الوضع المظلم
الأحد ١٩ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
تصريحات جورج قرداحي.. تتسبّب بأزمة دبلوماسية عربية
تصريحات جورج قرداحي.. تتسبّب بأزمة دبلوماسية عربية
طالبت المملكة العربية السعودية سفير بلادها في لبنان مغادرة بيروت بمدة لا تتجاوز 48 ساعة، بالإضافة إلى مغادرة السفير اللبناني من الرياض وإيقاف الواردات اللبنانية، وهو ما تفاعلت معه دول مجلس التعاون الخليجي سياسياً، وتناوله بطريقة غير مسبوقة من قبل الجمهور العربي على مواقع التواصل الاجتماعي.

أثارت تعليقات وزير الإعلام اللبناني "جورج قرداحي" في برنامج "برلمان الشعب" موجة من الغضب العارم في الشارع العربي وتوبيخ شديد لشخص الوزير من قبل الشعب السعودي، خاصة، والعربي عموماً.

واعتبر قرداحي، أنّ الحوثيين يدافعون عن أنفسهم ولم يعتدوا على أي أحد، موضحاً أنّ الحرب اليمنية لا جدوى منها ويجب أنّ تتوقف.

ومن المعروف أنّ السعودية تتعرّض باستمرار لهجمات بالطائرات المسيّرة التي تشنّها ميليشيا الحوثي "أنصار الله" في اليمن، واستهدافها للمنشآت الحيوية شمال المملكة، مما أدى إلى تصنيفها على لوائح الإرهاب في السعودية، إضافة إلى دول في مجلس التعاون الخليجي.
وذكر اللواء السعودي المتقاعد عيسى آل فايع، وهو الباحث في الشؤون الاستراتيجية والأمن الدولي، في حديثه لـ ليفانت نيوز، في إطار حرص المملكة على أمنها ومصالحها الاستراتيجية بعد تراكم التصرفات اللبنانية اللامسؤولة، سواءً من قبل حكومتها أو من قبل مسؤولين فيها، أقلها تصدير المخدرات ضمن شاحنات الفاكهة والبضائع، بالإضافة إلى الإساءات الأخيرة التي أطلقها جورج قرداحي -وزير الإعلام- واصطفافه إلى جانب الميليشيات الإرهابية الحوثية في اليمن عبر قلب الحقائق بتصريحات مضللة للرأي العام اللبناني والإقليمي.

وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي/ أرشيفية

وأضاف أنّ القرارات السعودية تهدف إلى إيقاف محاولات اختراق الأمن القومي العربي الذي تمارسه إيران وميليشياتها في المنطقة، حيث أنّ لبنان يقبع حالياً تحت سطوة سلاح "حزب الله" الذي يرى مصلحة الحزب فوق مصلحة الدولة اللبنانية.

وأردف عيسى، يجب أن تدرك الحكومة والأوساط النيابية اللبنانية أنّ أمن ومصالح لبنان الاستراتيجية تكمن في تعاونه مع محيطه العربي ومشروع التنمية للمنطقة الذي تقوده السعودية من خلال التعاون الإقليمي لمواجهة تهديدات إرهاب الدولة الذي يصدره النظام الإيراني عبر الجماعات المتطرّفة.

في الواقع، يواجه لبنان أزمة جديدة تضاف إلى أزماته المتراكمة، في ظل الظروف الاقتصادية المحيطة به، والمواجهات السياسية بين القوى المحلية، كان آخرها الاشتباك بالأسلحة المتوسطة في منطقة الطيونة، إثر اعتداء مقاتلي حزب الله على المدنيين في معقل حزب القوات اللبنانية، مما أدى بأبناء المنطقة للدفاع عن أنفسهم، الأمر الذي أسفر عن قتل ستة أشخاص وإصابة عشرات آخرين.

وقال اللواء عيسى، يقتضي أن يكون لدى الحكومة اللبنانية رؤية واضحة تمكّن اللبنانيين من التعاون الإيجابي ونبذ الفاسدين ومن لديهم ولاءات مشبوهة من الوزراء والمتنفذين لإخراج لبنان من حالة "اللادولة" التي تسببت في عزلة دولية للبنان وعطلت مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية لشعبه.

