الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • رحلة مع ضريبة تعريف الخليوي تبدأ مع بشار اسماعيل

رحلة مع ضريبة تعريف الخليوي تبدأ مع بشار اسماعيل
رحلة مع ضريبة تعريف الخليوي تبدأ مع بشار اسماعيل

يحوم الفرح حول قلوب السوريين متأنفًا عن طرق أبوابها، كبوصلة أضاعت طريقها. ويبدو أن هذا ما حدث مع الفنان السوري " بشار اسماعيل"

ليفانت

اليمام يونس- دمشق


 


يحوم الفرح حول قلوب السوريين متأنفًا عن طرق أبوابها، كبوصلة أضاعت طريقها. ويبدو أن هذا ما حدث مع الفنان السوري "بشار اسماعيل" الذي كان قريبًا من الفرح بجواله الجديد S9، لولا صدمته عندما وصل إلى شركة الاتصالات السورية "سرياتيل". دخل الشركة،وكان الفرق واضحًا بين بلاط الداخل وعفورة الأرصفة التي تعج بالباعة الجوالين.




أمّا وقد تحسس برودة التكييف بعد أن امتلئ أنفه بقيظ الهواء العبق بهموم المارة!، وصل إلى موظف الاستقبال العشريني ذو الشعر المرتب بعناية فائقة، واستفسر عن التعريف لجواله الجديد S9، وحين صرّح له الموظف عن المبلغ اللازم لذلك، وهو 75 ألف ليرة سورية، انتفض ثائرًا في وجهه وقال لهم :"أنتم تربحون أكثر من الشركة الصانعة، ماذا عدلّتم به، وما الميزة التي أضفتموها أو ماذا اخترعتم حتى تطلبوا هذا المبلغ" ثم سحب شريحة الهاتف وكسر حلمه على بلاط " سيرياتيل".




آخرُ "لوحات" بشار اسماعيل، تلك التي مرت آنفًا وقد نشر بثًا مباشرًا الأسبوع الماضي  يسرد فيه الحادثة على صفحته الرسمية على الفيس بوك وتداولتها وسائل التواصل الاجتماعي في سياق تبدو فيه منشورات الممثل المقرّب من بعض دوائر القرار في السلطة، مدروسة، في أجواء مضغوطة وحامية، اضطرت بسببها الحكومة لفتح قنوات ضمن شروطها وحدودها ومواضيعها لتكون حدث الأسبوع أو الشهر، كهامش حرية واسع تحدث فيه وزير الإعلام مؤخرا_بلا حدود حمراء_  من أجل التعمية على ملفات أكبر وأكثر أهمية وحساسية.



 




مابين فكي وزارة الاتصالات وكمّاشة الجمارك…"طاسة ضايعة"


بالعودة إلى سبب غصة "بشار اسماعيل" من ضريبة الرفاهية على تعريف الشبكة "إن جاز التعبير" والتي وصلت على موبايل S9 سامسونغ إلى 75 ألف ليرة سورية أي ما يقارب 140 دولارًا بأسعار اليوم.




كانت قد جاءت هذه الضريبة لتتناسب مع الرسوم الجديدة لاستيراد الأجهزة الخلوية عبر مديرية الجمارك حسب فئة الجهاز الخلوي( المواصفات الفنية- السعر الرائج) بناءً على ما أعلنته الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات حيث تم تعديل بدلات التصريح الإفرادي عن الأجهزة الخلوية لتصبح أربعة بدلاً من اثنين ابتداءً من 1/ 4/ 2019 ويكون كالتالي:

15000 ل.س الشريحة الأولى.

30000 ل.س الشريحة الثانية.

60000 ل.س الشريحة الثالثة.

75000ل.س الشريحة الرابعة.




وفي سياق، الحملة الوطنية" جهازك الخلوي مسؤوليتك" التي أطلقتها الوزارة. تبدو هبة. س العاملة في شركة "سيرياتيل" من أشد مشجعي هذا القرار، فيما كانت ترتّب ياقة قميصها الأبيض غير مبالية، علقت قائلة لمراسل ليفانت " لما عليهم أن يستمتعوا بجوال يساوي 200 ألف فما فوق دون أن يدفعوا ضريبة للدولة على هذه الرفاهية" وعندما سألناها، كم تتقاضى "سيرياتيل" من هذه الضريبة؟ أجابت والابتسامة تعلو وجهها: هي 800 ليرة سورية فقط لا غير .


وبالعودة إلى الوراء قليلا، كانت وزارة الاتصالات والتقانة قد رفعت رسوم التصريح عن الأجهزة الذكية عدة مرات كان آخرها بنهاية 2017 ، مرجعة السبب لحمْل المستوردين والتجار لاستيراد الأجهزة عبر القنوات النظامية. وفي تشرين الثاني 2016 كانت كلفة تسجيل الجهاز الخليوي ب 10آلاف ليرة على أن تتقاضى سيرياتل أجرًا مقابل خدمة التصريح عنه تعادل 800 ليرة سورية.


ونفى معاون المدير العام للجمارك "سميح كسيري" في تصريح له لصحيفة الوطن شبه الرسمية بشكل قاطع حدوث أي زيادة على الرسوم الجمركية التي تتقاضاها الجمارك، موضحًا أن أي تعديل يحتاج لمرسوم يسبقه الكثير من المناقشات والمسودات التي يتم العمل عليها وهو مالم يحدث أبدًا.

فقد أوردت الصحيفة نفسها استنادًا إلى مذكرة، قالت أنها اطلعت عليها، تفيد بتوجيه مديريات الجمارك للعمل بالأسعار الاسترشادية الجديدة بناءً على كتاب وزارة الاتصالات والتقانة الصادر في الثالث من شهر شباط 2019.



