الوضع المظلم
الخميس ٢٨ / مارس / ٢٠٢٤
Logo
  • المغرب والجزائر.. مساعي للتصالح من طرف وتجاهل من الطرف الآخر

المغرب والجزائر.. مساعي للتصالح من طرف وتجاهل من الطرف الآخر
المغرب والجزائر \ ليفانت نيوز

منذ 1976، تتنازع جبهة "البوليساريو" مع المغرب، السيادة على إقليم الصحراء الغربية، فبينما تصر الرباط على أحقيتها في الإقليم، وتقترح حكماً ذاتياً موسعاً تحت سيادتها، تطالب الجبهة بتنظيم استفتاء لتقرير المصير تحت رعاية الأمم المتحدة، نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار المبرم عام 1991، وهو طرح تدعمه الجزائر (جارة المغرب) التي تستضيف لاجئين من الإقليم، كما تقدم الدعم والمساندة لجبهة "البوليساريو".

وعليه، يخوض المغرب منذ عقود نزاعاً مع جبهة بوليساريو حول مصير الصحراء الغربية، والتي كانت مستعمرة إسبانية سابقاً، وتعتبرها الأمم المتحدة من "الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي"، ويسيطر المغرب على نحو 80 بالمئة من المنطقة الغنية بالموارد الباطنية.

مساعي أممية للحل

وفي ظل ذلك الوضع المتأزم والذي يلقي بظلاله على العلاقة بين الجزائر والرباط، تسعى المنظمات الدولية المعنية إلى إيجاد صيغة مقبولة للحل، وفي الصدد أعلن في الأول من يوليو الماضي، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، أن المبعوث الأممي للصحراء الغربية ستيفان دي ميستورا سيزور المغرب للقاء المسؤولين هناك، مضيفاً أنه يعتزم مقابلة "جميع أصحاب المصلحة في المنطقة في الأيام المقبلة"، مع الإشارة إلى أن دي ميستورا يعتزم زيارة الصحراء الغربية أيضاً خلال تلك الرحلة، مؤكداً أن المبعوث يعتزم البقاء، مسترشداً بالسوابق الواضحة التي أرساها أسلافه.

ولدى سؤاله عما إذا كان ينوي في هذا الصدد، إعادة إطلاق طاولات مستديرة مماثلة لتلك التي نظمها المبعوث الألماني السابق هورست كولر عام 2019، قبل استقالته، لم يدل المتحدث بإجابة واضحة واكتفى بالقول إن "ما يبحث عنه هو كيف يمكننا دفع الحوار قدما في سياق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة"، وفي حين تؤيد الرباط استئناف اللقاءات بصيغة الموائد المستديرة، فإن الجزائر تعارضها وتدعو لإجراء مفاوضات ثنائية بين جبهة بوليساريو والمغرب.

اقرأ أيضاً: آليات عسكرية جزائرية بالقرب من الحدود المغربية.. ماذا يجري؟

ولدى سؤاله عن سبب عدم ذكر الجزائر أو موريتانيا في إعلان المبعوث عن الرحلة الجديدة، أجاب ستيفان دوجاريك أنه سيعلن عن معلومات أخرى إذا توافرت مع تقدم الرحلة، حيث قام ستافان دي ميستورا بعد تعيينه في نوفمبر 2021 بأول جولة له في المنطقة في يناير الماضي، قادته إلى الرباط وموريتانيا والجزائر ومخيمات تندوف في الجزائر للقاء ممثلي جبهة بوليساريو.

لكن ولسبب ما، أعلنت الأمم المتحدة في الرابع من يوليو، أن المبعوث المكلف بملف "الصحراء" لن يزور تلك المنطقة المتنازع عليها، خلال زيارته إلى المغرب، وقال ستيفان دوجاريك إن المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة لملف "الصحراء" موجود في الرباط من أجل لقاء مسؤولين مغاربة، موضحاً في مؤتمر صحفي في نيويورك، أن دي ميستورا قرر ألا يزور الصحراء خلال هذه الرحلة، "لكنه يأمل أن يقوم بذلك خلال الزيارات المقبلة للمنطقة".

ولم يصدر أي توضيح حول سبب تخليه عن القيام بتلك الزيارة، لكن مصادر قالت إن السلطات المغربية سبق لها أن أعربت للمبعوث الأممي عن تحفظاتها حول زيارته المنطقة المتنازع عليها، أثناء زيارة سابقة يناير الماضي، حسب وكالة "فرانس برس".

المغرب والتمسك بالحل السياسي

بالمقابل، أعلنت الخارجية المغربية، في الخامس من يوليو، أن المملكة أكدت للمبعوث الأممي للصحراء الغربية ستيفان دي ميستورا، تمسكها باستئناف المفاوضات من أجل حل سياسي للنزاع، في إطار "وحدتها الترابية"، وأفادت الوزارة في بيان، أن "وزير الخارجية ناصر بوريطة أكد خلال مباحثات مع دي ميستورا بالرباط على ثوابت موقف المغرب من أجل حل سياسي، قائم بشكل حصري على المبادرة المغربية للحكم الذاتي، في إطار السيادة الوطنية والوحدة الترابية للمملكة".

