الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
درعا وتغير معادلات الأرض
درعا

إنّ الهجمة العنيفة التي شنّها النظام ممثلاً بالفرقة الرابعة والمليشيات الإيرانية وحزب الله على درعا البلد، والتي عملياً باءت بالفشل وتكبد النظام خلالها خسائر ليست بقليلة.


أظهرت هذه الحملة أن النظام والمليشيات الإيرانية باتوا مقيدين ولا يستطيعوا أن يمارسوا القتل والتنكيل والتشريد كما كانوا يفعلون في باقي الأرض السورية، وعلى الأقل في الجنوب السوري، نظراً للالتزامات الروسية المثبتة بعد عام 2018 كمنطقة خفض تصعيد.،يمنع فيها على النظام وإيران وروسيا أيضاً استخدام العنف المفرط في حالات المواجهات إن تمت أو حدثت وكانت نتيجتها توزيع درعا بين منطقة مصالحات وتسويات في منطقة بصرى وريف درعا الشرقي وبقيت المنطقة الغربية بمحاذاة القنيطرة على وضعها والتي تخضع لاتفاق عدم تواجد قوات النظام مع إسرائيل، بينما بقيت وسط درعا، وعلى الخط الدولي وشمالها منطقة تحت السيطرة النسبية لقوات النظام وميليشيات متعددة، فهي منطقة غير مستقرة تكثر فيها الاستهدافات من كل الأطراف، وهي مركز الحدث اليوم.


المشهد الدرعاوي يتعقّد.. محاولات روسية للحل وإيران تحاول فرض سيطرتها


المتتبع لآليات التدخل الروسي خلال فترة حصار منطقة درعا البلد لابد وأن يلحظ أدوات الكبح الروسية التي مارستها على النظام وأعوانه مجبرة إياهم على عدم التمادي في غيهم لتحقيق هدفهم. عملياً روسيا تريد تماماً ما يريده النظام، أي إخلاء درعا البلد من السلاح الخارج عن السيطرة، والتخلص من المتشددين اللذين يرفضون التسوية بكل أشكالها، ولكنها تعرف كيف تستثمر هذا الكره والحقد المبرر من الأهالي على النظام، ليتحول ومع الوقت وطول فترة الاستنزاف من خلال الحصار المطبق على درعا البلد هذا الكم من الرافضين لتواجد النظام بأي شكل كان إلى مطالبين بالتواجد الروسي، والذي سيظهر وكأنه الخيار الوحيد أمامهم، وهو بالفعل كذلك، لغياب جميع اللاعبين الدوليين المنغمسين بالشأن السوري عن أرض الجنوب في المحافظات الثلاث، درعا والقنيطرة والسويداء. مما سيزيد من المساحات الطاردة والرافضة لوجود النظام ومليشياته والقابلة بنفس الوقت بالتواجد الروسي ليرتفع بذلك أعداد المنظمين للواء الثامن على رقعة محافظة درعا، والذي يقوده أحمد العودة، وتديره بشكل مباشر روسيا.


في هذه الحالة تكون روسيا قد قطعت شوطاً كبيراً إزاء الإيفاء بالتزاماتها أمام إسرائيل والأردن لإبعاد إيران عن حدود الدولتين، وبالتالي ينحصر وجود النظام في أغلب مناطق المحافظة على عدد من الحواجز الهشة التي تغذي وهم السيادة لديه ويستبقي على مربع أمني في درعا المحطة يصول ويجول فيه المحافظ ليشرف على توزيع السكر والرز وبعض المحروقات، في مشهد سيكون قريباً جداً مما نراه الآن في محافظة الحسكة في شمال شرق البلاد.


بيان عشائر حوران، والذي صدر من بضعة أيام، وتحدّث بجوهره عن الإدارة اللامركزية المرجو تطبيقها في درعا والجنوب بشكل عام، الظاهر أنه هو المآل الأخير الذي يتم السعي والعمل لإنجازه، ولكن بدون شك لابد من ترتيبات يجب إرساؤها على الأرض، تنزع من النظام وأعوانه مخالبه وأدواته القمعية. ومن المؤكد أن الروس لن يذهبوا منفردين نحو هذا الشكل فسيبحثون عن شركاء لا ينافسونهم في النفوذ، وبنفس الوقت يقومون بتحمل الأعباء الكبيرة التي يقتضيها تطبيق هذا النموذج على أرض الواقع.


المصيبة والهم الأكبر في كل ذلك هو عامل الوقت والذي لا يرحم، فالأيام تمر ثقيلة جداً لا بل وقاتلة على المحاصرين داخل حي درعا البلد، فهم منذ أكثر من شهرين قطعت عنهم كل أسباب الحياة فكل ما نرجوه هو تسارع عجلة الحل وفك الحصار عنهم ووقف هذه الجريمة.


ليفانت - سلامة خليل ليفانت

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!