الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
داعش والغرب في علاقة إستراتيجية
داعش والغرب في علاقة إستراتيجيةين اجمد

حسين أحمد - كاتب سوري


قدم البروفسور " ماكس مانوارينج " وهو خبير الإستراتيجية العسكرية في معهد الدراسات بكلية الحرب الأمريكية محاضرة بتاريخ 13 آب أغسطس 2003 في إسرائيل والذي عنونها الكاتب د. محمد الحسيني بـ : "لغز إبادتنا البطيء" يشرح فيها بوضوح كل ألغاز الخراب التي جرت وتجري في الشرق الأوسط ودول أفريقيا.


عند الولوج إلى عمق خفايا محاضرة "ماكس" يتجلى للقارئ وللوهلة الأولى أن ثمة إستراتيجية بعيدة المدى، تنتهجها الدول الغربية في الشرق الأوسط وبلدان أفريقيا، حيث يتم التخطيط له منذ عدة سنوات ومن وراء الكواليس، وتؤكد على أن هناك تغيرات جيوسياسية في مفاهيم السياسة الغربية تجاه دول الشرق الأوسط وخاصة أن هذه السياسة التي تتجسد في ترتيبات جديدة تهدف لتوسيع رقعة مصالحها الاقتصادية والعسكرية في الدول المذكورة، وبالتحديد لرسم خارطة طريق لعموم المنطقة، ويأتي كل هذا ضمن مفهوم إعادة صياغة اتفاقية سايكس بيكو وفق المصالح الدولية، أي إنهم يريدون تقسيم دول ذات مساحة جغرافية شاسعة وبالإضافة إلى دول لها حجم سكاني كبير، ليمكنهم هذا التقسيم من السيطرة على مصادر المياه في تركيا والعراق وسوريا وأيضاً سدودها كسد الفرات وسد الموصل.


هذه اللغة التي يتحدث بها "ماكس" في محاضرته تكمن في رمزيتها افتعال حروب داخلية تقليدية غير مباشرة باستخدام أطراف محلية نفسها، وهم يرفعون شعارات مذهبية وطائفية ويحاربون من أجل هذه الشعارات التي أطلقوها بمنهجية سياسية، فهذه هي الإستراتيجية التي يمارسها الغرب تارة هنا وتارة أخرى هناك تحت عنوان: (التآكل البطيء) كما سماها د. محمد الحسيني لشعوب منطقة الشرق الأوسط.


برأيي لا بد من البحث في هذه الأحداث التي مرت ,وتحديداً بعد فحوى محاضرة "ماكس" في 13 آب/أغسطس 2003 وأعقبتها بسنوات تغيرات أخرى، فيبدو كانت لها علاقة بمفهوم المحاضرة نفسها، وعلى سبيل المثال أحداث بلدة بعشيقة في 7- نيسان/إبريل من عام 2007 بالرغم من وجود قواعد أمريكية في المدينة، وكذلك وجود برج المراقبة للأتراك، وقيل آنذاك أن ما حصل كان عبارة عن مؤامرة خطيرة من جهات أرادت بدورها خلق فتنة طائفية بين الإيزيدين والمسلمين لكنهم لم يفلحوا، وبعد ذلك حصلت عدة أزمات أخرى قريبة لما حدث لربما كان الهدف منها خلق أرضية مهيئة ليشيد الغرب سياساته الإستراتيجية عليها، وباتت غالبية تلك الأحداث قيد السؤال لدى أهالي شنكال وحتى الآن.


تأكيداً لما نوهت إليه، فالهجوم الذي حصل على قضاء شنكال في 14 آب/أغسطس 2007 بثلاث شاحنات ضخمة كانت محمّلة بالتفجيرات تم تفجيرها في (تل عزير وسيبا شيخ خضر) وراح ضحيتها في ذلك الوقت مئات الأشخاص وعدد كبير من الجرحى والمصابين والمفقودين، وكان لهذه التفجيرات تداعيات حيث خلفت إشارات استفهام كثيرة تدور حول ضلوع جهات اقليمية ودولية في مجرياتها، ولكن الأهم في هذا الحديث ما مصير هؤلاء الأطفال الجرحى الذين قام التحالف الدولي بإرسال قسم منهم بطائرات حربية إلى أمريكا وبريطانيا لأن جروحهم كانت خطيرة على حسب تصريحات أمريكية، وبعد مضي عدة سنوات, قامت أمريكا وبريطانيا بإبلاغ ذوي هؤلاء الأطفال بأن أولادهم قد ماتوا. وأثناء دخول تنظيم داعش محافظة الموصل بــ ثلاثمائة عنصر لم يكونوا يحملون السلاح أو أي عتاد ثقيلة حيث تسنى لهم بأريحية تامة السيطرة على أسلحة متنوعة من وحدات الجيش العراقي مع أربعمائة ( 400 ) مائة سيارة همر أمريكية حديثة الصنع كانت قد استلمتها حكومة بغداد في وقت سابق من أمريكا، ولم تستعملها في أية خدمة عسكرية.