اقرأ أيضاً: مقتل متطوع وإصابة آخر بحرائق الغابات في المغرب

كما جدد الوفد المغربي، الذي ضم كذلك سفير الرباط لدى الأمم المتحدة عمر هلال، "التشبث بالمسلسل السياسي للموائد المستديرة، التي يفترض أن تجمعه بكل من جبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا، تحت رعاية الأمم المتحدة"، فيما وصف من جهته، ستيفان دوجاريك اللقاء بين دي ميستورا وبوريطة بأنه "كان مفيداً"، لافتاً إلى أنه "في سياق العملية السياسية الخاصة بالصحراء الغربية، يعتزم المبعوث الأممي القيام بزيارات أخرى إلى المنطقة بهدف دفع هذه العملية إلى الأمام"، فيما أعربت جبهة "البوليساريو"، عن "أسفها الشديد لذلك، متهمة الرباط بمنعه من أن يشاهد بأم العين الوضع على الأرض".

اتهامات جزائرية للمغرب

أما على الطرف الجزائري، فقد كانت وجهة النظر مختلفة بشكل شبه كلي، إذ قال مبعوث الجزائر الخاص المكلف بمسألة الصحراء الغربية ودول المغرب العربي عمار بلاني، في الرابع والعشرين من يوليو، إن المغرب متورط وبصورة كبيرة في تخريب جهود المبعوث الأممي للصحراء الغربية ستافان دي ميستورا.

وقال عمار بلاني في حوار مع موقع "الشروق أونلاين" الجزائري، إن الأسباب واضحة ومعروفة وراء عدم تمكن المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية من السفر إلى العيون والداخلة كما كان مخططاً، مضيفاً: "بعد تردد شديد في تنظيم هذه الزيارة إلى الأراضي الصحراوية، أرادت السلطات المغربية أن تفرض على دي ميستورا محاورين دمى تم اختيارهم بشكل تعسفي من قبل الرباط.. إنهم في الواقع مستوطنون متنكرون في هيئة "منتخبة" أو منظمات تابعة وأخرى تابعة مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان الشهير الذي يمكننا قياس درجة استقلاليته من خلال قراءة تقريره المربك والمروع عن القتل العنيف والقتل الوحشي لعشرات المهاجرين في الناظور".

اقرأ أيضاً: المغرب.. ترقية البعثات الدبلوماسية مع إسرائيل إلى سفارات سيتم قريباً

مردفاً: "إن قرار دي مستورا تأجيل هذه الرحلة، في مثل هذه الظروف غير المقبولة والهجومية، سيؤدي حتما إلى الضغط على المغرب، الذي يقع على عاتقه عملية تخريب جهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة"، و"لكن من الممكن ممارسة الضغط من بعض الأعضاء المؤثرين في مجلس الأمن في مرحلة ما لا سيما من أولئك الذين نجحوا بصعوبة في إقناع المغرب بالموافقة النهائية، بعد خمسة أشهر، على تعيين دي ميستورا في هذا المنصب".

وبخصوص بيان المحادثات بين المبعوث الشخصي دي ميستورا ووزير الخارجية المغربي، أكد أن الموقف كما عبر عنه البيان، يشكل عقبة خطيرة أمام جهود دي ميستورا لأن هذه الثوابت الشهيرة لموقف الرباط هي ببساطة تعبير عن إنذار غير مقبول لا يترك مجالاً للتفاوض والذي لن تتغاضى جبهة البوليساريو ولا المجتمع الدولي في يوم من الأيام عنه، وأشار إلى أن جميع قرارات مجلس الأمن تدعو الطرفين جبهة البوليساريو والمملكة المغربية إلى دراسة مقترحات كل منهما المطروحة على طاولة الأمم المتحدة منذ عام 2007، والتفاوض بحسن نية وبدون شروط.

محاولة مغربية لتحسين العلاقة

لكن الجانب المغربي من طرفه، فضل التوجه للتهدئة، حيث أهاب الملك المغربي محمد السادس، في الثلاثين من يوليو، بالمغاربة إلى مواصلة نهج قيم حسن الجوار مع الجارة الجزائر، وقال، في خطاب العرش، إن الجزائريين سيجدوننا بجانبهم في جميع الظروف والأحوال.

كما شدد الخطاب الملكي على أنه بخصوص الادعاءات التي تتهم المغاربة بكونهم يسبون الجزائر، فإنما هي تروم إشعال نار الفتنة بين الشعبين الشقيقين، وأكد أن المغرب لن يسمح لأحد الإساءة "إلى أشقائنا الجزائريين"، مضيفاً أن المغرب حريص على الخروج من هذا الوضع، متابعاً: "إننا نتطلع للعمل مع الرئاسة الجزائرية، لأن يضع المغرب والجزائر يداً في يد، لإقامة علاقات طبيعية، بين شعبين شقيقين، تجمعهما روابط تاريخية وإنسانية، والمصير المشترك"، وأضاف عن الحدود: "بل نريدها أن تكون جسوراً، تحمل بين يديها مستقبل المغرب والجزائر، وأن تعطي المثال للشعوب المغاربية الأخرى".

اقرأ أيضاً: تراجع ملحوظ بمُستوى مُعدلات البطالة.. في المغرب

ورغم ذلك، فقد قال مصدر جزائري مقرب من ملف العلاقات مع المغرب، في الأول من أغسطس الجاري، في أول تعليق على موقف بلاده من خطاب العاهل المغربي محمد السادس الذي دعا فيه للتطبيع بين البلدين، إنه لا يريد التعليق على "لا حدث"، حيث ذكر رداً على سؤال لموقع "الشروق أون لاين" الجزائري، بالتعليق: "لا يمكننا التعليق على لا حدث"، وذكرت الموقع أن السلطات الجزائرية وحتى الإعلام والشارع "تجاهلوا كلياً" موضوع الخطاب الجديد، ولم يصدر أي رد رسمي بشأنه.

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!