الانقسام اللبناني السياسي

ألقى الانقسام السياسي اللبناني إلى مزيد من الخلافات داخل حكومة نجيب ميقاتي التي تعاني بشكل أساسي من شللٍ سياسيّ بسبب تعارض القوى السياسية حول آليات التحقيق واستدعاء القاضي "طارق بيطار" لوزراء سابقين في حكومة حسان دياب، جرّاء الانفجار الذي ضرب مرفأ بيروت، في أغسطس/ آب 2020.

وكان رئيس الوزراء اللبناني ميقاتي قد تشاور مع الرئيس اللبناني "ميشال عون" قبل اتصاله بوزير الإعلام جورج قرداحي لوضعه أمام مسؤولياته، على أنّ يُغلب المصلحة الوطنية واتخاذ القرار المناسب، بعد قرار المملكة السعودية بحسب السفير، تبعه قرار مشابه من المملكة البحرينية.

قال الدكتور سمير جعجع، قائد حزب القوات اللبنانية، في تغريدة له على منصّة تويتر: "بعيداً من كل التنظيرات الفكرية التي نسمعها من البعض في الوقت الحاضر، هناك أزمة متدحرجة كبيرة جداً بين دول الخليج والحكومة اللبنانية، وإنّ الأكثرية الحكومية الحالية مدعوة إلى اتخاذ قرار سريع وحاسم وواضح لتجنيب الشعب اللبناني مزيداً من المآسي".

ومن جهته، دعا السياسي اللبناني المخضرم وليد جنبلاط إلى الكف عن الكوارث، مشدداً على إقالة الوزير قرداحي قبل فوات الأوان وخسارة حلفاء بحجم دول الخليج العربي، متسائلاً؛ إلى متى يبقى الغباء والتآمر والعمالة السياسية الداخلية والخارجية اللبنانية؟
يعتبر التدخل الإيراني في أربع عواصم عربية سبباً رئيساً في الخلافات العربية، وذلك بسبب دعم الحرس الثوري الإيراني لميلشيات خارجة عن القانون، مثل حزب الله اللبناني وجماعة أنصار الله اليمينة (الحوثيين)، وميليشيات الحشد الشعبي العراقي، بالإضافة إلى دعم نظام بشار الأسد الذي قتل وشرّد ما لا يقل عن نصف الشعب السوري وتدخل جماعات إيرانيّة متشددة في الكويت والبحرين في أوقات سابقة.

وفي السياق ذاته، تنصّل رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، مع عدد من وزراء الحكومة، من تصريحات قرداحي بشأن الحرب اليمنية، باعتبارها تخصّه وحده، بينما استنكرت منظمة التعاون الإسلامي، يوم الأربعاء، في بيان لها، تصريحات قرداحي، عندما وصفها الأمين العام للمنظمة الدكتور يوسف العثيمين بـ"تصرف غير مسؤول ولا يبالي بمصلحة الشعب اليمني"، مضيفا أنّ تصريح الوزير اللبناني، تعكس فهماً قاصراً وقراءة سطحية للأحداث في اليمن".

اقرأ المزيد: البحرين تطلب من السفير اللبناني المغادرة والجامعة العربية تعرب عن قلقها

يُشار إلى أنّ المملكة العربية السعودية منحت اللبنانيين فرصاً عديدة منذ أن بدأ حزب الله تصدير حبوب الكبتاغون إلى دول الخليج العربي عبر سوريا، مما أدّى إلى أزمة وقتذاك، تلاه تصريح لوزير الخارجية اللبناني الأسبق، شربل وهبة، موجهاً انتقادات حادة بعيداً عن اللياقة الدبلوماسية، حيث قال" أنا في لبنان ويهينني واحد من أهل البدو".

اقرأ المزيد: السعودية تستدعي سفيرها من لبنان.. وتطرد السفير اللبناني

وضوحاً، أنّ قرار المملكة السعودية لا يتعلق بإركاع الحكومة اللبنانية بقدر ما عانت الرياض من سلوك القادة السياسيين في بيروت وانحياز العديد منهم للمشروع الإيراني الذي أدى بـ"لبنان" إلى الهاوية ومن جوانب عدة اقتصادية سياسية واجتماعية.

خاص ليفانت

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!