الوضع المظلم
الخميس ٠٩ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • الناتو وروسيا.. 3 محددات لمنع الحرب العالمية الثالثة في أوكرانيا

  • الحرب العالمية مرهونة بعدم حصول واحدة من المحددات الثلاثة، وهي عدم فرض حظر طيران على أوكرانيا، وعدم تنفيذ ضربات كيمائية، وعدم انتقال تسليح أوكرانيا إلى مستويات تهزم روسيا بشكل مدوي
الناتو وروسيا.. 3 محددات لمنع الحرب العالمية الثالثة في أوكرانيا
روسيا وأوكرانيا \ ليفانت نيوز

بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير الماضي، بذريعة أنها لن تقبل بأي تهديد على حدودها الغربية، داعيةً إلى جعل أوكرانيا بلداً محايداً، بما يطمئن المخاوف الروسية، بمعنى تجريدها من سلاحها، وحرمانها من حقها كدولة ذات سيادة بالانضمام لأي تحالف عسكري ترى فيه حامياً لها، وبالتحديد وقف المساعي الأوكرانية للانضمام إلى حلف الناتو، أو توسع الأخير في الدول الأوروبية الشرقية، ما يمثل "خطاً أحمر" بالنسبة لها.

لكن الغرب رفض تلك المطالب، وشدد على حرية أي دولة بالانضمام إلى تحالفات دولية، ما استدعى استنفاراً أمنياً بين موسكو والغرب، لاسيما دول الناتو والاتحاد الأوروبي، ما دفع العديد من الدبلوماسيين الغربيين رفيعي المستوى إلى تحذير من "حرب عالمية ثالثة".

تحذيرات من حرب عالمية ثالثة

وعلى الرغم من خطورة الموقف، تجنب الغرب الخوض في غمار صراع مفتوح مع روسيا، وظهرت الكثير من التحذيرات من مغبة اندلاع نزاع عالمي جديد، فأكد الرئيس الأمريكي جو بايدن في السادس والعشرين من فبراير، أنه لم يكن أمام بلاده بديل عن العقوبات ضد روسيا، سوى حرب عالمية ثالثة، موضحاً في تصريحات: "كان أمامنا خياران: بدء حرب عالمية ثالثة، حرب فعلية مع روسيا، أو الخيار الثاني وهو أن الدولة التي تتصرف بشكل مخالف للقانون الدولي تدفع ثمن ما تفعله".

اقرأ أيضاً: بريطانيا تزود أوكرانيا بستة آلاف صاروخ إضافي.. دعم بي بي سي لتغطية الحدث

مضيفاً: "العقوبات التي فرضت حتى الآن أصبحت من وجهة نظري الأكبر في التاريخ"، وتابع: "روسيا ستدفع ثمناً باهظاً على المدى القصير والطويل، وخاصة على المدى البعيد"، وهو ما ساندته الكثير من المواقف الغربية، منها وزيرة الدفاع البلجيكية لوديفين ديدوندر التي أعلنت إن "عدم إرسال جنود بشكل مباشر إلى أوكرانيا من شأنه أن يجنبنا الدخول في مواجهة مباشرة مع روسيا، حيث أن إرسال الجنود إلى داخل أوكرانيا قد يفتح الباب أمام حرب عالمية ثالثة".

المحدد الأول: حظر الطيران

ومع استمرار الصراع المسلح، على النحو الذي لم يتوقعه الروس، الذين كانوا يعتقدون أنه بمقدورهم تنفيذ عملية عسكرية سريعة، تقلب نظام الحكم في كييف، ظهرت مجموعة من المحددات التي كشفها الروس والغرب، لمنع الانزلاق إلى حرب عالمية، ففي الرابع من مارس، أوضح رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، أن فرض منطقة حظر طيران فوق الأراضي الأوكرانية قد يشعل حرباً عالمية ثالثة، وتابع قائلاً :"نحن بحاجة إلى القيام بكل ما هو ممكن، لكن مع الأخذ في الاعتبار أن لدى الروس أسلحة نووية، ومن المهم للغاية تجنب حرب عالمية ثالثة".

اقرأ أيضاً: البنتاغون: القوات الروسية "تتّخذ مواقع دفاعية" في أوكرانيا

وهو ما ذهب إليه رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال مارك ميلي، في الخامس من مارس الجاري، خلال زيارته إلى لاتفيا، مشيراً إلى أن فرض منطقة حظر جوي في أوكرانيا، سيعني الصدام مع روسيا، مستبعداً بالتالي فكرة إقامة منطقة حظر جوي في أوكرانيا، لأنها ستقتضي "محاربة نشطة" للقوات الروسية، وقال: "سيتوجب علينا أن نحارب القوات الجوية الروسية... لم يقل الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ينس) ستولتنبيرغ أو أي مسؤول سياسي كبير من الدول الأعضاء إنهم يريدون ذلك".

في حين قال مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في العاشر من مارس، إن الاتحاد الأوروبي لا يستطيع الموافقة على طلب فرض حظر طيران فوق أوكرانيا، لأن ذلك سيؤدي إلى حرب عالمية ثالثة، مضيفاً: "إن الناتو لن يتدخل في أوكرانيا لأنها ليست عضوا فيه"، وكرر التأكيد مرة أخرى، على أن منظمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" لن تتدخل ما لم تتعرض دولة عضو لهجوم، وقال: "سيدافع الناتو عن كل شبر من أراضيه، وبالتالي لن يتدخل في أوكرانيا لأنها ليست عضواً فيه".

