الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
درعا عنوان الثورة ومفتاح الحل
كمال اللبواني

يبدو أن قدر درعا، التي انطلقت منها شرارة الثورة، أن تكون عنواناً لها، فالأحداث الأخيرة قد دفعت الأزمة السورية باتجاه الحل، عندما حاول الإيراني فرض سيطرته الكاملة على الجنوب وتنظيف جيوب الثورة التي يخشى استخدامها ضده، ومن أجل تحويل الجنوب السوري لمنصة إيرانية تهدد إسرائيل والأردن، ويفرضها كأمر واقع في التفاوض أو الحرب.


وهو في تسابق مع الزمن بعد تمكن إسرائيل من عرقلة المفاوضات الرامية للعودة للاتفاق النووي بذات الشروط السابقة التي برهن الإسرائيليون للأمريكيين أنها لم تكن كافية، وأن ايران احتالت عليها وتابعت تطوير برنامجها بحيث صارت بعيدة أشهر فقط عن امتلاك سلاح نووي، وأخيراً صرح وزير الدفاع الإسرائيلي أنها قد أصبحت تبعد فقط 11 أسبوعاً، مما يؤدي فعلياً لتوقع قيام إسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية تعطل البرنامج ولو إلى حين، وهذا سبب التوتر، وسبب إصرار إيران على فرض نفوذها المطلق في الجنوب، وهو ما لم يستطع النظام السوري تجنبه.


بينما حيد الروسي نفسه في البداية، حتى تم تفعيل الضغوط الإسرائيلية والأمريكية التي تعهد لها عند تسليم الجنوب بعدم دخول القوات الإيرانية، حيث اضطر للتدخل لوقف العمليات، وما يزال يحاول لجم النظام، وهو ما يوسع المسافة بين روسيا والنظام، وروسيا وإيران، مما يهيئ الأرضية لتطبيق قرار مجلس الأمن بكامل بنوده بتوافق دولي، يبدأ بسلطة انتقالية كاملة الصلاحيات، وهكذا أصبح مشروع العودة لمجلس الأمن ووضع أطر تنفيذية جديدة للقرار 2254، هو الحل الذي يمنع استمرار الصراعات أو حدوث حروب إقليمية واسعة. وهذا لا بد أن يتضمن فرض مجلس عسكري انتقالي كحل وحيد يمكنه فرض الأمن وطرد الميليشيات بشرط حصوله على دعم الدولتين الكبرى في العالم وإشراف الأمم المتحدة، وغير خاضع للسياسيين من كل الطرفين الذين صاروا مرتهنين لقوى خارجية.


حاولت إيران مد نفوذها بشكل مستور وسري مستخدمة كل الوسائل لكنها لم تنجح إلا جزئياً، وأصبحت الآن في تسابق مع الزمن لامتلاك هذه المنصّة عسكرياً وسياسياً، وهذا ما سيولد رد فعل بالمزيد من الضغط والإحراج للروسي الذي سيترجمه لضغط على النظام وإيران، وعندما يصطدم بتعنت الطرفين، فذلك يجعله ميالاً للقبول بشراكة الأمريكي على عملية ترتيب حل شامل للوضع في سوريا يحفظ له ماء الوجه ومصالحه الأساسية، أي أنه بتباعده عن إيران والنظام يضطر للقبول بتنفيذ قرار الأمم المتحدة، لكيلا يتورّط بصراعات وضغوط أكبر.


وهكذا أصبح التصعيد الإيراني الذي يواجه بصمود من ثوار درعا مجدداً أهم دافع باتجاه الحل في سوريا، وهم -أي الثوار- ما يزالون قادرين على الصمود بسبب غياب الدعم الروسي الجوي، وهنا لا بد من تفعيل الضغوط، وحشد الدعم لدرعا كي تتمكن من الصمود لوقت كاف لتحريك عجلة الحل عبر مجلس الأمن وبمفعول البند السابع، وهكذا تقدم درعا للشعب السوري هديتها مرتين، مرة عندما أشعلت الثورة، ومرة أخرى عندما حركت ماكينة الحل السياسي للأزمة السورية، بعد عشر سنوات مريرة من الصراع والحروب والهمجية والاحتلالات.


كمال البواني


ليفانت - د. كمال اللبواني ليفانت 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!