من عقود B.O.T إلى عقود تراخيص!..ماكان يجب أن يكون للدولة ذهب مع الريح!


تتقاسم شركة الاتصالات "سيرياتيل" مع شركة MTN، السيطرة على هذا القطاع الحيوي الهام في الاقتصاد السوري. وعن البداية، فقد تأسست شركة سيرياتل عام 2000، وشركة MTN عام 2001،  بعقود شراكة مع وزارة الاتصالات والتقانة بنظام البناء والتشغيل والنقل الــ B.O.T (BUILD OPERATE TRANSFER)، وتتلخص فكرة هذه العقود المحددة بأجل معين، بأن يقوم المستثمر موقّع العقد ببناء مشروع معين يشغّله ويجني الأرباح منه، وبعد انقضاء فترة تشغيله يقوم بنقل ملكيته للدولة متمثلة بالجهة التي أبرمت معه العقد.


لاحقًا، بعد أن نص قانون الاتصالات رقم /18/ الصادر في عام 2010 على إعادة هيكلة قطاع الاتصالات، قام مجلس الوزراء في نهاية عام 2014 بالموافقة على تحويل عقود B.O.T لشركتي الخليوي إلى عقود تراخيص، ما يعني تحويل الشركتين لشركات خاصة، والتنازل عن نقل ملكيتهما للدولة! وأما الحجة فكانت إدخال مشغل ثالث من أجل خلق التنافسية. وإلى اليوم لم يدخل أي مشغل إلى البلد حتى من طرف حلفاء الحكومة السورية..إنها الكعكة التي لا تقتسم.


تعويض الهدر و نهب المال العام من جيوب المواطنين بدلا من المحاسبة



إذا سألنا أيّ مواطن سوري داخل سوريا أو خارجها بأن يذكر اسمًا واحدًا تداولت فيه الأوساط الشعبية قضايا فساده، أو من سبق أن أحيل للرقابة والتفتيش أو حتى القضاء وسُجن. قلما تجد من يذكر اسمًا. يبدو أن المحاسبة نفسها كفعل بما يحمل من شرعية شعبية تمثلها مؤسسة القضاء، يتم إسقاطه دائمًا كيلا تمتد ذراعه إلى المحرمات.

في استطلاع صغير حول هذه النقطة إتّفق المُستَطلَعون على خلاصةٍ مفادها، بأن المحاسبة ستكشف حبلًا جرارًا من شبكات الفساد تصل إلى مستويات عليا.

يشرح الراحل د. طيب تيزيني في مقابلة له في مدينته حمص عرضها تلفزيون الغد في برنامج قنديل عام 2017  قائلًا: إن السلطة ومنظومة الحكم تسعى لإفساد الجميع، ليكونوا مدانين تحت الطلب. وننطلق من هذه العبارة الحيوية والمكثّفة في فهم تثبيط أداة المحاسبة، لأن شبكات الفساد مترابطة تبدأ من الأعلى وحتى منصب مدير صغير.

وفي وقت أكل فيه الشعب السوري لحوم المرتديلا الفاسدة، ودُفنت فيه النفايات الكيماوية في تدمر لم يحاسب أحد، فالمحاسبة تعني جر الجميع.

تبدو الضرائب إذًا إحدى الوسائل التي يهرب منها أي نظام حكم استبدادي لتعويض الفاقد بسبب السرقات والهدر والصفقات الظالمة لحساب المتنفذين المسكوت عنهم، كما السيد "10 بالمئة " رامي مخلوف.


أنا أدفع ثمن هديتي


كان حسن.م طالب ماجستير في جامعة دمشق ينقل بعض المعلومات التي بحث عنها في هاتفه الذكي الجديد، الذي وصله من خاله في ألمانيا. وعندما سألته عن المبلغ الذي دفعه لقاء التصريح عن جواله قال ضاحكًا: نعم لقد دفعت ثمن الهدية التي وصلتني وهل يُدفع ثمن الهدية في أي بلد سوى هنا، براءة اختراع أليس كذلك؟!


ولدى سؤال مراسل "ليفانت" لأحد العاملين في وكالة شركة سامسونج برهان. س عن المبلغ الجمركي الذي تدفعه الشركة لقاء دخول هواتف ذكية لسامسونج، أجاب أنه لايعلم المبلغ بالضبط ولكن المبلغ أقل بكثير مقارنةً بالمبلغ المدفوع للهواتف التي لاتأتي عن طريق الجمارك وبشكل نظامي، وشركة سامسونج هي التي تدفع هذا المبلغ إذ يصل إلى الوكالة مجمرك، والهدف من هذا الأمر هو الحد من التهريب.




وهنا يتبادر إلى أذهاننا السؤال التالي

هل الأجهزة الذكية  فقط  هي التي يجب الحدُّ من تهريبها، حفاظًا على الاقتصاد الوطني السوري!!!، أليس هناك ملايين من الدولارات تهرّب خارج البلد، و صفقات جائرة بحق الدولة كالخليوي والأسواق الحرة و امتيازات التبغ والتنباك و المشروبات الروحية...  وامتيازات الاستيراد لبعض المواد التموينية كالسكر والأدوية والإسمنت وغيرها.




وليس أخيرًا، ما يتعلّق بالأدوية الفاسدة والحبوب المضروبة والمتعفنة التي طحنتها البطون السورية، من دون أي مساءلة من قِبَل الحكومات المتعاقبة منذ بداية عهد الرئيس الحالي، للحد من هذه الظواهر وتقديم أسماء للمحاسبة والمحاكمة، و مازالت البوصلة تضلّ طريقها في الإشارة حتى للفاعل الحقيقي!.

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!