الوضع المظلم
الأربعاء ٠٦ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • النقاط العسكرية التركية في "نبع السلام" استكمالاً لخطوات "سوريا الشمالية"

النقاط العسكرية التركية في
النقاط العسكرية التركية في "نبع السلام": استكمالٌ لخطوات "سوريا الشمالية"

أعلنت وزارة الدفاع التركية، اليوم الأحد، إنشاءها نقاط مراقبة على طرق مناطق عملية "نبع السلام" في سوريا، وذلك لمنع استهداف وحدات حماية الشعب للمدنيين بالسيارات المفخخة، وفقاً لمزاعم أنقرة.


ويأتي النبأ ليستكمل أخرى في المناطق التي تسيطر عليها تركيا ومليشياتها السورية عبر عمليات عسكرية أسمتها "درع الفرات" و"غصن الزيتون" و"نبع السلام"، في ظل فوضى أمنية واسعة وعمليات اغتيال لقياديين في صفوف الفصائل الموالية لأنقرة، وتفجيرات بسيارات ودراجات مفخخة تبنى تنظيم داعش تنفيذ عدد منها، لكن أنقرة تبقى مُصرة دائماً أن الكُرد السوريين وراء كل تفجير يحدث.


موافقة دولية..


ويشير موقع أحوال تركية المعارض إلى أمتلاك أنقرة نقاطاً مماثلة في إدلب، منوهةً أنها ما كانت لتكون قادرة على إدخال جنودها وإقامة تلك النقاط العسكرية دون الحصول على موافقة الطرف الذي يسيطر على الأرض هناك وهو "هيئة تحرير الشام- جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة" في إدلب، التي كان مسلحوها يرافقون الضباط الأتراك عند القيام بمهام الاستطلاع لإقامة النقاط، كما أن كل القوافل التركية التي تقوم بتموين نقاط المراقبة تمر عبر حواجز الهيئة المُصنفة تنظيماً إرهابياً في كافة دول العالم.


وهي افتراضية تنطبق على الوضع في شرق الفرات وشمال حلب، حيث أقامت تركيا قواعد لها في مناطق يفترض أنها حصلت على موافقة روسية وأخرى أمريكية لإقامتها، تحت حجج عديدة منها حماية السوريين من آلة الحرب التي يحملها النظام تارة، وتارة أخرى من قوات سوريا الديمقراطية كما حصل شرق الفرات.


معابر جديدة..


ولا يبدو أن إقامة نقاط عسكرية كانت الإجراء الوحيد الذي يثير الريبة حول المخططات التركية للاستمرار في التواجد بعيد المدى ضمن مناطق خضعت لسيطرة جيشها بصورة مباشرة أو غير مباشر عبر مليشيات سورية، ففي مارس الماضي، نقلت وسائل إعلام رسمية عن وزيرة التجارة التركية، روهصار بكجان، قولها، إن بوابة حدودية بين تركيا ومنطقة عفرين شمال سوريا، أصبحت جاهزة وسيبدأ العمل بها الأسبوع المقبل، في خطوة جديدة وصفها مراقبون بأنها ترسخ لتواجده، علماً أن تركيا لم تملك سابقاً معبراً مباشراً مع عفرين.


جدران عازلة..


وفي أبريل\نيسان، أكد ناشطون بدء تركيا بناء جدار عازل في محيط مدينة عفرين لعزلها عن محيطها السوري، ما أعتبرها مراقبون استكمالاً لجملة أعمال تهدف لضم عفرين إلى الأراضي التركية، والذي علق عليه مجلس سوريا الديمقراطيّة في بيان في الخامس والعشرين من أبريل بالقول: «بدأت الدولة التركية المحتلة لمنطقة عفرين ببناء جدار إسمنتي في محيط مدينة عفرين لعزلها عن محيطها السوري، تمهيداً لتنفيذ مخططها الرامي إلى ضم منطقة عفرين لجغرافيتها على غرار لواء اسكندرون الذي سلخته من الأراضي السورية وضمته لتركيا في ثلاثينات القرن الماضي»، مضيفاً: «تعمل الدولة التركية على بناء نحو 70 كم من جدار إسمنتي عازل مع أبراج مراقبة على اتصال مباشر مع نقاط عسكرية تركية, تهدف الدولة التركية المحتلة من خلاله إلى ترسيخ الاحتلال تمهيداً لضم منطقة عفرين مستغلة الصمت الدولي المريب».


بيد أن الجدار الذي أثار حينها الكثير من الجدل حول أهدافه، انقطعت أخباره منذ ذلك الحين، في ظل شح المعلومات القادمة من محيط عفرين وداخلها، ومن غير المعروف بالتحديد المسافة التي قد أقيم عليها الجدار حول عفرين، لكن الأكيد أن الطرق بين عفرين والداخل السوري مقطوعة.


توحيد المليشيات..


