-
تركيا تُحاكم مُواطنة كُردية سُورية، وترفض إخلاء سبيلها
قالت وسائل إعلام تركيّة، اليوم الثلاثاء، إنّه وعقب اعتقالها إبان الهجوم التركي على شمال وشرق سوريا، لم يُفرج حتى الآن عن “روجين تمو” المعروفة بـ”جيجاك كوباني”، في الجلسة الأولى للقضية المرفوعة ضدّها، حيث أُرجئت المحاكمة إلى 28 يوليو.
وشنّت تركيا وميلشياتها المسماة بـ”الجيش الوطني السوري” هجوماً على شمال وشرق سوريا، في أكتوبر العام 2019، وخلالها جرى أسرها على تخوم مدينة كوباني في شمال سوريا، في الواحد والعشرين من أكتوبر.
وذكر الإعلام التركي حول القضية، بأنّه قد شوهدت _تمو_ في الجلسة الأولى للقضية، وهي المحتجزة في سجن أورفا، وقد حضرت جلسة الاستماع أمام المحكمة الجنائية العليا الخامسة في أورفا.
وبدأت المحاكمة مع قراءة مكتب المدّعي العام لائحة الاتهام، في وقت لاحق، قالت تمو، التي أدلت بأقوالها باللغة الكردية من خلال مترجم، بأنّها انضمت إلى القوة الأكثر تنظيماً في شمال سوريا بشكل طوعي، وأنّها لم تستخدم الأسلحة وشاركت في الأنشطة الإنسانية.
من ناحية أخرى، قالت محامية تمو، وهي “هدايت إنميك”، إنّ لائحة الاتهام لم تُبلَّغ إليهم وإنّهم سيفحصون ويقدمون دفاعاً تفصيلياً.
وقالت إنميك، التي سألت عن الأشخاص الذين اعتقلوا تمو أو جيجاك، في إشارة إلى مليشيات “الجيش الوطني السوري” بالقول: “إنّ هؤلاء غير مدرجين في الملف، ليس من الواضح إن قام أعضاء هيئة الخدمات المالية بالابتعاد عن موكلتنا، لا يوجد مستند ومعلومات في الملف حول كيفية إصابة موكلتنا، ليس لدى الجيش الوطني السوري واجبات تطبيق القانون، كما أنّه ليس لديها اختصاص للاحتجاز، هناك احتجاز غير عادل وغير قانوني، وبهذه الطريقة، يُفهم وجود عيب في تنظيم لائحة الاتهام، موكلتنا ولدت في الرقة وهي سورية، وإنّ فهم الجهة التي تقوم بإجراءات إنفاذ القانون ضد موكلتنا أمر أساسي لهذا الاتهام”.
ورغم ذلك، رفضت المحكمة المطالب، بعد استراحة قصيرة، مطالب المحامية بالإفراج عن موكلتها، وقرّرت المحكمة مواصلة احتجازها.
أسر جيجك كوباني من قبل ياسر وإخوته
وكان قد ظهر، في الثامن والعشرين من أكتوبر، مقطعاً مصوراً لـ”جيجك كوباني” الأسيرة، والتي تمكّن مسلحو مليشيا “فيلق المجد” التابعة لمليشيات “الجيش الوطني السوري” من اعتقالها.
وقد قام المسلحون الموالون لأنقرة بتصوير أنفسهم بينما يلتقطون صور الـ”سيلفي” مع الأسيرة المصابة في قدمها “جيجك”، وكان من بين ملتقطي الصور المدعو “ياسر عبد الرحيم” الذي يظهر كضيف على شاشة “الجزيرة” القطرية كناطقٍ عسكري، وتعرّفه “الجزيرة” لمشاهديها على أنّه “الناطق العسكري باسم وفد المفاوضات السورية في أستانة”، وتستضيفه القناة باستمرار.
ولا يتوقّف الأمر لدى هؤلاء بالتباهي في قتل المدنيين ميدانياً وتصوير أنفسهم خلال ذلك، وهو ما عمدوا إليه خلال إعدام السياسية الكُردية السورية “هفرين خلف” ميدانياً، في الثاني عشر من أكتوبر العام 2019.
وظهرت “جيجك كوباني” في فيديو آخر، محمولة على كتف مسلح مقنّع متّشح بالسواد، ممسكاً بالمرأة التي كان يتملكها الفزع وسط عدد من المسلحين، فيما كان يقول أحدهم وهو يصورها ويصيح “خنزيرة”، ويقول ثالث “اقطعوا رأسها”.
