الوضع المظلم
الأحد ١٩ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
رجل الظلام .. عراب المال السياسي
د. إبراهيم بن جلال فضلون

the god father : שלדון אדלסון


ترفع هاتفك الخليوي وتتصل بأحد ما في نبراسكا، وتقول أطلقه، حينها تعبر القنبلة الذرية على ظهر صاروخ باليستي، وتنفجر في أي مكان، ثم تقول هل رأيتم؟، ستكون التالية في قلب طهران، إنه رجل الظلام الذي صنع ترامب وقبله نتنياهو وغيرهما، يكسب اعترافًا بعاصمة اسرائيل "القدس المُحتلة"، ويمنع قيام دولة فلسطينية، ويلغي اتفاق إيران النووي، ويبقى أمامه حُلمُ واحد لم يتحقق بعد، ضرب إيران، بسلاح نووي، وهو عين الصواب فيمن يحلم كونها راعية الإرهاب في العالم، لكن "الأب الروحي" لعصابات المافيا الذي قرأت عنه، وكان إحدى ترجماتي للعربية، عن دار مشارق للنشر، يحكي قصة رجل واحد يتحكم بكل شيء، ويحصل على ما يريد، يذكرنا والأمريكيين، بفيلمthe god father، وها هو شيلدون أديلسون أحد صقور الصهيونية والماسونية، يفعل ما يريد في منطقة الشرق الأوسط، بل والعالم واليد الطولي في تمويل إنشاء السفارة الأمريكية بالقدس، بحوالي 500 مليون $، قضي حياته بجمع المال وعشق اسرائيل، لتصل ثروته 44 مليار $.


تذكرون مشهد افتتاح السفارة الأمريكية في القدس؟، هو حدث غير عادي، انتظرته اسرائيل واليهود طويلاً، لكن هل لاحظتم شيئاً غريباً أثناء الاحتفال؟ رجلاً بارزاً، ليس شخصاً عادياً، بل هو رجل السفارة نفسه، الذي دائماً ما يسخر من المُسلمين، وتجد بصماته محفورة في معظم قرارات ترامب التي تُشكل العالم، وأدخله إلى البيت الأبيض، حتى انتزع مؤخراً قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.. لما لا، وهو صانع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وصاحب أكبر صحيفة يومية مجانية تداولًا في إسرائيل، ويتبجح قائلاً: "إنه لا وجود لشيء اسمه شعب فلسطيني، ولا أعرف لماذا نتحدث إلى هؤلاء الناس الفلسطينيين، ونشعر أننا مضطرون للحديث عن حل الدولتين؟"؛ ليُجيب الكاتب الإسرائيلي أورى أفنيرى، على سؤال استنكاري مُثير حول من يحكم إسرائيل؟ فقال: "في إسرائيل أديلسون، هو الحاكم الحقيقي".


الذي يرى أنه ينبغي ألا تكون هناك دولة فلسطينية، بتأييد الصهاينة المتطرفون، واستخدامهم "يهودا والسامرة" دلالة لأسماء المواقع التوراتية، مُدعياً أن فلسطين لم تكن موجودة حقاً، بل "مُخترعة"، هيهات هيهات!!، العرب الذين خُلقوا مع الوجود، كأقدم حضارة على وجه الأرض يرجع تاريخها لأكثر مَن 10 آلاف سنة ..أم قوم يهود وحضارتهم التي بُنيت من سنين، ويدَعُونَ أن اليهودية هي أُم اللُغات وأن الأرض أرضهم؟!! ساخراً من الإسلام قائلاً: "الرجل الذي يُقتل شهيداً، يذهب إلى الجنة ويقابل 72 من الحور العين، لا أستطيع معرفة ما الذي اقترفته الحوريات من ذنب، ليفعل بهن ذلك؟".. لعل الله يجعل يوم كُلِ مُتجرِّئ على الإسلام كنفوق القاتل أرئيل شارون أحد أكبر مجرمي التاريخ عبرة وموعظة لمن ألقى السمع وهو شهيد، بعد غيبوبة استمرت ثماني سنوات، طالب الموت كل يوم، ليتحلل جسده عذاباً، ويذهب كما ذهب كل الطغاة عبر التاريخ بعُمر 85 عامًا، فهل سيلحقه أديلسون بعد عام وهو ابن 84 عاماً الآن.. ليستوقفني رداً علي أعمالهم قول الله تعالي في سورة النمل 69: (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ).


أنه ليس مجرد فاعل خير، إنه أبرز اللاعبين في العلاقات الإسرائيلية الأمريكية. والقوة المُحافظة في السياسة الأمريكية، الذي انتقده أوباما: "هل عرفتم أن شيلدون أنفق مائة مليون دولار، من ماله الخاص في العام الفائت، على الدعاية السلبية؟، عليك أن تُبغضني حقاً، لكي تُنفق مبلغاً كهذا من المال، إنك ورجال الأعمال تتهربون من مليارات الضرائب التي رفعت عدة جهات قضايا ضدهم أمام المحاكم الدولية، حتى الآن"، ليواجه أديلسون فحصًا دقيقًا في أموال شركته الرائدة "لاس فيجاس (LVS)، وغيرها من الكازينوهات في قطاع ماكاو الصيني. وغيرها ممن يُمكنها إزاحة الستار عن مهازل قد تشوِّه سمعته ونفوذه السياسي، ليكون الله له بالمرصاد.


