عبر انتخابات تُجرى بناء على قاعدة دستورية متينة، وإطار انتخابي يمثل حماية للعملية الانتخابية بمعالم واضحة وجداول زمنية تُمكن من المضي قدما"، وخاطبت ممثلي المجلسين، بالقول إن "دوركم حاسم في إيصال صوتكم دعماً لـ 2.8 مليون من مواطنيكم في ليبيا الذين سجلوا للتصويت".

الموقف من النفط الليبي

أما في الملف الاقتصادي والنفطي بالتحديد، فقد شددت ستيفاني وليامز، دوماً على أن ثروة ليبيا النفطية حق أصيل للشعب ويجب التوقف عن تسييس الإنتاج، مؤكدةً أهمية توزيع عائدات النفط الليبي بشفافية وعدل، وقد أردفت في تغريدة على تويتر، في العشرين من أبريل الماضي، أنها التقت برئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي ونائبي الرئيس عبد الله اللافي وموسى الكوني، بجانب القائم بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ومنسق أعمالها ريزدون زينينغا.

اقرأ أيضاً: باشاغا: ليبيا يمكن أن تكون مصدراً مستداماً للطاقة إلى أوروبا

وبينت أنها توافقت معهم على ضرورة الحفاظ على الهدوء والوحدة في ظل مناخ الاستقطاب الراهن، فيما نوهت إلى أن ثروة ليبيا النفطية هي حق أصيل لليبيين، وأنه ينبغي ألا يسيس إنتاج النفط، فيما يتوجب إدارة وتوزيع عائدات هذا النفط، كما دعت المبعوثة الأممية، رئيس الحكومة فتحي باشاغا إلى ضرورة النأي عن استخدام النفط الليبي سلاحاً لأغراض سياسية، وتوزيعه بعدل، وقالت إنها دعت، في اتصال هاتفي مع باشاغا، في الثاني والعشرين من أبريل، إلى إنهاء إغلاق النفط، وشددت على ضرورة الحفاظ على الهدوء التام على الأرض في ظل تزايد الاستقطاب السياسي في البلاد.

الدعوة إلى الاستقرار

وحول استمرار اضطراب الأوضاع في ليبيا منذ العام 2011، قالت وليامز، في منتصف مايو الماضي، إن الوقت ينفد بسرعة وأن الشعب الليبي تواق أكثر من أي وقت مضى، للاستقرار، وذلك خلال كلمة في الجلسة الافتتاحية من أعمال الجولة الثانية لاجتماع اللجنة المشتركة المكونة من مجلسي النواب والأعلى للدولة المعنية بالمسار الدستوري.

وصرحت وليامز: "أذكركم بأننا نجتمع هنا لأن الوقت ينفد بسرعة، والشعب الليبي تواق أكثر من أي وقت مضى، للاستقرار الذي لا يمكن أن يتأتى سوى بإجراء انتخابات وطنية على أساس إطار دستوري سليم وتوافقي"، وأضافت: "كما تعرفون لقد بدأت أعمال هذه اللجنة يوم 13 أبريل، ولذلك ننهي أعمالها يوم 28 مايو، يعني خلال 45 يوما"، وتابعت قائلة: "في جميع ما أقوم به رسالتي هي.. بعد أكثر من عقد من الاضطرابات العاتية، سئم الشعب الليبي من الحرب والتنافس الذي لا ينتهي على السلطة التنفيذية والموارد الاقتصادية لليبيا، ويريد اختيار ممثليه كي يتحقق حلمه بالاستقرار والازدهار الذي طال انتظاره".

اقرأ أيضاً: السفارة الأمريكية في ليبيا: يجب عمل القادة الليبيون معاً لصالح البلاد

وتابعت قائلة: "لقد مر شهر على اجتماعنا الأخير، وما تزال ليبيا تراوح في المنعطف الحرج ذاته، الذي لم يتبق من حل له سوى المضي نحو انتخابات وطنية شاملة ونزيهة وشفافة وذات مصداقية احتراماً لإرادة 2.8 مليون مواطن ليبي سجلوا للتصويت"، مشددةً على كل جميع الحلول الأخرى اختُبرت، من الحرب إلى ترتيبات تقاسم السلطة، إلى الحكومات المختلفة، ولم ينجح أي منها، مؤكدة أنه ينبغي أن يكون هذا درساً رئيسياً وتذكيراً لنا بأنه يتعين احترام الحقوق السياسية للشعب الليبي، والمساعدة في إعمالها لاختيار قادته من خلال صناديق الاقتراع.