وأثار الفيديو الذي انتشر على نطاق واسع، حالة من الغضب على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن بعد أيام من نشره، عرض التلفزيون الرسمي التركي فيديو يظهر جيجك وهي تتلقّى العلاج في إحدى المستشفيات في تركيا.
جرائم حرب من نبع السلام
وقال مسؤولون في الولايات المتحدة، إنّ بعض الممارسات التي ظهرت في تسجيلات الفيديو هذه قد تعتبر جرائم حرب، حيث قال جيمس جيفري، المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، أمام البرلمان في بداية نوفمبر 2019: “إنّ الكثير من الناس فرّوا من منازلهم مدفوعين بمخاوف من ممارسات قوات المعارضة السورية الموالية لتركيا”.
وأضاف: “نرجّح أنّ قوّات المعارضة السورية الموالية لتركيا والتي تعمل بإمرة القيادة العامة للجيش التركي، ارتكبت جرائم حرب في حادث واحد على الأقل”.
فيما قال بريت ماكجروك، المبعوث الأمريكي الخاص السابق لسوريا: “لقد تابعت حملة تنظيم الدولة، 40 ألف مقاتل أجنبي، وهم جهاديون من 110 دول حول العالم، جاؤوا كلهم إلى سوريا لخوض هذه الحرب عبر تركيا” (في اتّهام واضح وصريح لتركيا بالتعاون مع التنظيمات الإرهابية).
بدوره، أشار مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا إلى أنّه قد وثّق مقتل 120 امرأة، وإصابة 420 منذ بدأ الهجوم التركي على عفرين، في 20 يناير 2018، وحتى 24 نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2019.
وقال المركز إنّه وثّق 6 حالات على الأقل لتعذيب نساء، وإعدامات ميدانية، منها اغتيال السياسية الكردية هفرين خلف على يد ميليشيا “أحرار الشرقية” التابعة لتركيا، إضافة لإعدام ممرضتين من الفريق الطبي على طريق بلدة تل أبيض، في 12 أكتوبر، واعتقال جيجك كوباني وجرّها للذبح بشعارات “الله أكبر” من قبل مسلحي مليشيا “فيلق المجد”، بالإضافة إلى التمثيل بجثة المقاتلة “أمارة”، بالقرب من بلدة عين عيسى.
كما كانت قد أصدرت 16 منظمة حقوقية ومعنية بالحريات بياناً في نهاية أكتوبر، أدانت فيه الهجوم العسكري التركي على مناطق “الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا”، وتطرّقت فيه إلى اعتقال “جيجك”، وقالت: “إنّ هناك جرائم أخرى تتمثّل في استخدام الأسلحة المحرمة دولياً والمحظورة بموجب إعلان سان بطرسبورغ 1868، وكذلك المعاملة المهينة والسيئة لأسرى الحرب والتي تشكل خرقاً وانتهاكاً لاتفاقيّة جنيف الثالثة لعام 1949 والبروتوكول الملحق لها لعام 1977 المادتين (3_4)منها، والمثال الحي على المعاملة المهينة واللاإنسانية من قبل دولة الاحتلال التركي والفصائل المتعاملة معها لأسرى الحرب هو ما حدث مع الأسيرة جيجك كوباني، حيث قامت المجموعات المسلحة بتصويرها وتهديدها على مرأى ومسمع من العالم بذبحها وإطلاق الشتائم والتوصيفات المهينة بحقها، بالمخالفة لنص المادة (14) لاتفاقية جنيف الثالثة”.
وحمّل البيان دولة الاحتلال التركي ورئيسها رجب طيب أردوغان، باعتباره القائد العام للقوات المسلحة التركية، واللواء سليم إدريس، القائد العام لما يسمى بالجيش الوطني السوري، والرائد ياسر عبد الرحيم، قائد الفصيل الذي قام باحتجاز الأسيرة جيجك كوباني، المسؤوليّة القانونية كاملة عن جرائم الحرب التي ارتكبت ولا تزال ترتكب في شمال شرق سوريا بحق المدنيين الآمنين، من قتل عمد وإعدامات ميدانية واستخدام للأسلحة المحرّمة دولياً والمعاملة المهينة واللاإنسانية للأسرى، وفقاً للمادة (12) من اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949.
ليبقى السؤال الأهم، بأيّ حقّ يمكن لدولة أن تعتدي على شعوب دولة مجاورة لها، ومن ثم تحاكمهم لأنّهم تصدّوا لهجومها، سوى إن كان الحكم في ذلك، يتم من المنطق العدوان وإنكار الآخر والعمل على سحقه وتفتيته.
ليفانت-خاص
أعداد وتحرير: أحمد قطمة
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!