الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • بتحالفات نووية ومناورات عسكرية.. واشنطن تترصد التنين الصيني

بتحالفات نووية ومناورات عسكرية.. واشنطن تترصد التنين الصيني
الطرفان الأميركي والصيني \ متداول

عقب أن كانت موسكو الرقم الصعب الذي لطالما أرّق واشنطن، برز التنين الصيني خلال السنوات الأخيرة، على أنه الخصم المنافس الأشرس لواشنطن، بالأخص في المجال الاقتصادي، الذي لا تتمتع فيه موسكو بقوة تذكر أمام جبروت واشنطن الاقتصادي، وعليه، بدأت البوصلة الأمريكية تنحرف شيئاً فشيئاً عن روسيا رغم الخطر العسكري الذي تمثله، إلى الصين، التي تتنوع فيها جوانب الخطورة، من العسكرة إلى الاقتصاد، إلى المزاحمة على مناطق النفوذ.

تحالفات عسكرية نووية

ولمواجهة بكين، تتخذ واشنطن أشكالاً عدة لحصار التنين المتمرد، ومنها التحالفات العسكرية الجديدة، التي ترمي إلى حصار بكين، وتحديد منطقة نشاطها، ومنها تحالف أوكوس، الذي أعلن عنه في منتصف سبتمبر الماضي، بين الولايات المتحدة وبريطانيا أستراليا، وتضمن فيما يتضمن، نشر غواصات تعمل بالطاقة النووية، وتعزيز الوجود العسكري الغربي في منطقة المحيط الهادئ.

اقرأ أيضاً: الولايات المتحدة تعلّق 44 رحلة ركاب إلى الصين

أمرٌ وجد فيه متابعون محاولة أمريكية لمواجهة نفوذ جمهورية الصين الشعبية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وهو تحالفٌ أقلق بكين حقاً، وقالت عنه الكثير، منه في بداية يناير الجاري، عندما قال فو تسونغ المدير العام لإدارة الحد من التسلح بوزارة الخارجية الصينية، إن تحالف "أوكوس" الأمني بين واشنطن ولندن وكانبيرا، قد يؤدي إلى انهيار نظام عدم انتشار الأسلحة النووية.

اقرأ أيضاً: تفريغ شحنة نفط إيرانية في الصين رغم العقوبات

مضيفاً: "تحالف أوكوس، وخاصة الاتفاق الثلاثي بشأن تطوير الغواصات النووية، هو أمر بالغ الجدية، وجوهر المشكلة يكمن أنه إذا تم تنفيذ هذه الخطة، فسيعني ذلك أن الولايات المتحدة وبريطانيا ستقومان كدولتين نوويتين، بتسليم اليورانيوم الحربي إلى أستراليا، وهي ليست دولة نووية"، وتابع: "هذا التعاون الثلاثي بشأن الغواصات النووية سيشكل سابقة سلبية للغاية، ونعتقد أن هذا سيكون استخداماً خبيثاً لثغرة في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وإذا فعلت العديد من الدول ذلك، فسينهار نظام منع الانتشار النووي".

مساندة واشنطن للأوروبيين

ما يمكن تشبيهه بمعركة باردة لكسر العظم بين واشنطن وبكين، تمتد من العسكرة إلى الدبلوماسية، عبر إثارة الملفات التي تزعج بكين، وتسبب لها أرقاً داخلياً، ومنها قضية تايوان، التي تتمتع بحساسية عالية لدى الجانب الصيني، ففي الثامن من يناير الجاري، جددت الإدارة الأمريكية تأكيد "دعم واشنطن القوي" للاتحاد الأوروبي وليتوانيا بمواجهة الصين، المتهمة بعرقلة صادرات ليتوانية، احتجاجاً على قرار السماح لتايوان بفتح مكتب تمثيلي بفيلنيوس.

اقرأ أيضاً: العلاقات الصينية الخليجية: من أمن الطاقة إلى الشراكة الاستراتيجية

وقال مكتب الممثلة التجارية الأمريكية في بيان إن "كاترين تاي تحدثت اليوم مع نائب الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية، فالديس دومبروفسكيس، وأعربت عن دعم الولايات المتحدة القوي للاتحاد الأوروبي وليتوانيا في مواجهة الإكراه الاقتصادي من جانب جمهورية الصين الشعبية"، حيث شكل سماح ليتوانيا، لتايوان بفتح مكتب رسمي في العاصمة الليتوانية فيلنوس، خطوة دبلوماسية مهمة تحدّت حملة ضغط شنتها بكين.

