الوضع المظلم
الأحد ١٩ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
الموت للظالم سواء كان الشاه أو الزعيم
فريد ماهوتشي

تجربة مرة طويلة واحدة تکفي لجعل المرء يمتلك الدرس والعبرة الکافية ويعمل کل ما في وسعه من عدم تکرار تلك التجربة أو الوقوع بها مرة أخرى، لکن تکرار تجربة مماثلة ولکن بصورة أسوأ يمکن القول بأن الإنسان سيمتلك المناعة الکافية کي لا يقع أو يواجه هکذا تجربة، وإننا إذا ما سحبنا کلامنا هذا على الشعب الإيراني وتجربته حکم الشاه الدکتاتوري ومن ثم تکرار تجربة نظام ولاية الفقيه التي هي الديکتاتورية ذاتها ولکن تحت غطاء ديني وبصورة أکثر فظاعة وإجراماً.

الشعب الإيراني الذي عانى الأمرين من ظلم وجور نظام الشاه حتى طفح الکيل به وانفجر بوجه هذا النظام في الثورة الإيرانية التي أسقطته في 11 فبراير 1979، لم يکن يتصور وهي في الأيام الأولى من انتصار الثورة بأنه سيعود مرة أخرى لظلام الديکتاتورية بمسوغ ومبرر ديني مشبوه قلباً وقالباً، ويبدأ من جديد مسيرة أخرى للوقوف بوجه هذه الديکتاتورية والسعي من أجل إسقاطها وإلحاقها بسلفها.

الملاحظة المهمة هنا والتي يجب أخذها بنظر الاعتبار والأهمية، هي أن النظام الذي أقامه التيار الديني المتشدد في الثورة الإيرانية، وکما صار واضحاً مع مرور الأيام، قد أخذ الدروس والعبر من سلفه النظام الملکي من حيث مواجهة نضال الشعب الإيراني من أجل الحرية والديمقراطية، ولذلك فإنه ومن خلال تدثره برداء الدين والإيحاء بأنه نظام مقدس وإن أية مواجهة ضده تعني المواجهة ضد الدين، غير إن منظمة مجاهدي خلق التي کانت الرائدة والسباقة لکشف وفضح الماهية الديکتاتورية لهذا النظام واستخدامه وتوظيفه للدين من أجل تحقيق أهدافه، ولذلك لم يکن غريباً أن يجعل الخميني مٶسس نظام ولاية الفقيه هذه المنظمة هدفاً أساسياً وصب عليها جام الغضب من أجل أن يجعلها عبرة للشعب الإيراني ويقضي بذلك على النضال والتطلعات من أجل الحرية کما فعل في مجزرة صيف عام 1988، التي أعدم فيها الآلاف من السجناء السياسيين.

کما فشل نظام الشاه في عزل وتحجيم ثورة الشعب الإيراني أو القضاء عليها، فإن خلفه قد أخفق أيضاً بالسياق نفسه، ولذلك فإن اندلاع 4 انتفاضات غاضبة بوجهه وتوجيه التهمة لمحبي الحرية بإشعال نارها، قد کان دليلاً على أن الشعب قد عقد العزم على الصراع ضد هذا النظام من أجل حريته ومع أن هذا النظام وطوال 43 عاماً من حکمه الديكتاتوري الاکثر ظلماً من أي نظام ديکتاتوري آخر، لم يترك من وسيلة وأسلوب قمعي دموي إلا ومارسه ضد الشعب، لکن ذلك لم يثنِ الشعب عن مواصلة نضاله من أجل الحرية والتغيير وإن اندلاع الانتفاضة الشعبية التي دخلت شهرها الثاني قد کانت بمثابة صرخة کبرى من جانب الشعب الإيراني يعلن من خلالها بأن أيام هذا النظام قد انتهت وإنه قد آن الأوان لکي يلحق بسلفه ويذهب إلى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليه.

 

ليفانت - فريد ماهوتشي

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!