الوضع المظلم
الأحد ٠٥ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • حوالات رمضان.. ترسم البسمة على وجه سوريي الداخل

  • حوالة بقيمة 100 دولار تساوي راتب موظف حكومي لمدة 3 أشهر في سوريا
حوالات رمضان.. ترسم البسمة على وجه سوريي الداخل
الحوالات إلى سوريا في رمضان

فرض الوضع الاقتصادي المتردّي في عموم سوريا، نوعاً جديداً من الدخل يضاف إلى رواتب السوريين الشهري، وهو الحوالات المالية النقدية، وبأعداد ومبالغ كبيرة تصل بشكل شهري، حيث يقوم سوريو الخارج والشتات بتحويل النقود لأقاربهم لتعينهم على تحمل أعباء المعيشة بعد 11 عاماً من الصراع، وفرض عقوبات متلاحقة على النظام هناك.

ويُقدّر خبراء ومتخصصون اقتصاديون، حجم الحوالات في شهر رمضان يومياً بما لا يقل عن 6 ملايين دولار، ويرى البعض منهم أن حجم الحوالات في الشهر الفضيل وسطياً تقدّر ﺑ 240 مليون دولار، فضلاً عن التحويلات غير الرسمية، مما قد يصل الرقم إلى 300 مليون دولار.

اقرأ المزيد: هيومان رايتس ووتش: الاقتصاد السوري شهد سقوطاً حرّاً عام 2020

الحوالات مصدر للقطع الأجنبي

وفي تصريح لصحيفة الوطن الموالية بدمشق، قدر رئيس قسم المصارف في كلية الاقتصاد بدمشق، الدكتور علي كنعان، معدل حوالات الأشخاص بالقطع الأجنبي بنحو 3-4 ملايين دولار يومياً وأن هذا الرقم عادة ما يرتفع في رمضان لأكثر من 10 ملايين دولار.

بينما اعتبرت الباحثة رشا سيروب، لذات الصحيفة، أن "السماح بتسليم الحوالات الخارجية بسعر 3175 ليرة، كما أعلنت عنه بعض شركات الصرافة، هو أمر شديد الأهمية وخطوة صحيحة في ظل غياب المصادر التقليدية للقطع الأجنبي التي كانت تعتمد سابقاً على السياحة والصادرات السورية، وخاصة المشتقات النفطية".

وأضافت سيروب "في الوقت الحالي تمثّل الحوالات الخارجية الواردة بالقطع الأجنبي طوق النجاة ومصدراً لتعزيز هذا القطع محلياً، وتمكن الحكومة من اتخاذ قرارات تدعم النشاط الاقتصادي وخاصة لجهة تمويل المستوردات وتمكن أيضاً من التوسع في توفير خدمات إضافية للمواطن".

غالبية السوريين تحت خط الفقر

وتابعت الباحثة السورية بالقول: "في ظلّ الكثير من التقديرات التي تفيد أن أكثر من 70 بالمئة من المواطنين هم تحت خط الفقر، لا بد من الاهتمام أكثر بالحوالات الخارجية لأنها تسهم في تحسين دخول الكثير من العائلات السورية وتمكّنهم من تأمين احتياجاتهم المعيشية".

وترى سيروب، أنه "في حال حدوث استقرار في أسعار السلع يمكن أن تسهم هذه الحوالات في تحسين المستوى المعيشي للكثير من العائلات السورية، وهو ما يرفع معدلات الاستهلاك والطلب على السلع والمواد في السوق، وبالتالي يعزّز من حركة النشاط الاقتصادي والمبيعات، وفي المحصلة يتحقق نفع لكل حلقات وشرائح المجتمع".

اقرأ أيضاً: بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.. سوريا إلى أين؟

وأوضحت الأكاديمية رشا سيروب، أنّه "وفق المجموعة الإحصائية، فإنّ إجمالي الحوالات الخارجية بالقطع الأجنبي "حوالات أشخاص ومنظمات وغيرها"، بعيداً عن عائدات التجارة الخارجية، قدر في العام 2016 بنحو 2 مليار دولار، وفي العام 2017، 3.8 مليار دولار، وفي العام 2018 تجاوز 4 مليار دولار، ثم عادت لتنخفض لحدود 3 مليار دولار في العام 2019، وهو ما مثل تراجعاً عن العام الذي سبقه (2018) لأكثر من مليار دولار".

