-
دور حزب الله في معاناة الفلسطينيين
في ظل المشهد السياسي المضطرب في الشرق الأوسط، كثيراً ما يصور حزب الله نفسه باعتباره بطلاً لحقوق الفلسطينيين، فيشتبك مع إسرائيل تحت ستار المقاومة ضد القمع. ولكن تحت هذه الواجهة تكمن حقيقة صارخة تحطم ادعاء الجماعة بأي مكانة أخلاقية عليا في القضية الفلسطينية.
إن محنة الفلسطينيين في لبنان، حيث يتمتع حزب الله بنفوذ كبير، تكشف عن حقيقة قاتمة يتجاهلها المعلقون والناشطون الدوليون في كثير من الأحيان. إذ يعيش نحو 270 ألف فلسطيني في لبنان في ظل ظروف لا يمكن وصفها إلا بالتهميش المنهجي ــ وهو ما يبتعد تمام الاختلاف عن الحريات والحقوق التي يتمتع بها المواطنون اللبنانيون. وبسبب حرمانهم من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية الأساسية، يواجه هؤلاء الفلسطينيون قيوداً على ملكية العقارات، والوصول إلى الخدمات العامة، ويُمنعون من ممارسة أكثر من ثلاثين مهنة، الأمر الذي يدفعهم إلى هامش المجتمع. وهذا شكل من أشكال الفصل العنصري المعاصر الذي يتجاهله حزب الله بكل سهولة، رغم أنه يتباهى بموقفه المناهض لإسرائيل.
إن انخراط حزب الله المتكرر مع إسرائيل، والذي يُـؤطَّر في كثير من الأحيان باعتباره تضامناً مع فلسطين، ليس أكثر من لعبة استراتيجية للحفاظ على قوته في لبنان. إن انخراطه في الصراع يصرف الانتباه عن الحقائق على الأرض ــ حيث يظل الفلسطينيون داخل لبنان محاصرين في فراغ قانوني، وحقوقهم الأساسية تُـدَهَس. ولا يمتد ما يسمى بدفاع حزب الله عن الحرية الفلسطينية إلى الدعوة إلى رفاهتهم داخل حدود لبنان، الأمر الذي يكشف عن نفاق خطابه.
إذا كنا نتمنى حقا أن نرى فلسطين حرة، فمن الضروري أن نواجه الحقيقة غير المريحة: إن جماعات مثل حزب الله والحرس الثوري الإيراني ووكلائهم ليسوا محررين. إنهم جزء من الآلية التي تبقي الفلسطينيين مضطهدين، وتستخدم معاناتهم كأداة لألعاب القوة الإقليمية الخاصة بهم. إن القضاء عليهم أمر بالغ الأهمية لأي تقدم حقيقي نحو الحرية الفلسطينية. يتطلب التضامن الحقيقي معالجة ليس فقط المعتدين الخارجيين ولكن أيضًا المضطهدين الداخليين الذين يستغلون القضية الفلسطينية لتحقيق مكاسب سياسية خاصة بهم.
يتعين على الناشطين والمجتمع الدولي أن يطالبوا بالمزيد. إن النضال من أجل فلسطين لن يكتمل إلا بتحرير الفلسطينيين من كل أشكال القمع ــ سواء من جانب إسرائيل أو من جانب قوى داخل المنطقة مثل حزب الله وداعميه.
مايكل أريزانتي
خبير في شؤون الشرق الأوسط وكاتب عمود في صحيفة ليفانت نيوز
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!