الوضع المظلم
الخميس ٠٩ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
ثورة السوريين مستمرّة.. ضدّ فساد النظام والائتلاف
الائتلاف

 ليفانت – نور مارتيني 


 





تتوالى ردود الأفعال الرافضة لقرار الائتلاف الأخير، القاضي بإنشاء مفوضية عليا للانتخابات، فيما اعتبره كثيرون انقلاباً على أهداف الثورة، التي قامت للإطاحة بنظام الأسد.


لم يخلُ الأمر من حفلات غمز وتخوين للمعارضين ممن ثارت ثائرتهم في وجه القرار، الذي صدر في وقت يتحضّر فيه النظام السوري لخوض استحقاق رئاسي جديد، للمرّة الثانية بعد اندلاع الثورة السورية قبل نحو 10 أعوام؛ هذا الاستحقاق الذي يفترض أن يتمّ بعد "انتقال سلمي للسلطة"، وعودة اللاجئين.


 





وكما في كلّ مرة يثبت فيها الائتلاف الذي يوصف بأنّه معارض، أنّ غايته هي التنافس على السلطة مع الأسد، وليس تحقيق طموحات الشعب السوري، تخرج بعض الأصوات التي تخوّن المحتجّين على هذه الصفقات السياسية، وهي تعود لأصحاب دخول مرتفعة، ممن رسّخوا نفوذهم في اسطنبول “عاصمة تنظيم الإخوان المسلمين الجديدة”، في وقت تتجلّى مظاهر الرفض الشعبي في صفوف سوريي الداخل، ممن يعانون الويلات!


يتعمّد كثيرون التغاضي عن ردّ فعل سوريي الداخل الذين ضربوا صور أعضاء الائتلاف بأحذيتهم في أكثر من مناسبة، وهو ما فعلوه تماماً بصور بشار الأسد وكبار زبانيته، ويتناسون طردهم لأعضاء الائتلاف وعلى رأسهم “نصر الحريري”، من جنازة الساروت، ويصرّون على كيل الاتهامات لمن ينتقد سلوكيّات الائتلاف التي تجعل من السوريين المعارضين رهائن بشرية، يقايض عليهم في البازارات الدولية، حاله كحال النظام السوري الذي نصّب نفسه ناطقاً باسم السوريين الذين صادر صوتهم بقوة السلاح!


 


الجديد في الأمر أنّ الإدانات لموقف الائتلاف من الانتخابات تجاوزت هذه المرة كونها شعبية، لترد على لسان أشخاص شغلوا مناصب حساسة في المؤسسة ذاتها، من أمثال “جورج صبرة” الذي سبق له أن ترأّس الائتلاف السوري عام 2013، و”سهير الأتاسي” التي شغلت منصب نائب رئيس الائتلاف لدى تأسيسه، ما يدحض نظرية المخوّنين برمّتها، فإن كان من يعترض على الائتلاف خائناً، هل يمكن أن يحوي الائتلاف خونة في صفوف كبار شخصياته؟!



ردود أفعال شعبية..وغضب عارم



منذ إقرار الائتلاف لتشكيل مفوضية عليا للانتخابات، تتابعت الإدانات، وتداعى الناشطون لمواجهة هذه الخطوة التي اعتبروها نسفاً لأي حراك قد يفضي للإطاحة بالنظام السوري.


 


حيث أصدرت الهيئة العامة الثورية لمدينة حلب، بياناً حول قرار الائتلاف لتشكيل المفوضية العليا للانتخابات، اعتبرت فيه أن “القرار الذي صدر مؤخّراً، والذي من شأنه تعويم الانتخابات القادمة، تحت سلطة المجرم بشار الأسد، لا يمكن تبريره بأيّ خطاب رنّان فارغ”، واعتبروا أنّه “ماهو سوى تسويق الائتلاف لنفسه أمام داعميه أنّه الطرف الوحيد الذي سيخوض انتخابات مع النظام وداعميه قبل تشكيل هيئة حكم انتقالي، وخارج مقرّرات جنيف بالقرار 2254”.


 


كما طالب الموقّعون بـ”إزالة بقايا أي اعتراف سياسي للائتلاف، الذي لايمثّل إلا الارتزاق والأجهزة التي يتبع لها”، وأكّدوا على أنّ شرعية الائتلاف مرتبطة بسحب هذا القرار.


في سياق متصل، كان مجموعة من النشطاء السوريين قد أصدروا بياناً، أعربوا فيه عن استنكارهم لما جاء في قرار الائتلاف، حيث جاء في البيان: “يدّعي الائتلاف أنّ تشكيل المفوّضية العليا للانتخابات، جاء استجابة للقرارات الدولية، متوهّماً أنه يستطيع تمرير هكذا خطوة، بكلّ ما تحمله من خطورة والتفاف على مطالب الشعب وأهداف الثورة…”



معترضون ممن شغلوا مناصب في الائتلاف



من اللافت للنظر أن رئيس الائتلاف السوري المعارض الأسبق “جورج صبرة”، كان في طليعة المحتجين على القرار، والذي طالب بإيجاد ممثلين حقيقيين للشعب السوري، حيث نشر “صبرة” على صفحته في “فيسبوك”، منشوراً قال فيه: “‏الشعب السوري بحاجة لمن يمثله، وليس لمن يمثل عليه، فهم كثر” .