سوريا دولة هشّة

وبحسب مؤشرات مؤسسة صندوق السلام الأمريكية ومجلة السياسة الخارجية الأمريكية، تحتلّ سوريا المرتبة الثالثة من بين 178 دولة على مؤشر الدول الهشّة لعام 2021 خلف اليمن والصومال، بعد أن كانت في المرتبة الرابعة عالمياً. وحصلت سوريا على 110.7 درجة، وهو ما يعني وجود إنذار عالي جداً في درجة الخطورة.

ويوضح مؤشر القياس مدى قابلية الدول للانهيار والتصدّع بالاعتماد على 12 مؤشراً لقياس درجة حدة التهديدات التي تواجهها تلك الدول، والتي تتسبب في تصدعها وإخفاقها في أداء وظائفها الأساسية.

كما تتوزع المؤشرات اﻠ 12على أربع مجموعات: وهي السياسة والاقتصاد والاجتماع والتماسك، وتأتي على النحو التالي: "شرعية السلطة، الخدمات العامة، حقوق الإنسان، التدهور الاقتصادي والفقر، عدم المساواة الاقتصادية، هجرة الأدمغة، الأجهزة الأمنية، تصدع النخب، المظالم الجماعية، الضغوط السكانية، اللاجئون والنازحون داخلياً، إضافة إلى التدخل الخارجي.

وفي تصريح سابق، قدر الباحث الاقتصادي السوري، عمار يوسف، نسبة السوريين الذين يعيشون على الحوالات الخارجية ووصلت إلى 70 بالمئة، مبيناً أنه "قد يرسل المغترب السوري حوالة مالية إلى أسرته المكونة من سبعة أشخاص على سبيل المثال".

ونوّه يوسف، إلى أن الدخل الشهري للسوريين، وهو ما يصل وسطياً نحو 70 ألف ليرة (20 دولاراً)، سبب في اللجوء إلى الاعتماد على الحوالات الخارجية.

ويقول يوسف من دمشق: "قد يرسل المغترب السوري حوالة مالية إلى أسرته داخل سوريا، وهي ليست بمبالغ ضخمة، إذ إن متوسط قيمة الحوالة الواحدة لا يتجاوز مئتي يورو بالحد الأقصى.

وعن كتلة التحويلات، يكشف موظف في شركة للحوالات، أنّ حجم ما يصل إلى سوريا يومياً "يزيد على اﻠ 5 ملايين دولار، كحوالات من المغتربين".

ولفت إلى أنّ "أكثر الدول التي يتم استلام حوالات منها هي ألمانيا والسويد وهولندا وتركيا والعراق والإمارات".

زيادة يقابلها رفع للمواد الأساسية

وكان رئيس النظام بشار الأسد أصدر في وقت سابق ثلاثة مراسيم، بينها مرسوم لرفع الحد الأدنى للأجور ليصبح 92 ألفاً و970 ليرة سورية شهرياً.

لكن مهما عظمت الزيادة لا يمكن أن تتناسب وقيمة أسعار المواد والسلع الأساسية، كالمازوت والبنزين والغاز، بالإضافة إلى رفع أسعار استهلاك الكهرباء والاتصالات، ناهيك عن رفع الدعم عن أكثر من نصف مليون شخص، في ظل انهيار الليرة السوريّة وتلاشي قيمتها الشرائية مع تدنّي الرواتب في القطاعين العام والخاص.

وبحسب آخر إحصائية صادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، فقد بلغ صافي المساعدات الإنمائية الرسمية المقدمة لسورية 10.250 مليار دولار أميركي في العام 2019، وبذلك تتربع سوريا على قائمة الدولة المتلقية للمساعدات الرسمية.

وفيما لو لم بقت المشكلات المتراكمة تعصف في البلاد، دون أن يُقدم النظام السوري على تطبيق القرارات الدولية، التي تشرع بالحل السياسي، لن تتقدم أي دولة لإعادة الإعمار، أو يعود الاقتصاد السوري إلى عهده كما كان في السابق.

ليفانت - خاص 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!