مشروع تلو الآخر، حتى بلغت ثروته 27 مليار $، بحلول 2007، مُتقرباً من صداقة الحزب الجمهوري الأمريكي، صاحب قوانين الضرائب المُخففة، ثم مصادقة الإسرائيليين بزواجه عام 1991 من الطبيبة الاسرائيلية ميريام أوكشوم، وإقامة حفل زفافهما بالقدس المحتلة، ولأول مرة أصبح الكنيست صالة أفراح، ليكتب فصلاً جديداً في فصول حكاية حُبه لإسرائيل، داعماً عام 1996 حملة نتنياهو الانتخابية، بإنشاء صحيفة اسرائيل اليوم بتكلفة 180مليون $، وجعلها بالمجان، بهدف تلميع صورة نتنياهو وبث آراء اليمين المتطرف، بل وأنفق 50 مليون $، لتشييد متحف الهولوكوست، وشيّد جامعة آرييل بـ25 مليون $، ومول مؤسسة تغريت المنظمة لرحلات تعزيز ارتباط اليهود الأمريكيين بإسرائيل، بتكلفة 70 مليون دولار، وبفضله سافر ضمن البرنامج 600 ألف سائح أمريكي يهودي حتى اليوم، فكان الرجل أبرز من حول حُلُم افتتاح سفارة اسرائيلية في القدس، والحقيقة، وقبل افتتاحها بعدة أشهر تعهد للخارجية الأمريكية، بدفع 500 مليون $، لذا كان طبيعياً أن يقف في الصف الأول، بينما وزراء نتنياهو، وقفوا في الصف الثالث.. ليُنفق في عام 2008 - 200 مليون $، لمنظمة فريدوم ووتش، غير الربحية، بهدف تلميع صور المرشحين الجمهوريين في الانتخابات، تلتها بأربع سنوات 120 مليون $ أخرى، لدعم المرشحين الجمهوريين في مواجهة أوباما، الذي كان ليستفيد بأكثر من 100 مليون $ كرشوة، مقابل الانسحاب من السباق الرئاسي.


وخسر كل شيء ليُعيدها بأرباح مضاعفة مع فوز ترامب، فهو يُمول سنوياً أكثر من 30 منظمة في أمريكا كتبرعات لصالح G.O.P، لذا يعدُ كما في عام 2016 أكبر ممول سياسي أمريكي على الإطلاق.


تلك المخاوف ظهرت حتى من قِبل حُلفاء الملياردير اليهودي الذين أعربوا عن قلقهم من أن قبول الإدارة الأمريكية عروضه، أثارت غضب واسع في أنحاء العالم العربي وتوتر في العلاقات بين العديد من العواصم العربية وواشنطن.. فهذا مورتون كلاين، رئيس المنظمة الصهيونية الأمريكية غير الهادفة للربح والتي يمثل أديلسون أحد مانحيها، يقول: "أشعر بالقلق من أن الناس سيعتقدون أن ذلك يجرى بسبب مجموعة من الناس الذين يهتمون بها، وليس لأن الحكومة الأمريكية تهتم بذلك". وكذلك ستيف جولدشتاين، مسؤول للدبلوماسية العامة لدى الخارجية الأمريكية، قال: "محامو الوزارة بدأوا يبحثون ما إذا كان من المقبول قبول تبرع خاص لبناء سفارة".


والمفاجأة أن أغنى امرأة في العالم ميريام أديلسون، تتخلى عن ترامب.. وتُراهن على "هايلي"، في السباق الرئاسي الأمريكي للعام 2024، عن الحزب الجمهوري الصاعدة بعدما أصبحت أول امرأة من أصول أمريكية هندية، حاكمة في ولاية كارولينا الجنوبية في العام 2010، من خلال دعمها للمجموعات اليهودية اليمينية المتطرفة.


لقد أثار المتطرف وتابعيه حُنق أكثر من 1.6 مليار مسلم، و2.17 مليار مسيحي، إن لم يكن العالم كلهً، ليصدق وصف فريدمان عن ترامب: "الأحمق وعديم الأخلاق.. يبيع قيمنا بلا مقابل". لتُسجل تجارته خسائر سنوية ومستمرة على مدى عقد وصلت إلى 1.17 مليار $، أكثر من أي دافع أمريكي للضريبة لتُعاني من مشاكل كبيرة، فماذا يخفي ترامب في استمارات الضريبة الباقية؟! ليتأكد للجميع أن ترامب رجل فاشل تجاريًا، على الأقل خلال فترة التسعينات من القرن الماضي، فماذا بقي لدى ترامب لكي يخفيه؟ لتصفهُ " واشنطن بوست" بمُخادع الرأي العام في الحملة الرئاسية عام 2016، (ووعد مرارًا بالكشف عن سجله الضريبي).


في نهاية السفاح المجرم اليهودي، وكل الطغاة والمُجرمين ممن لا يعتبرون ولا يتعظون، قلوبهم عليها ران مُسودة، بما أُشربت من الافتنان بحُب السُلطة والمال، فأصبحت ﻻ تعرف معروفاً، وﻻ تُنكر مُنكراً، وليس فيها شفقة ولا رحمة، فلن ولم تتعظ ولن ولم تَعتبر، ولو لحق العذاب بالبشرية جمعاء..

فعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- قال: سمعتُ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: "تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ، وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لاَ يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلاَ يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلاَّ مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ"، قَالَ أَبُو خَالِدٍ: فَقُلْتُ لِسَعْدٍ: «يَا أَبَا مَالِكٍ مَا «أَسْوَدُ مُرْبَادًّا»؟» قَالَ: «شِدَّةُ الْبَيَاضِ فِي سَوَادٍ». قَالَ: قُلْتُ: فَمَا «الْكُوزُ مُجَخِّيًا»؟ قَالَ: "مَنْكُوسًا"، صحيح مسلم.


النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!