كما قال في مناسبة أخرى: “‏يقاطعون مؤتمر سوتشي، ويلتزمون بتنفيذ قراراته ومخرجاته (اللجنة الدستورية) .

‏يشكّلون مفوضية عليا للانتخابات، ويؤكدون عدم القبول أو المشاركة بأي انتخابات بوجود النظام . فمن يصدق؟

‏وأي تمثيل لقوى الثورة والمعارضة السورية يقوم به هؤلاء؟”.


 


ولم تخفِ “سهير الأتاسي”، والتي شغلت منصب نائب رئيس الائتلاف استياءها هي الأخرى، حيث نشرت على صفحتها في “فيسبوك”: “غريبة محاولات استغباء جمهور الثورة السورية من قبل المؤسسة الرسمية التي يُفترض أن تمثله وتمثل طموحاته” وأشارت إلى أنّه “في بيان الائتلاف السوري المتعلق بتأسيس مفوضية وطنية للانتخابات في سوريا، يقول أنه قرر إنشاءها استعداداً للمرحلة الانتقالية وما بعدها!!! كيف يصحّ ذلك بينما وثائق الائتلاف ونظامه الداخلي يقول بأن الائتلاف يحلّ نفسه مع بداية المرحلة الانتقالية وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي، كما يقول أنه لا يحق لأي عضو من الائتلاف الترشح للانتخابات في تلك المرحلة، فهل يريدون تنازع صلاحيات هيئة الحكم الانتقالي إن كانوا صادقين بهذا التوضيح؟”.


ونقلت أتاسي عن د. لؤي صافي قوله إن “تحويل العملية التفاوضية من مطالب في التغيير السياسي، وإعادة تركيب البنية السياسية للدولة، إلى عملية لجان دستورية وإجراءات انتخابية، كانت الفخ الذي سعت القيادة الروسية إلى جر المعارضة إليه، ويبدو أنها قد نجحت مع بعض المعارضين ممن وضع كامل ثقته بالقوى الدولية والإقليمية، مفضلاً السير مع توجيهات دبلوماسية ماكرة بدلاً من العمل على توليد موقف وطني موحد يحترم قناعات ومطالب الشارع السوري العريض”.



تهيئة البيئة الخصبة لقرار الائتلاف



مصادر كثيرة تناولت الدور المشبوه لكلّ من أنس العبدة، رئيس الائتلاف السابق ورئيس الهيئة العليا للمفاوضات الحالي، واتهمتهما بتعطيل أيّ تقدّم في الملف السوري، إلى أن أتمّ ما بات يعرف باسم “تمثيلية تبادل الطرابيش”، حيث أنّهما يتناوبان على رئاسة الكيانين الذين يفترض أن يكونا منبر التغيير في سوريا.


 


 


فمنذ عام 2016، ومع ترؤس العبدة للائتلاف، والذي شغل نصر الحريري يومها منصب أمين السر فيه، وحتى تاريخه، عمد الطرفان إلى حصر الموضوع بينهما، ولكن الجديد في الأمر أن الائتلاف هذه المرة استنسخ تجربة النظام كاملةً ابتداء من الاستفتاء على رئيسه ونوابه، بعد فترة تعطيل انتهت بتسلّم العبدة رئاسة هيئة المفاوضات.


من اللافت أيضاً، أن الاستفتاء تمّ على أسماء نوّاب الرئيس (عقاب يحيى، هشام مروّة، وربا حبوش)، والذين جاءت أسماءهم في سلّة واحدة مع الحريري!

إشارة استفهام أخرى تتعلّق بعمل اللجنة الدستورية التي توقّفت أعمال جلساتها لأسباب مبهمة، ليتمّ الإعلان عن جلستين متقاربتين، رغم جائحة كورونا التي تجتاح أوروبا حالياً، ما أثار مخاوف تتعلّق بتعديل “شكلي” للدستور السوري، كما في كلّ مرة منذ عام 2012، قبيل انتخابات يشارك فيها الائتلاف مقابل الأسد، وهو ما ينسف الحراك الثوري، برمّته، خاصة وأنّه يتجاهل المطلب الأبرز والأهم، وهو الكشف عن مصير المعتقلين.


خطوات الائتلاف السابقة تتزامن مع توجّه تركي لاحتلال المزيد من الأراضي، وغموض مريب يكتنف مصير ما يزيد على 4 ملايين سوري في الشمال السوري، ومع دعوات روسية لإعادة النازحين واللاجئين، على الرغم من الظروف المعيشية بالغة القسوة، وفي وقت لا نجاة فيه للأسد إلا بأموال إعادة الإعمار التي قيل مراراً أن لا سبيل للوصول إليها إلا من خلال “انتقال سلمي للسلطة”..

ويبقى الجرح الأكبر نازفاً يغرق بيوت السوريين بالدموع والألم.. وماذا عن مصير المعتقلين يا رئيسي النظام والائتلاف السوريين؟!


 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!