المحدد الثاني: الأسلحة الكيمائية

ومع بطلان محدد كان يمكن أن يشعل حرب عالمية ثالثة، وهو فرض حظر الطيران على أوكرانيا من جانب الناتو، ظهر محدد آخر قد يغير رأي الناتو في الانخراط بالحرب، عندما حذر الرئيس البولندي أندجي دودا، منتصف مارس الجاري، من أن حلف الناتو قد يراجع موقفه القاضي بعدم التدخل عسكرياً في النزاع بأوكرانيا، إذا استخدمت روسيا أسلحة كيميائية في أراضي ذلك البلد.

وتابع الرئيس البولندي: "بطبيعة الحال، يأمل الجميع في أنه لن يقدم على ذلك، لكن إذا استخدم (بوتين) أسلحة الدمار الشامل فإنه سيكون تطوراً يغير قواعد اللعبة بالكامل، وبالتأكيد سيتعين على أعضاء الناتو الجلوس حول طاولة والتفكير بشكل جاد فيما يجب عليهم فعله، لأن هذا الوضع سيشكل خطراً ليس على أوروبا فقط بل وعلى العالم بأكمله".

اقرأ أيضاً: زيلينسكي: موسكو تستخدم قنابل فوسفورية في أوكرانيا بعد شهر من عدوانها على بلادنا

تحذير يبدو أنه أثار رهبة عالمية، ومنها لدى أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، الذي أكد أن "احتمال نشوب صراع نووي في المنطقة أصبح وارداً"، واستطرد: "أياً كانت نتيجة هذه الحرب، فلن يكون فيها فائز ولا خاسر، أوكرانيا على فوهة بركان ويتم تدميرها أمام أعين العالم، أثر ذلك على المدنيين وصل لمستويات مروعة"، في حين أوضحت الناطقة باسم البيت الأبيض جين ساكي، أن بدء حرب عالمية ثالثة لا يصب في مصلحة أحد.

المحدد الثالث: التزويد بالأسلحة

ذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، منتصف مارس الجاري، أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تبحث مع حلفائها الأوروبيين إمكانية تقديم مساعدات عسكرية إضافية إلى الحكومة الأوكرانية، منها منظومات دفاع جوي حديثة، وقالت الصحيفة، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين، إن سلوفاكيا وبولندا ورومانيا في هذه المشاورات أبدت استعدادها لتقديم مساعدات عسكرية إلى كييف.

وإن كان المحددان الأول والثاني قد تم تجنبهما أو تحديدهما من الجانب الغربي، فإن المحدد الثالث جرى تعيينه من الطرف الروسي، فقالت وزارة الخارجية الروسية، في السابع عشر من مارس، إن الدول التي تزود أوكرانيا بالسلاح، تخلق مشاكل مباشرة لنفسها، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، "إنهم يخلقون مشاكل مباشرة بأيديهم".

اقرأ أيضاً: فاقوا الألف.. ضحايا الغزو الروسي لأوكرانيا بصفوف المدنيين

وبالتوازي، ظهرت آراء لمختصين طالبت بالحذر، ومنهم "توم كولينا"، الخبير في الشؤون العسكرية والأسلحة النووية، الذي أكد أن الدعم الأمريكي لأوكراني لا بد وأن يقف عند حدود معينة، موضحاً أن زيادة التدخل الأميركي في أزمة أوكرانيا، يرفع من إمكانية نشوب مواجهة بين روسيا من جهة، والناتو من جهة ثانية، وهذا الأمر ستكون له تبعات كارثية، في حال حدوثه.

ونوه الباحث الأميركي الذي ألف مجموعة كتاب وبحوث حول الأسلحة النووية، أن بايدن رجلٌ من زمن الحرب الباردة، وهو يعرف أن الاتحاد السوفياتي قد انتهى، بيد أن ترسانته ما زالت موجودة، والأمر نفسه ينطبق على الولايات المتحدة، وأكمل بأن أي حرب نووية ستؤدي إلى عدد كبير من الوفيات المباشرة، إضافة إلى دمار بيئي ومجاعات وإشعاعات مضرة للغاية، أي انتهاء الحضارة "على النحو الذي عهدناه"، واصفاً موقف بايدن بـ"الحكيم"، لأنه لم يكتف برفض إقامة منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا، بل رفض عرضاً بولندياً بتقديم طائرات مقاتلة من طراز "ميغ" إلى أوكرانيا.

اقرأ أيضاً: الدفاع الروسية: توجد صلة بين الأنشطة البيولوجية بأوكرانيا ونجل بايدن

وعليه، ومع استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا، يبقى العالم مرهوناً حالياً بعدم حصول واحدة من المحددات الثلاثة الآنفة الذكر، لمنع وقوع حرب عالمية ثالثة، وهي عدم فرض حظر طيران على أوكرانيا من جانب الناتو، وعدم تنفيذ روسيا ضربات كيمائية، وعدم انتقال تسليح أوكرانيا من الغرب إلى مستويات قد تجبر روسيا على استخدام أسلحة غير تقليدية لقلب ميزان المعركة، وتجنب الخسارة المدوية.

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!