في الوقت نفسه أصدر تنظيم داعش بياناً يقول فيه: (إنهم لا ينوون دخول أراضي كردستان) إلا إنها كانت خدعة خبيثة من تنظيم داعش, لاطمئنان سكان كوردستان بعدم دخولها ,ولكن هذا لم يحصل ولم يلتزموا بوعدهم لا بل قاموا بالهجوم في 3 آب/أغسطس 2014 على قضاء شنكال والسيطرة على جبالها وقراها ومدنها بالكامل، وقاموا بقتل ,وذبح رجالها وشيوخها ونسائها وسبي بناتها وأخذهنّ إلى مجمعات قسرية، وثمة وقائع تؤكد بأن من أفظع الجرائم التي ارتكبها داعش بحق أهالي شنكال كانت المجزرة التي حصلت في 15 آب/أغسطس في قرية " كوجو" والتي راح ضحيتها ألف وخمسمائة شخص من مختلف الأعمار.


في هذا المتن يؤكد الناشط ع \خ من خلال صفحته الشخصية على أن قسماً من هؤلاء الأطفال الذين وقعوا أسرى بيد تنظيم داعش, تم توزيعهم بين دول عدة منها إيران وسوريا وتركيا ليتم عرضهم للبيع,كسبايا مقابل 20000 ألف دولار .


وبالترقب عن الكثب يدرك المرء ما حصل في شنكال ربما كان له ترتيب مسبق قد أخذه الغرب على عاتقه لاستكمال إستراتيجيته السياسية والاقتصادية، وانه يسعى لرسم خارطة تناسب مصالحها من خلال تلك التنظيمات الإرهابية كـتنظيم داعش ومنظمة القاعدة وغيرها من المنظمات الراديكالية كأدوات في استباحة شنكال وغيرها من المدن الكوردستانية .


ومن المفارقات التي يستدعي الوقوف عندها إبان دخول عناصر داعش قضاء شنكال حدوث عدة حالات من التراجعات في صفوف قيادات داعش حتى البعض منهم كانوا في مواقع مهمة، تمهلوا أن يشاركوا بعنف في قتل سكان قضاء شنكال كغيرهم من جنسيات أخرى، لا بل إنهم غضوا النظر لهروب البعض من دائرة القتل الممنهج الذي كانوا يمارسونه في شنكال.


وفي إحدى الوقائع صرّح احد النشطاء الميدانيين في شنكال, بالقول: "أراد احد عناصر تنظيم داعش تحرير امرأة وقعت بكمينهم وقد استغربت تلك المرأة كيف لعنصر من داعش يريد تحريرها إلا أنها كانت تحدق النظر في عيونه والآخر كذلك يبادلها النظرات، وأثناء نقلها إلى منطقة آمنة .يزيح اللثام عن وجهه فتتفاجأ بان محررها هو ابنها الذي فقدته في تفجيرات 14 آب أغسطس 2007 (تل عزير و سيبا شيخ خضر) ليبلغهم التحالف الدولي آنذاك بان أولادهم قد ماتوا. وأن هؤلاء الأطفال الذين تم تدريبهم في الغرب إنما اثبتوا بأنهم لم يتأثروا بفكر داعش، لا بل ظلوا متمسكين بدينهم وبأصالتهم وبمجتمعهم الأيزيدي الذي عاش في داخلهم .


كما يؤكد الناشط الكوردي ع- خ وهو من أهالي قضاء شنكال ومن الذين التقوا بالمرأة المحررة لتؤكد له بأن ملامح وجه ابنها لا يفارقها، وأن ما شاهدته كانت بالنسبة لها صدمة موجعة، وأضاف الناشط أن ما جرى لنا في قضاء شنكال كان مخططاً له من قبل أمريكا وبريطانيا ومنذ زمن بعيد أي منذ تاريخ 14 آب/أغسطس عام 2007 .


أخيراً يقول الناشط الكوردي الأيزيدي د.ج.أ : "إن نشوء تنظيم داعش فيه غموض قوي فهو ليس مجرد تنظيم عسكري اعتباطي، بل تنظيم سياسي له أبعاده الدينية والقومية والدولية لم يستوعبه الكورد ولا الحكومة الاتحادية في بغداد حقيقته، وهذا هو سبب انتشاره بهذه السرعة في قضاء شنكال".


داعش والغرب في علاقة إستراتيجية داعش والغرب في علاقة إستراتيجية داعش والغرب في علاقة إستراتيجية

العلامات

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!