رفض المواجهات المسلحة

لكن يبدو أن الأطراف التي تسببت بالحرب الأهلية بين الشرق والغرب الليبي، والتابعة للإسلام السياسي في الغرب، لا تزال لم تصل بعد للقناعة التي تحدثت عن وليامز، حول فشل الحرب والحكومات المختلفة، حيث دعت وليامز في السابع عشر من مايو، إلى الحفاظ على الهدوء وحماية المدنيين، وذلك بعد وقوع اشتباكات مسلحة في العاصمة طرابلس، إبان دخول فتحي باشاغا إلى العاصمة طرابلس، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات بين تشكيلات مسلحة مساندة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، واخرى مساندة لرئيس الوزراء الجديد فتحي باشاغا.

اقرأ أيضاً: المبعوثة الأممية إلى ليبيا: الطبقة السياسية تبحث فقط عن المناصب

أما وليامز فقد كتبت عبر "تويتر" تقول: "في ضوء المستجدات الجارية في طرابلس، أودُ أن أُشدد على الحاجة الملحة للحفاظ على الهدوء على الأرض وحماية المدنيين"، وأضافت: "أحث على ضبط النفس والحرص، كضرورة مطلقة، على الامتناع عن الأعمال الاستفزازية، بما في ذلك الكف عن الخطاب التحريضي والمشاركة في الاشتباكات وحشد القوات"، مشددةً على أنه "لا يمكن حل النزاع بالعنف، ولكن بالحوار والتفاوض، ومن أجل ذلك، تظل المساعي الحميدة للأمم المتحدة متاحة لجميع الأطراف التي تؤمن بمساعدة ليبيا، على إيجاد طريق حقيقي وتوافقي للمضي قدما نحو الاستقرار والانتخابات".

الموقف من الطريق السريع

وفي الشأن الإنساني والحياتي لليبيين، دعت وليامز، في الخامس من يوليو الماضي، إلى عدم إغلاق الطريق السريع في ليبيا، مؤكدةً أنه شريان حياة ويجب عدم المساومة بحقوق الليبيين، قائلةً في تغريدة على "تويتر" إن "الطريق شريان حياة ولا يجوز حرمان المواطنين من أبسط حقوقهم منها حرية التنقل بين مختلف مناطق ليبيا شرقاً وغرباً وجنوباً"، مشددة على أنه "ينبغي عدم المساومة بحقوق وحريات الليبيين مهما كان الأمر".

اقرأ أيضاً: باشاغا: هدف الحكومة وحدة ليبيا واستقلالها

كما أكدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أنها تتابع بقلق بالغ التقارير التي تفيد بإغلاق متقطع للطريق الساحلي غرب سرت عند البوابة رقم 50، مشددة على "ضرورة إبقاء هذا الطريق الحيوي مفتوحًا من كلا الاتجاهين لضمان حرية تنقل الأشخاص والبضائع بين المدن".

وليامز تُغادر منصبها

لكن يبدو أن صراعات الليبيين تأبى أن تجد حلاً، أو بالأحرى فإن القوى الإقليمية الداعمة للإسلام السياسي، ليس في صالحها حل الأزمات في ليبيا، كون الحرب مبرر لدعم المليشيات في غرب ليبيا، والسيطرة على مقدرات تلك البلاد.. وعليه أعلنت الأمم المتحدة في التاسع والعشرين من يوليو الماضي، عن أن المستشارة الخاصة للأمين العام المعنية بالشأن الليبي ستيفاني وليامز، ستغادر منصبها نهاية يوليو.

إذ قال فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، من المقر الدائم بنيويورك: "ستيفاني وليامز قامت بعمل مذهل، وأن الأمم كانت تأمل في إمكانية تمديد مدة عملها أكثر من نهاية شهر يوليو، ولكن تبين أن لديها التزامات أخرى"، فيما عبرت وليامز، في الواحد والثلاثين من يوليو، عن شكرها للشعب الليبي، حيث قالت في كلمة بتلك المناسبة، نشرتها عبر حسابها في تويتر، إنه "لا يمكن التغلب على الجمود السياسي الحالي وأزمة السلطة التنفيذية المتكررة إلا من خلال إقرار إطار دستوري توافقي يحدد محطات واضحة، ويؤسس للعقد بين الحاكم والمحكوم، ويضع ضوابط لإنهاء الفترة الانتقالية من خلال الانتخابات الوطنية".

اقرأ أيضاً: قيادات عسكرية من غرب ووسط ليبيا تدعم حكومة باشاغا

كذلك أضافت أنه "تقع على عاتق القادة الليبيين مسؤولية جلية تجاه مواطنيهم والأجيال القادمة لتقديم التنازلات التاريخية اللازمة لإتاحة الفرصة لتحقيق الإنجاز المنشود"، مؤكدةً أنها منذ بدء مهمتها وضعت على رأس أولوياتها الاستماع إلى ملايين الليبيين الذين تسجلوا للذهاب إلى صناديق الاقتراع للتصويت واستعادة شرعية مؤسسات البلد عبر انتخابات وطنية، مشددة على ضرورة محاسبة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة على أفعالهم كي يتسنى للبلد المضي قدماً.

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!