-
خطر الإخوان المسلمين ينتقل من العالم العربي إلى أوروبا
لا يبدو أنٍ مخاطر التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، كأداة تنفّذ أجندات معادية في المنطقة العربية ومحيطها، لصالح مشروعها العقائدي الذي يفضّل إخوانياً تركياً على أبناء بلدهم الأم، في سبيل إحياء خلافة مزعومة، ولّى زمنها وغار دهرها، يُمنحهم من خلالها صديقهم العثماني صكوك الاستئثار بالحكم والاستفراد برقاب الناس وممتلكات الأوطان، كما هو الحال في سوريا وليبيا، مقتصرة على تلك البلاد، التي سبق أن خضعت لـ”الاحتلال العثماني”، إذ تتوالى التقارير من مجموعة بلدان أوروبية، مُحذّرةً من مخاطر التنظيم العالمي على السلم الأهلي فيها.
الإخوان أخطر من داعش
ففي الثالث والعشرين من يونيو الجاري، عرض تلفزيون ولاية بافاريا الألمانية، تقريراً، تطرّق لتحرّكات تنظيم الإخوان في البلاد، عبر “خلايا تعمل على تدمير الديمقراطية”، بصورة سريّة، منهبّاً من أنّ خطرهم قد يكون أكثر من ذلك، والذي يمثله تنظيم داعش، حيث عرضه تلفزيون “بي أر”، وأشار أنّه ورغم أنّه لا توجد انتماءات رسمية لـتنظيم الإخوان في ألمانيا، فإنّ خبراء دستوريين نبّهوا من تزايد عدد أتباع التنظيم، ومن وجود خلايا سريّة تعمل ضد الديمقراطية.
وأشار التقرير، نقلاً عن الخبراء، تنبيههم من أنّ تنظيم الإخوان “يحاول التسلل إلى المجتمعات الغربية وإنشاء دول إسلامية، وأنّه يمكن أن يكون أكثر خطورة من الإرهابيين المنتمين لتنظيم داعش، لأنّ عناصره يتدخلون في الحياة العامة، تحت ستار الديمقراطية، فيما قال المكتب الاتحادي لحماية الدستور إنّه “يوجد الآن أكثر من ألف تابع للإخوان في البلاد”، معتبراً أنّ هناك “اتجاهاً متزايداً بشكل واضح”.
مبيّناً أنّه من الصعب تحديد القدرات الدقيقة للإخوان في ألمانيا، بسبب “مقاربتهم السريّة”، مفصحاً عن تفاصيل عن “الخلايا السرية” التي يكوّنها تنظيم الإخوان، لتسهّل عمل عناصره وتجذب تابعين جدد، والتي تعرف بـ”الأسر”، كما شدّد المكتب، في ولاية شمال الراين وستفاليا، على وجود ما يعرف بـ”خلايا الأسرة” في أوروبا الغربية، بغية توفير روابط إقليمية بين عناصر الإخوان “لضمان تماسك التنظيم”، ووفق الدوائر الأمنية، فإنّ تلك الخلايا تستعمل في ألمانيا لتدريب الأعضاء سراً، وزرع الفكر المتطرّف لتنظيم الإخوان.
الإخوان وحزب الله في الميزان ذاته
إلى ذلك، عرضت المخابرات الداخلية الألمانية، في ولاية بادن فورتمبيرغ، في السادس عشر من يونيو، تقريرها السنوي بخصوص المنظمات التي تشكل خطراً على الأمن الداخلي للولاية، حيث احتوى التقرير على جماعة الإخوان المسلمين، التي بلغ عدد المنتمين لها، في الولاية، مئة وتسعين شخصاً، كما ضمت ميليشيا حزب الله التي تم حظرها في ألمانيا، مايو الماضي، حيث بيّن التقرير أنّ تعداد المنتمين للحزب في ولاية بادن فورتمبيرغ بلغ خمسة وسبعون شخصاً، فيما يظن مسؤولون أمنيون أنّ عدد العناصر المنتمية لحزب الله داخل الأراضي الألمانية يصل إلى 1050.
ويشير وضع المخابرات الداخلية الألمانية، تنظيم الإخوان ومليشيا حزب الله في كفتي ميزان متساويتين، إلى احتمالات جديّة حول تصنيف التنظيم كجماعة إرهابية، إذ طالت ذات التهمة مليشيا حزب الله، أواخر أبريل الماضي، وجرى على إثرها حظر المليشيا في ألمانيا، بشكل رسمي وكامل، على أراضيها، عقب تصنيفها كمنظمة إرهابية، عقب أن كانت برلين تُفرّق سابقاً، بين الذراع السياسية للجماعة، وبين وحداتها العسكرية التي تقاتل إلى جانب قوات النظام السوري.