كما عملت تركيا في سبيل ترسيخ تواجدها على الأرض السورية، إلى جمع المسلحين في محافظتي حلب وإدلب شمال سوريا، تحت راية مليشيا "الجيش الوطني السوري" المرتبطة بما تسمى "الحكومة السورية المؤقتة"، وفي هذا السياق، نشر موقع "احوال تركية" المعارض في بداية أكتوبر الماضي، تقريراً قال فيه إنه "بات من المؤكد أنّ أنقرة تسعى بالفعل لتكريس واقع الانفصال والاحتلال لمناطق الشمال السوري، حيث أنّ عدد الرموز والأعلام التركية وحالات التغيير الديموغرافي وطمس الهوية الثقافية التي تشاهد في المدن السورية المحتلة من قبل تركيا، قد لا يوجد لها مثيل على الأراضي التركية نفسها".


مضيفأ: "بينما تدّعي الحكومة التركية عدم رغبتها في البقاء بالأراضي السورية، إلا أنها بدأت سريعاً إدخال مؤسساتها الخدمية وموظفيها لمُدن الشمال السوري التي سيطرت عليها قوات موالية لها في إطار عمليتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون"، كاشفة بذلك عن وجه استعماري قديم مُتجدّد يشمل كذلك الاستيلاء على منازل السوريين وتغيير أسماء بعض الشوارع بأخرى تركية وفرض التعامل بالليرة التركية، فضلاً عن فرض مدارسها ومناهجها وجامعاتها".


السيطرة على العقول..


وأستطردت الصحيفة التركية المعارضة في ذات التقرير: "تحدثت الجريدة الرسمية التركية عن أنّ جامعة غازي عنتاب سوف تفتتح ثلاث كليات في بلدات صغيرة بشمال سوريا وهو ما يعبر عن تزايد الوجود التركي بالمنطقة، حيث ستفتح كلية للعلوم الإسلامية في أعزاز بسوريا وأخرى للتربية في عفرين وثالثة للاقتصاد وعلوم الإدارة في الباب"، منوهةً إن التعليم يُعتبر بوابة الخطّة الأخطر في عملية التتريك للمناطق السورية التي تحتلها أنقرة من خلال فصائل سورية مسلحة موالية لها، وذلك نظراً لفرض اللغة والتاريخ التركيين على الطلبة السوريين بكل ما يحمله ذلك من عملية تزوير للعديد من الحقائق والوقائع التاريخية والثقافية والعلمية على حدّ سواء من وجهة نظر تركية عثمانية بحتة.


كما وزّعت تركيا كتبها المدرسية على 360 ألف تلميذ داخل المناطق التي سيطرت عليها في إطار عمليتي “درع الفرات” و”غصن الزيتون” شمال سوريا، في كلّ من مُدن “عفرين” و”جرابلس″ و”الباب” و”أعزاز″ و”جوبان بي” و”أخترين” و”مارع″.


الأعلام والرموز التركية..


وفي مناطق سيطرة تركيا شمال سوريا، يمكن للمرء أن ينسى ذاته ويعتقد أنه في إحدى الأرياف التركية، وهو ما تطرقت له صحيفة الخليج في السادس من أكتوبر عندما قالت: "عملية التتريك تجري على قدم وساق، إذ إن الدوائر الحكومية والرسمية باتت ترفع العلم التركي بدلاً من العلم السوري، كما يتم داخلها رفع صور أردوغان، وتكتب أسماء الدوائر والمؤسسات باللغتين التركية والعربية، حيث تبدو الحروف التركية أكبر حجماً من الحروف العربية. كذلك فإن الحدائق العامة باتت تحمل أسماء عثمانية مثل «حديقة الأمة العثمانية» في أعزاز، وساحة أردوغان في عفرين، وأطلقت أسماء تركية على العديد من المدارس السورية، مثل مدرسة «بولانت آل بيرق».


مضيفةً: "ومن مظاهر التتريك أيضاً أن القضاة والمحامين السوريين لا يتم تعيينهم إلا بالتنسيق مع وزارة العدل التركية، ولا يُسمح للشركات غير المسجلة في تركيا بالعمل في عفرين أو مناطق أخرى خاضعة للسيطرة التركية. كما تم مؤخراً افتتاح مدينة صناعية واقعة بين الباب وحلب وربطها بتركيا لتسهيل عمليات الاستيراد والتصدير بين تلك المناطق وتركيا".


سوريا الشمالية..


وعلى الرغم من عدم إمكانية إحصاء الإجراءات التركية التي قد تؤكد الاتهامات المُوجهة لـ أنقرة، بالسعي لاقتطاع أراض سورية بحجة حماية الشعب من النظام.. إلا أن الأكيد، أنه ومع طول عمر الصراع السوري، فإن أطفالاً سوريين ولدوا ولم يعهدوا علماً فوق رؤوسهم سوى العلم التركي، وهو ما يرفع قدرة الجانب التركي على تنفيذ أحلامه لو سمحت له الأقطاب العالمية.


ولربما سيكون مستقبل الشمال السوري أقرب إلى مستقبل "قبرص الشمالية"، فيضحى معها واقعياً سماع عبارة "سوريا الشمالية التي لا تعترف بها دولة سوى تركيا!".


ليفانت-خاص


متابعة وإعداد: أحمد قطمة

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!