الوضع المظلم
الأربعاء ٢٦ / يونيو / ٢٠٢٤
Logo
  • المبعوث الألماني لسوريا: تهريب الكبتاغون بتزايد مُستمر.. وكذلك الإنتاج والاستهلاك

المبعوث الألماني لسوريا: تهريب الكبتاغون بتزايد مُستمر.. وكذلك الإنتاج والاستهلاك
المخدرات \ تعبيرية

أحبطت السلطات الأردنية مؤخرًا أضخم عملية تهريب مخدرات شهدتها السنوات الأخيرة، مما يبرز تنامي فعاليات العصابات المتورطة في تجارة الكبتاغون بالمنطقة الحدودية المشتركة بين سوريا والأردن والعراق.

وهذا التطور يأتي على الرغم من المساعي الإقليمية والعالمية للحد من هذه الظاهرة التي باتت تشكل خطرًا على الأمن الإقليمي والعالمي على حد سواء.

وشهد العام الجاري، 2024، ارتفاعًا ملحوظًا في كميات الأمفيتامين - الكبتاغون المضبوطة عند الحدود الشمالية للأردن. وقد نجح الجيش الأردني في إسقاط طائرات بدون طيار تهرب المخدرات من سوريا، ودخل في مواجهات مسلحة مع تجار المخدرات على طول الحدود، وفي أعقاب اندلاع حرب غزة بشهرين، قامت القوات الجوية الأردنية بقصف معمل لإنتاج الكبتاغون داخل الأراضي السورية.

اقرأ أيضاً: انتشار المخدرات بين أطفال دير الزور وسط اتهامات للميليشيات الإيرانية وقسد

وأفاد المبعوث الألماني لدى سوريا، ستيفن شنيك، في تصريح لصحيفة "النهار"، بأن عمليات تهريب الكبتاغون من سوريا في تزايد مستمر، وكذلك الحال بالنسبة للإنتاج والاستهلاك.

ولطالما كانت المنطقة الصحراوية الواقعة بين سوريا والأردن والعراق مسرحًا لأنشطة التهريب. ومع ذلك، شهدت السنوات العشر الماضية تحولًا جذريًا في طبيعة هذه الأنشطة، كما يشير سعود الشرفات، العميد المتقاعد من المخابرات الأردنية ومؤسس مركز شُرُفات للدراسات والبحوث.

ففي التسعينيات، كان التهريب يقتصر على المواشي والدخان والأسلحة، بينما يركز اليوم على المخدرات بأنواعها المختلفة مثل الحشيش، حبوب الكبتاغون، والكريستال، ويُطلق على هذا التوسع في أنشطة تهريب المخدرات، الذي انتشر من سوريا الممزقة بالحرب إلى الدول المجاورة، مصطلح "حرب الكبتاغون".

وتتباين التقديرات بشأن حجم تجارة المخدرات، ويذكر الدبلوماسي الألماني أنها تقدر بمبالغ ضخمة تتراوح بين 5 و10 مليارات دولار، وتكمن المشكلة الرئيسية في مكافحة هذه التجارة غير المشروعة في الأرباح العالية التي تجنيها الجهات المستفيدة منها.

ووفقًا للشرفات، يكلف إنتاج حبة الكريستال دولارًا واحدًا، بينما يمكن بيعها بعشرين دولارًا في بعض الأسواق، وأصبحت عائدات المخدرات مصدر قلق إضافي للمنطقة، حيث يؤكد شنيك أنها تمول الميليشيات والجماعات الإرهابية.

ويقارن بين ميزانية النظام السوري المقدرة بـ2.4 مليار دولار سنويًا والعائدات الأكبر بكثير من تجارة الكبتاغون، مشيرًا إلى أن النظام في دمشق يعتمد على إنتاج الكبتاغون ويعيق أي تعاون لبدء عملية تدريجية ضمن قرار الأمم المتحدة رقم 2254.

ويزيد التعقيد العسكري والسياسي في سوريا، مع تعدد الميليشيات وولاءاتها وأهداف داعميها، من صعوبة مكافحة التهريب، وبالإضافة إلى العائدات المالية الكبيرة، تحمل عمليات التهريب أهدافًا سياسية واضحة.

ويشير شنيك إلى أن إيران بحاجة إلى هذه الإيرادات لتمويل ميليشياتها، وكذلك للضغط على جيران سوريا وزعزعة استقرارها، ولم تحقق اللجان الوزارية من الدول العربية المعنية، التي كلفت بتنسيق الجهود لضبط هذه الآفة، نتائج ملموسة.

وعلى الرغم من أهمية هذه المهمة على جميع المستويات، يؤكد شنيك على ضرورة وجود مستوى أعلى من التنسيق بين المانحين، على مستوى استراتيجي وتقني أكثر فعالية.

وفي هذا السياق، يركز الدبلوماسي الألماني على أهمية تطوير استراتيجية شاملة لمواجهة هذه المشكلة، تأخذ في الاعتبار منطق السوق، أي العرض والطلب، وتسعى من خلال حملات إعلامية لتوعية الجمهور بخطورة الكبتاغون ليس على صحة الفرد فقط، بل على سلامة المجتمعات أيضًا، ويدعو إلى دعم وتنسيق دوليين لإيجاد طرق جديدة لمحاربة إنتاج الكبتاغون وتهريبه واستهلاكه.

وحاليًا، تعمل ألمانيا بشكل وثيق مع الأردن والعراق، وتقدم دعمًا تقنيًا في مجالات التدريب والأشعة السينية، وهناك حاجة ماسة لتعزيز التجهيزات لقوات أمن الحدود والتعاون على مستوى استراتيجي أكبر مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وتطوير الاستراتيجيات الوطنية والإقليمية.

وتركز استراتيجية الولايات المتحدة لمكافحة الكبتاغون بشكل كبير على الأمن، ويعمل شركاء آخرون أيضًا على تعزيز الجهود الأمنية، ويحث شنيك على بذل جهود أكبر في مجالات التعليم والصحة ورفع مستوى الوعي، ليس فقط في المنطقة المتضررة مباشرةً، ولكن أيضًا بين الشركاء والمانحين والوكالات المتخصصة.

كما يحذر من كارثة تلوح في الأفق، إذ أن الأمر "لا يتعلق فقط بالفرد الذي يفقد صحته ويصبح مدمنًا وينخرط في شبكات إجرامية، ولكنه يتعلق أيضًا بالعائلات والمجتمع بأكمله، ويتزايد عدد الأشخاص المتضررين بسرعة، مما يثير قلقًا كبيرًا بالنسبة للأمن الإقليمي"، ويؤكد أن الوقت قد حان للعمل معًا لمواجهة هذا التحدي.

ليفانت-وكالات

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!