وجاء تصنيف مليشيا حزب الله، كجماعة إرهابية، عقب أشهر على تصويت البرلمان الألماني (في ديسمبر الماضي)، بأغلبية كبيرة على تمرير قانون حظر حزب الله، بعد أن طالب حزبان حاكمان في البلاد، بحظر الميليشيات اللبنانية، موضحين أنّه يتوجّب إدراجها على لائحة الاتحاد الأوروبي للمنظمات الإرهابية، وهو ما قد يكون عليه مستقبل تنظيم الإخوان المسلمين في ألمانيا، في حال استشعر الألمان مخاطر التنظيم بشكل أكبر.
الإخوان يتمدّدون في أكثر من بلد
ولا يقتصر التمدّد الإخواني على بلد أوروبي بعينه، إذ يمتد من ألمانيا إلى بريطانيا، حيث دعا السياسي البارز أندرو روزينديل، النائب عن حزب المحافظين في البرلمان البريطاني في التاسع والعشرين من أبريل الماضي، وزراء الحكومة إلى الإجابة عن تساؤلات حول تزايد أنشطة تنظيم الإخوان في ظلّ تفشي فيروس كورونا.
وتساءل النائب روزينديل، أمام البرلمان، بشأن المستويات المتنامية من أنشطة تنظيم الإخوان، في كل من بريطانيا والعالم، حيث تحدّث النائب عن المخاوف من أنّ “التنظيم الإرهابي” قد يكون استفاد من جائحة كورونا لتوسيع نفوذه في أكثر من مكان في العالم، بما في ذلك المملكة المتحدة، واستفسر النائب روزينديل من وزيرة الداخلية البريطانية، بريتي باتل، عن التقييم الذي أجرته بخصوص زيادة نشاط تنظيم الإخوان في بريطانيا بسبب الانكماش الاقتصادي في ظلّ انتشار فيروس كورونا.
كما وجّه روزينديل، استفساراً آخر إلى وزير الخارجية، دومينيك راب، حيث دعا السياسي البريطاني المحافظ إلى إجراء تقييم لـ”أثر الانكماش الاقتصادي العالمي على مستوى أنشطة التجنيد التي يقوم بها التنظيم في الخارج”، فيما جاءت مخاوف روزينديل، مع ارتفاع أعداد العمليات الإرهابية في بريطانيا، خلال السنوات الأخيرة، والتي طالت العاصمة لندن، ومدينة مانشستر، وتبنتها جماعات متطرّفة، من بينها تنظيم داعش، فيما هيمن القلق من تأثير تنظيم الإخوان على المجلس الإسلامي البريطاني، وهو عبارة عن مظلّة تضم أكثر من 500 منظمة إسلامية، ولفت تقرير حكومي أنّ تنظيم الإخوان يمارس “تأثيراً كبيراً” على المجلس الإسلامي البريطاني والجمعية الإسلامية، في بريطانيا.
ورغم أنّ الأوروبيين قد لا يكونون مدركين، بشكل فعلي، بعد للمخاطر التي يحملها تنظيم، كالإخوان المسلمين، على مجتمعاتهم المتنوعة عرقياً ودينياً وطائفياً، ربما سيتعين عليهم استباق الزمن، قبل تمكّن التنظيم من ضرب جذوره في تربة الأوروبيين، خاصة مع احتمالات استغلال اليافعين الواصلين حديثاً إلى بلاد الاغتراب، حيث يشكّل هؤلاء صيداً سهلاً للتنظيم، بغية الترويج لأفكاره، والتي تسعى إلى ما تسميها بـ “تكوين الفرد المسلم والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم، ثم الحكومة الإسلامية، فالدولة فأستاذية العالم”، وفق منظورهم وتفسيرهم الخاص بالدين الإسلامي.
فيما يحمل شعار الجماعة القائل “الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا”، الكثير من الإتجار بالدين، بغية التمكّن من السلطة، والاستفراد به، والذي يمكن التدليل عليه من التغييرات التي أصابت بنية النظام التركي، منذ وصول حزب العدالة التنمية إلى الحكم في العام 2002، والممتد إلى الوقت الراهن.
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!