-
خاص ليفانت: تغطية فعاليات معرض الكتاب في مدينة كولن الألمانية
منذ بداية العام 2015 وتزامناً مع موجة اللجوء التي اجتاحت أوروبا عموماً وألمانيا على وجه الخصوص، بدأ السوريون يظهرون كثيراً في وسائل الإعلام كمبادرين لمشاريع تطوعية وأخرى خاصة. اختلفت أسباب المشاريع الإنسانية التطوعية، لكنها بالعموم اتسمت بما يكاد يكون ميزةً مشتركة بينها، ألا وهي الرغبة الحقيقية بالمبادرة وإثبات الكفاءة برغم كل المعوقات والظروف الشَّاقة والمحزنة التي أحاطت حياة السوري الجديدة في المنفى.
بتاريخ 08/09/2019 وفي مدينة كولن الألمانية، قام عدد من الفتيات والشّبان السوريين بافتتاح معرضِ للكتاب العربي لمدة يوم واحد. حيث قاموا وبالتنسيق مع مكتبة العرب في مدينة إيسن الألمانية بتوفير الكتب التي شملت عدة مجالات كان أبرزها الرواية العربية وكتب الأطفال التعليمية، ومن ثم تأمين مكان المعرض ومتابعته من الساعة الثانية عشر ظُهراً وقت الافتتاح وحتى انتهاء المعرض عند الساعة الثامنة مساءً.
في حديث خاص لنا مع القائمين على المعرض قال السيد علي وحيد أحد القائمين عليه بأن المعرض ماهو إلا خطوة أولى لمركز الفكر العربي، هدفه جذب المثقفين والقُرَّاء في مدينة كولن والتعرف عليهم، وتأمين الكتاب العربي بسعر مقبول أيضاً، حيثُ أن غلاء أسعار الكتب العربية في البلاد الأوروبية دائماً ما يكون عائقاً أمام الكثيرين ممن يرغبون بالقراءة لكنهم لا يستطيعون تحمل تكلفتها. وعند سؤالنا عن المركز قال: " هو لازال في طور التأسيس بمشاركة أربعةٍ وعشرين شاباً وفتاةً من الوطن العربي، لسنا جميعنا عرباً، فبيننا الأكراد والأرمن والشركس، ما يجمعنا هو حُبُّنا للغة العربية بصفتها اللغة الأمُّ بالنسبة لبعضنا أو اللغة المنطوقة الممثلة للهوية والانتماء بالنسبة لبعضنا الآخر. نسعى من خلال مركزنا إلى تمكين هذه اللغة عند الأجيال الناشئة هنا، وتغيير الصورة النمطية الاستشراقية عند الغرب عن القادمين من منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط وثقافاتهم. كما نأمل أن يكون المركز وثيقة اجتماعية للناطقين باللغة العربية، حيث لاحظنا أن بعضهم أصبح انعزالياً أو يعاني من تَبِعاتِ الاغتراب، لذلك أردنا أن نكون مبادرة جامعة ومؤلفة بينهم عبر الكثير من النشاطات والندوات المسرحية والشعرية والأدبية وكذلك المناسبات الاجتماعية".
وأضافت السيدة دعاء طقطق إحدى المؤسسات للمركز والقائمات على المعرض قائلةً: " نريد الابتعاد عن كل ما يفرقنا كاتجاهات دينية أو سياسية والتركيز أكثر على ما يجمعنا ألا وهو اللغة. ومن جهةٍ أخرى نستهدف كل من يرغب بتعلم لغتنا من الجنسيات الأخرى وليس فقط الناطقين بها، وقد لاحظنا بالفعل إقبالاً جيداً من هؤلاء. كما نرغب أيضاً بالابتعاد عن النمطية في تعليم اللغة العربية، حيث سيكون تركيزنا على أخلاقيات ومبادئ الثقافة العربية".
وعند سؤالنا عن الدافع الحقيقي وراء التركيز على تعليم العربية للأجيال الناشئة في ألمانيا، أجاب السيد عبد الرحمن غنوم فضو أحد القائمين على المعرض وأحد مؤسسي المركز عن ذلك بقوله: "مبادرتي في هذا العمل قائمة بشكلٍ أساسي على حِسٍّ عالٍ بالمسؤولية تجاه الأطفال الذين كبروا وترعرعوا بظروف حربٍ في بلادهم ثم انتقلوا فجأة وبظروفٍ استثنائية لبلادٍ وثقافاتٍ أخرى. أنا أؤمن أننا قادرين على إحداثِ فرقٍ في حياتهم ومساعدتهم على تجاوز هذه المرحلة غير المتوازنة والتي لا ذنب لهم بها".
وعن باقي مشاريع المركز يضيف عبد الرحمن: " نحن ننتظر حالياً الاعتراف الرسمي بمركزنا، ولازلنا نستقبل ونرحب بطلبات الانتساب لنا من كل الراغبين بذلك. نسعى لأن يكون لنا انتشار واسع على النطاقين الافتراضي والواقعي، حيث سيتم إطلاق موقع ومجلة الكترونيين خاصين بالمركز بالإضافة لنشاطاته على أرض الواقع كما سبق الإشارة لها".
تقول دعاء رداً على سؤالنا ما إذا كان هناك احتمال أن تتحول هذه المبادرات لتجمّعات منغلقة على نفسها تتعامل فقط مع الآخر المشابه لها: " نحن أبعد ما يكون عن فكرة التحول لغيتو عربي، فإحدى مشاريعنا على سبيل المثال تعريف المقيمين القدماء أو حاملي الجنسيات الأخرى بالوافدين الجدد وجمعهم معاً بمشاريع مشتركة، نحن لا نسعى للإنعزال بثقافتنا، بل على العكس تماماً نسعى لدمج الثقافات مع الحفاظ عليها بعيداً عن الاندماج الذي يحمل طابعَ ذوبان الثقافات الأصلية الأخرى واضمحلالها".
يشكل السوريون وفق دراسةٍ أعدها المكتب الاتحادي الألماني للاجئين والهجرة النسبة الأكبر من اللاجئين في ألمانيا - حيث بلغت نسبتهم بحسب الدراسة 22,7% من مجمل عدد طالبي اللجوء – استطاعوا، من خلال مبادراتهم القائمة على تأكيد الهوية والانتماء عبر اللغة العربية ومايتعلق بها في السنوات القليلة المنصرمة، الوصول لشريحة واسعة من العرب المقيمين وحديثي الإقامة في دول الاتحاد الأوروبي.
خاص ليفانت: تغطية فعاليات معرض الكتاب في مدينة كولن الألمانية خاص ليفانت: تغطية فعاليات معرض الكتاب في مدينة كولن الألمانية
مركز الفكر العربي، كما يقول علي وحيد، ماهو إلا إحدى هذه المبادرات، والتي سيجد القارئ العربي من خلال ما يقدمه من مشاريع كمعرض الكتاب العربي في كولن الفرصة للحفاظ على إرثه المجتمعي من الاندثار وهويته الثقافية من الضياع في بلدان اللجوء.
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!