الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • “حظر السلاح” بين العنجهيّة الإيرانية والهيبة الأمريكية.. كفتان لا تتساويان

“حظر السلاح” بين العنجهيّة الإيرانية والهيبة الأمريكية.. كفتان لا تتساويان
إيران

منذ عدة شهور، وطهران تنتظر يوم السابع عشر من أكتوبر بفراغ الصبر، فيما تسعى واشنطن بكل جهدها بغية جعل ذلك التاريخ يوماً تعيساً من جديد عليها، لكن دون أن تفلح، إذ أصرّ شركاء إيران في روسيا والصين، وباقي الموقعين على الاتفاق النووي في العام 2015، والذي انسحبت منه واشنطن في العام 2018، على ضرورة التزامهم بمضامين ذلك الاتفاق الذي نصّ على رفع حظر السلاح عن طهران عقب 5 سنوات من إبرامه، في حال التزمت طهران ببنوده، وهو ما تراه واشنطن إجحافاً، لإيمانها بدور طهران التخريبي، بجانب التشكيك أساساً بوجود برنامج نووي سري، موازي للبرنامج الخاضع للرقابة الدولية.


إيران تعتبره فشلاً أمريكياً


فقد أضحت قضية حظر السلاح على طهران، بمثابة اختبار للقدرة الأمريكية على فرض إرادتها، في مقابل القدرة الإيرانية على تحدّي واشنطن وإثبات إمكانية مقاومة رغباتها، إذ قالت طهران، في الثاني عشر من أكتوبر الجاري، أنّها تترقّب رفع حظر الأسلحة المفروض على إيران في 17 أكتوبر، وأضافت أنّ ذلك سيكون فشلاً أمريكياً جديداً، وهو ما ذهب إليه المتحدّث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، في المؤتمر الصحفي الأسبوعي، عندما قال إنّ “الولايات المتّحدة مصابة بجنون العقوبات، وفرض الحظر على البنوك الإيرانية مجرد حرب نفسية ناجمة عن فشل الإدارة الأمريكية في تحقيق أهدافها تجاه طهران”.


اقرأ أيضاً: من طهران.. رائحة الموت تصل أوروبا وتسدّ الأبواب في وجهها


مضيفاً أنّ “العقوبات الأمريكية على المصارف الإيرانية استعراض مسرحي، لكننا لا ننكر تأثيرها وإلحاقها خسائر حقيقية بإيران”، زاعماً أنّ سياسة الضغوط الأمريكية القصوى لم تفلح في تحقيق أهدافها، كما أنّ الولايات المتحدة فشلت في ضغوطها في قطاع النفط، متجاهلاً انهيار العملة الإيرانية، وفشل السلطات الإيرانية عن تسديد مرتبات الكثير من موظفي القطاع العام لعدة شهور على التوالي، وهو ما خلق امتعاضاً، ودفع بعض العمال لتنظيم احتجاجات واضرابات محدودة في بعض مناطق البلاد، حيث اعترف بأنّ العقوبات الأمريكية على المصارف الإيرانية تسببت بخسائر كبيرة على النظام المالي الإيراني.


وفي السابع عشر من أكتوبر الجاري، كشفت طهران، عن انتهاء سريان الحظر الدولي على تسلحها، زاعمةً أنّها لا ترى مكاناً لأسلحة الدمار الشامل في إستراتيجيتها الدفاعية، وذكرت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان أصدرته، أنّ رفع حظر التسلّح سيتيح لإيران استيراد وتصدير السلاح وإجراء التعاملات المالية المرتبطة بذلك تبعاً لسياساتها الدفاعية، مدّعيةً أنّ انتهاء حظر التسلّح على إيران يتم بشكل آلي ولا يحتاج لبيان أو قرار جديد من مجلس الأمن الدولي، مشيرةً إلى أنّه يمكن لإيران منذ اليوم تأمين أي أسلحة أو معدات تلزمها ومن أي مصدر كان ودون أي قيود قانونية وبناء على الحاجات الدفاعية.


نشوة إيرانية استعراضية


وبالرغم مما يعترض طهران على صعيد العقوبات التي تفرض عليها من الجانب الأمريكي، لكن ذلك لم يمنعها من محاولة تسجيل النقاط على واشنطن، فقد اعتبر وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، في السابع عشر من أكتوبر، أنّ انتهاء سريان الحظر الدولي على تسلح بلاده هو “انتصار” لقضية التعددية والسلام في الشرق الأوسط، على حدّ وصفه.


حيث قال ظريف، في تغريدة عبر “تويتر” باللغة الإنجليزية: “إنّه يوم هام للغاية بالنسبة للمجتمع الدولي الذي صان القرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن الدولي وخطة العمل الشاملة المشتركة، في معارضة للجهود الخبيثة التي بذلتها الولايات المتحدة”، مضيفاً: “عودة التعاون الدفاعي بين إيران والعالم بدءاً من اليوم إلى وضعه الطبيعي، يعد انتصاراً لقضية التعددية وكذلك السلام والأمن في منطقتنا”.


