-
زيارة جو بايدن الشرق أوسطية: ترحيب بقبضة ووداع بلا نفط
ما زالت تداعيات زيارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى الرياض تُلقي بظلالها على مُتعاطي السياسة، ومادة الحديث الأساسية في أروقة الحكم في واشنطن، في وقت اتفق فيه الإعلام الأمريكي لأول مرة في تاريخه بالهجوم على الرئيس الأمريكي، ناقداً الصورة المهتزة التي ظهر بها زعيم أمريكا الديمقراطي خلال قمة جدة.
توجه جو بايدن إلى المملكة العربية السعودية وفي رأسه 3 أهداف، أولها ألا يصافح ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان وثانيها تشكيل تحالف عربي شرق أوسطي عسكري ضد إيران ودمج المملكة في برنامج صاروخي مع إسرائيل، وثالثها أن يخفض سعر النفط بفرض زيادة الإنتاج التي لطالما رفضها ولي العهد السعودي.
ولكنه عاد خالي الوفاض دون تحقيق أي هدف من أهداف زيارته للمملكة، بل وساهم في كسر العزلة عن المملكة العربية السعودية وولي عهدها والتطبيع مع نظامها، وقد زادت الطين بلة مصافحة القبضة بينه وبين ابن سلمان التي وصفتها الصحف الأمريكية بمصافحة رئيس أمريكي لقاتل، وذلك بسب جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي والسجل الحقوقي لابن سلمان والحرب على اليمن.
منذ عام 2003 وأنا أتابع السياسة الأمريكية حول العالم، ورغم أني لست واثقاً مئة بالمئة إلا أني لم أرَ تخبطاً في إدارة رئيس أمريكي كالتخبط الحاصل الآن في إدارة جو بايدن حتى مقارنة بسلفه دونالد ترامب، تخبطاً ظهر منذ الأيام الأولى لتوليه الحكم.
فداخلياً، عجزت إدارة بايدن عن ضبط السلاح المنفلت في الشوارع وتزايد وتيرة الهجمات والقتل يرافق ذلك الفشل في معالجة قضية التأمين الصحي التي باتت تقضّ مضجع المواطن الأمريكي وتنامي ثقافة العنف والكراهية داخل المجتمع وتزايد الفجوة بين الفقراء والأغنياء وتفاوت الدخل، أما خارجياً فيظهر فشل بايدن في معالجة الملفات الساخنة، خصوصاً مع عدم محاسبة ابن سلمان وعدم تسوية ملف الأزمة السورية وعدم القدرة على إنهاء الحرب في اليمن والموقف المتذبذب من الأزمة الأوكرانية ـ الروسية، إضافة إلى العلاقات المتوترة مع أنقرة، والانسحاب الخاطئ من الشرق الأوسط في وقت يزداد فيه النفوذ الصيني والتركي والروسي والإيراني في المنطقة، إضافة إلى زلات لسانه المتكررة والتي أصبحت محل سخرية وتندر في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.
وقد ساهمت زيارته الأخيرة إلى المملكة في تراجع شعبيته، وذلك بسبب كيفية تعامل السعودية مع مطالب الرئيس الأمريكي ومظاهر استقباله المهينة في مطار جدة التي كسرت فيها المملكة ولأول مرة البروتوكولات المتعارف عليها في استقبال زعيم من الزعماء، حيث استقبل ولي العهد شخصياً في مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة قادة مصر والكويت والإمارات والبحرين وقطر والأردن، في حين تم استقبال الرئيس الأمريكي من قبل أمير منطقة مكة، الأمير خالد الفيصل، وهي رسالة واضحة للعيان مفادها أن العلاقات السعودية الأمريكية تمر بأسوأ حالاتها.
لعل الهجوم الكلامي والإعلامي الأمريكي على ولي العهد السعودي على خلفية مقتل الصحفي جمال خاشقجي وسجل المملكة في حقوق الإنسان والانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط، دفع ولي العهد إلى التحالف مع روسيا والصين وتحسين العلاقات مع تركيا وإيران على حساب الولايات المتحدة الأمريكية التي فقدت حليفاً تقليدياً في المنطقة، كان الأجدر احتواءه بدل التخلي عنه. ولا شك أن زيارة بايدن تعد انتصاراً سياسياً لمحمد بن سلمان في جولة شرق أوسطية تستهدف إعادة ضبط العلاقات وهو الفوز الذي تحقق حتى قبل أن يبدأ الرئيس اجتماعه مع ولي العهد السعودي، مقابل فشل وتخبط أمريكيين في إدارة الأزمات.
ليفانت – ماهر لطيف
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!