-
المعارضة السورية تمد حبل النجاة لبشار
عندنا مثل يقول (يبعتلك حجة والناس راجعة)، لمن لا يدرك الوقت المناسب لأي فعل، وهكذا اليوم تلح المعارضة السورية على الحل السياسي وتتمسك به بعد أن تنكر له النظام لسنوات، وبدلاً من أن تعلن انسحابها وتتوقف عن أي مشاركة بعد تزايد مؤشرات قرب انهيار النظام داخلياً، بفعل العقوبات الخارجية والخلافات الداخلية وتنافس الدول الداعمة له فيما بينها، تسرع المعارضة السورية الصبيانية لمد حبل النجاة له عبر إلحاحها على السير في الحل السياسي بأي شروط، وذلك بمساعدة وتدليس من حلف سوتشي، والأمم المتحدة الذين أثبتوا مراراً وتكراراً رغبتهم في بقاء ذلك النظام، وهم اليوم يبدون حريصين على وحدة سوريا، بعد أن قتلوا وهجروا نصف سكانها ودمروا بنيتها كلياً وساروا بها لتصبح دولة فاشلة منكوبة محتلة، فأي حل بعد كل ذلك، وأي دستور سيغير تلك النتيجة !.
من قال أن الانتصار العسكري كافٍ لبقاء النظام ؟ فالنظام الذي دمّر كل شيء لتحقيق ذلك النصر، دمّر أيضاً اقتصاده وحاضنته، بل تورط في استنزاف خطير دفع به لحافة الإفلاس، الذي تُرجم لصراع عنيف بين مراكز القوى والميليشيات والمافيات التي هي جوهر بنيته الراهنة، النظام اليوم لا يملك أجهزة أمنية، ولا جيش ولا شعب ولا اقتصاد ولا سيادة ولا استقلال، إنه كيان من تحالفات ميليشيوية أمراء حرب وعصابات سطو، وعندما ألح الكرملين على دفع مبلغ كبير وبشكل عاجل بطلب من وزير الدفاع الروسي ند بوتين القوي كثمن للغارات التي شنّها على حماه وادلب، لم تستطع خزينة الدولة السورية الفارغة من أي احتياطي دفعه، ولم يتمكن بشار من إجراء اتصال يستعطف به بوتين الذي أغلق هاتفه وحظر رقمه، فلجأ لعصاباته التي تربت على أيام والده ثم نمت على أيامه وتسرطنت وتغولت في غبار الحرب، فما كان من هذه العصابات والشركات الماصّة إلا أن تنكرت له، وادعت أنها لم تعد تملك سوى فضلات ما امتصته وهضمته، فكل شيء يمكن تقديمه إلا المال، الروح والدم هم من الطائفة والموالين والمصالحين، لكن المال من الجيب وهو المستحيل بعينه ودونه جبل الوريد. رامي بن محمد مخلوف الذي كان يسرق حتى راتب سائقه المجند الذي ينقل له حقائب المال، فهل هذا من سيتبرع لنظام بشار بماله؟ أي بإلهه المعبود الذي ضحى في سبيله بكل شيء.
وقبل أن تتخلى عصابات بشار عنه وقت الضيق، كانت عنجهيتها وتنافسها قد وصل بها حد الاقتتال والصراع البيني، بمقدار ما تقلصت المناطق التي تنهب بعد المصالحات، وقد وصل الصراع بين زعامات تلك المافيات حد الخطف والقتل الذي طال قادتها وأسرهم، بعد أن بدأ بين أنصارهم في أكثر من ساحة ومن مكان، حالة من انعدام الأمن والتسيب والفساد تعم سوريا كلها التي استكلبت على بعضها، ولا أحد يأمن على شيء فيها حتى زعامات المافيات، والأغلبية منهم تريد الفرار بما سرقته ونهبته وجمعته من تعفيش أملاك الشعب.
في هذا التوقيت الذي يعلن فيه النظام عن انتصاره العسكري، تشدد أمريكا العقوبات الاقتصادية عليه، فيبدأ بشار بضرب أساسات وأركان حكمه ودولته العميقة التي ساندته، وذلك بضغط مالي روسي ودفع إيراني لأن إيران تريد أيضاً الخلاص من حيتان النظام كيف ترفع أزلامها الذين زرعتهم تحتهم، وتحكم قبضتها المالية والاقتصادية ومن ثم الميليشياوية والعسكرية، بينما يتوهم الروس أن الدولة السورية متماسكة وأن جيشها منظّم ويأتمر بأمر بشار، هكذا تجتمع عوامل تفكك نظام بشار من داخله وبسلوك حلفائه أنفسهم بعد أن تيقنوا من هزيمة الشعب الثائر والقضاء عليه.
أن يطال الحجز والاعتقال معظم قادة نظام بشار الاقتصادي المافيوي، فذلك ليس بمؤشر يمكن تجاهله وأن يقوم بشار بتقويض معظم أساسات حكمه بعد أن دمّر كل أساسات الوطن، فذلك يعني أن سفينته تغرق، ولم يعد يحلم إلا بالتمسك ببعض حطامها، وأنه صار بحاجة لحبل انقاذ ينقذه من هذا المصير المحتوم .
هنا عن جهل وحماقة، أو عن خيانة مقصودة (غير مستبعدة عن أمثالهم)، تتنطح المعارضة الصبيانية السورية المتمثلة بهيئات التفاوض في جنيف وسوتشي وأستانة، وفي أجساد المعارضة السياسية كالإئتلاف والتنسيق والمنصات المختلفة، تتنطح جميعها ومعاً لتمد لبشار حبل الانقاذ وتجعل منه شريكاً في مستقبل سوريا وفي إعادة إعمارها ، أي عجب؟.
لذلك أعتقد أن بشار سوف يقبل هذه المرة على غير المعتاد ويتمسك بذلك الحبل، ليستعيد توازنه المفقود ويخرج من غرقه المحتم، خاصة بعد قرار قمة مجموعة سوتشي تقديم كل أشكال الدعم له، وهذا يعتبر أمر عمليات للمعارضة السورية المأجورة للعمل على انقاذ قاتل الشعب السوري بدل تركه يغرق ويموت في بحر الدماء التي نزفها شعبه، بئس ذلك النظام المجرم، وبئس تلك المعارضة التي تريد انقاذه، وتباً للدول التي تدمّر سوريا بجيوشها تحت عناونين مثل القضاء على الإرهاب وخفض التصعيد والحل السياسي. وكل الذل والعار للأمم المتحدة ومندوبها الذي يزوّر الحقائق ويغطي على الجريمة.
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!