اقرأ أيضاً: بكين تُزاحم على لقب “الجيش الأقوى”.. والمخاوف الأمريكية في محلّها


بينما شدّد مسؤولون إيرانيون، على أنّ الفرصة باتت مناسبة أمام طهران للتعاون الدفاعي مع الدول الأخرى، وعلى ضرورة اتخاذ إجراءات رادعة بمواجهة الضغوط الأمريكية عبر شراء وبيع السلاح، إذ قال رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، إنّ رفع حظر التسلح عن إيران يعد هزيمة للولايات المتحدة الأمريكية ورئيسها دونالد ترامب العاجز، مشيراً إلى أنّ الرئيس الأمريكي لم يتمكن من إعاقة رفع حظر التسلح عن إيران، على الرغم من تفعيل آلية الزناد، وأضاف قاليباف أنّه ينبغي اتخاذ خطوات هامة ورادعة في مواجهة الضغوط الأمريكية عبر شراء وبيع السلاح.


أما وزير الدفاع الإيراني، أمير حاتمي، فقد قال، في الثامن عشر من أكتوبر، بأنّ الأجواء باتت مهيأة أمام طهران لبيع وشراء السلاح، معلناً أنّ لدى طهران خططاً لاستيراد وتصدير السلاح، وأضاف خلال لقاء مع التلفزيون الإيراني، أنّ مجال بيع السلاح سيكون أوسع بالنسبة لهم، وأنّ إيران ستكون لاعباً جيداً وناجحاً في سوق بيع السلاح.


وتابع حاتمي بالقول: “إنّ العديد من الدول تواصلت مع إيران منذ عام وتفاوضت معها”، مدعياً أنّ “المعدات العسكرية الإيرانية ذات جودة عالية وسعر مناسب مقارنة بأسلحة الدول الأخرى”، وأردف بالقول إنّ بلاده “مستعدة لبيع كافة أنواع الأسلحة البرية من دبابات وصواريخ وقذائف وحاملات جند”، مبيناً أنّ “إيران مستعدة أيضاً لبيع مختلف أنواع السلاح، البحري والطائرات المسيرة ومنظومات الدفاع الجوي”.


هل ستستسلم أمريكا للأمر الواقع؟


كل تلك التصريحات وغيرها، تضع واشنطن في موقع صعب ولا تحسد عليه، إذ إنّ هيبتها باتت على المحك في عالم يشهد تحولات وانقلابات على نظام القطب الواحد، وهو ربما ما دفع وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في الثامن عشر من أكتوبر، للتأكيد على أنّ حظر التسلح الدولي بحق طهران ما يزال سارياً، حيث هدّد بمخالفة من سيصدر الأسلحة التقليدية إلى إيران أو يستوردها منها.


ولفت بومبيو في بيان صدر عنه، إلى أنّ كافة العقوبات الأممية تقريباً بحق طهران استؤنفت، اعتباراً من 19 سبتمبر، بما يشمل حظر التسلح، مضيفاً أنّ تصدير الأسلحة التقليدية إلى إيران سيعدّ انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1929، فيما سيمثّل استيراد أي أسلحة أو مواد مرتبطة بها من الجمهورية الإسلامية خرقاً لقرار مجلس الأمن رقم 1747.


اقرأ أيضاً: “الانقلاب”.. حلٌ سحري وضع الجيش التركي خاتماً بإصبع أردوغان


وشدّد على أنّ الولايات المتحدة تعتزم استخدام سلطاتها المحلية في معاقبة أي شخصيات أو كيانات ستسهم مادياً في إمداد إيران بالأسلحة التقليدية، ونقل هذه الأسلحة إليها أو منها، بالإضافة إلى من يقدم تدريباً أو تمويلاً أو خدمات أو أي نوع آخر من الدعم إلى طهران في هذا المجال، وقال بومبيو إنّه ينبغي أن “تمتنع كافة الدول التي تتطلع إلى السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وتدعم محاربة الإرهاب” عن أي إمدادات أسلحة مع إيران، مضيفاً: “تصدير الأسلحة إلى إيران لن يؤدّي إلا إلى تصعيد التوترات الإقليمية ووقوع المزيد من الأسلحة الخطيرة في أيدي التنظيمات الإرهابية، ويزيد من خطر التهديدات لأمن إسرائيل ودول سلمية أخرى”.


ومن النشوة الإيرانية برفع حظر التسليح عنها، والآمال الكبيرة التي عقدتها طهران عليها من صفقات السلاح، يفترض الحال تسليط واشنطن تركيزها على تلك المخططات، لإفشالها ومنع أي جهة دولية من شراء أو بيع الأسلحة منها، حيث ستهدّدهم واشنطن بعقوبات، وهو ما سيحدّ كثيراً من قائمة الزبائن الإيرانية، إذ ستقتصر غالباً على دول تخضع هي الأخرى للعقوبات الأمريكية كفنزويلا والصين، مع الأخذ بعين الاعتبار بأنّ ذلك ليس كل ما في وسع واشنطن، فالأكيد أنّها تمتلك أكثر من سلاح لمحاربة طهران ودون دماء.


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!