إذ افتتحت في نوفمبر الماضي، تايبيه (عاصمة تايوان) مكتباً تمثيلياً في ليتوانيا تحت اسم تايوان، ما أثار غضب الصين، التي ترفض أي استخدام لاسم "تايوان"، نتيجة خشيتها من أن يضفي ذلك شرعية دولية على الجزيرة، التي تتمتع بحكم ذاتي، وتعتبرها بكين جزءاً من أراضيها، ولطالما تتوعد بالاستيلاء عليها يوماً ما بالقوة إذا ما لزم الأمر.

مناورات عسكرية على تخوم صينية

وبجانب التحالفات العسكرية الجديدة وأوراق الضغط الداخلية على بكين، تستخدم واشنطن تحالفاتها القديمة أيضاً، مع دولة شرق آسيا، كما هو الحال مع اليابان وكوريا الجنوبية وغيرها، بغية التحرك على حدود الصين، وإيصال رسالة مفادها، بأن واشنطن لا تزال حاضرة، ومستعدة لحماية مصالحها وحلفائها بالمنطقة، وعليه، تواصل القوات الأمريكية بين الفينة والأخرى التحرك في مياه قريبة من الصين، كبحر الصين الجنوبي.

اقرأ أيضاً: كوريا الشمالية.. إطلاق صواريخ بالستية جديدة وقطار شحن يعبر إلى الصين

وبالصدد، دخلت المدمرة الأمريكية "USS Benfold" ، في العشرين من يناير الجاري، إلى مياه جزر شيشا (باراسيل) المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، ما اعتبرته بكين عملاً استفزازياً، مطالبةً واشنطن بوقف تلك الأعمال، وصرح المتحدث باسم قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش الصيني، تجيونلي، إن "المدمرة الأمريكية USS Benfold المزودة بالصواريخ الموجهة دخلت بشكل غير قانوني المياه الإقليمية لأرخبيل شيشا الصيني (جزر باراسيل) في 20 يناير، دون إذن من الحكومة الصينية".

كما أشار إلى أن المجموعة البحرية التابعة للجيش الصيني في منطقة القيادة الجنوبية رافقت السفينة الأمريكية وحذرتها، لمغادرة المنطقة، معتبراً تصرفات الجانب الأمريكي بأنها انتهاك خطير لسيادة وأمن الصين، زاعماً إن تلك الأعمال باتت دليلاً على أن الولايات المتحدة تسعى جاهدة لعسكرة بحر الصين الجنوبي.

اقرأ أيضاً: أنشطة جاسوسية محتملة لحساب الصين في البرلمان البريطاني

اتهامٌ قد يبدو منطقياً، في ضوء التحركات الأمريكية العسكرية المستمرة، مع حلفائها، ومنها طوكيو، إذ أعلنت قوات الدفاع الذاتي اليابانية، في الثالث والعشرين من يناير، أن مناورات عسكرية كبيرة لقواتها والقوات البحرية الأمريكية جرت في الفترة ما بين 17 و22 يناير الجاري بجنوب جزيرة أوكيناوا، وأضافت أنه شاركت في المناورات من الجانب الأمريكي 10 سفن، بما فيها حاملتا الطائرات "كارل فينسون"، و"أبراهام لينكولن" النوويتان.

أما الجانب الياباني فكانت تمثله حاملة المروحيات من طراز "هيوغا"، بينما ذكرت قناة "NHK" اليابانية إن هذه المناورات كانت تهدف إلى عرض تماسك الجهود اليابانية والأمريكية في المنطقة، على خلفية نمو النشاط الصيني في البحر، لتشير جملة المعطيات الواردة أعلاه، إلى أن المواجهة المؤجلة بين واشنطن وبكين، قد تتحول فعلاً إلى أمر واقع، خلال السنوات القادمة، إن لم يصل الجانبان إلى تفاهمات يراعيان فيها مصالح بعضيهما، وتقي المنطقة شرّ النزاع.

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!