الوضع المظلم
الأحد ١٩ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • المادة الأساسية على موائد السوريين مهددة بالفقدان

المادة الأساسية على موائد السوريين مهددة بالفقدان
القمح السوري

تواجه أحد أهم المواد الأساسية على موائد السوريين (الخبز)، خطر الفقدان والانحسار بسبب نقص كميات الطحين، والتي كانت تدخل إلى المناطق السورية عبر المنظمات الإغاثية أو من خلال شرائها من مناطق سيطرة النظام، أو من منطقة الجزيرة السورية، التي كانت حتى فترة قريبة السلة الغذائية لسوريا، لما تتمتع به من أراضٍ مروية تزرع جلّها بالقمح، السلعة التي باتت نادرة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وتعثّر وصولها وإمداد الدول التي تتخذ من أوكرانيا شريكاً في أمنها الغذائي الاستراتيجي.

وتشير تقارير محلية من مناطق الشمال السوري، أنّ مخزون القمح لا يكفي لشهر واحد، في ظل انحسار الأراضي الزراعية، بعد سيطرة النظام على مساحات واسعة في أرياف محافظتي إدلب وحماة، اللتين كانتا تخضعان لسيطرة فصائل المعارضة، والتي تقدر بنحو 2300 كيلو متر مربع.

وعلى الرغم من تشجيع الحكومات المتعددة على الجغرافية السورية، للمزارعين، على زراعة مادة القمح، عبر منحهم قروضاً ميسرة، أو تقديم كميات من البذار ومبيدات الأعشاب، إلا أن المتقدمين للحصول على القرض لا يتجاوز عددهم 2000 مزارع، ساهمت منظمة واحدة تختص بقطاع الأمن الغذائي وسبل العيش بتقديم الدعم ﻠ600 مزارع منهم، وهو رقم قليل قياساً بحاجة سكان الشمال السوري.

اقرأ المزيد: الأمم المتحدة: سوريا بين أكثر 10 دول تعاني من انعدام الأمن الغذائي

كما أسهمت منظمة أخرى في منطقة معرة مصرين، بدعم المزارعين هناك، للحصول على الطحين وتحويله إلى خبز ليوزع مجاناً في المخيمات لمدة لا تتجاوز الشهرين، على أمل انفراج في الصراع القائم بأوكرانيا، وإيجاد وسائل لإيصال قمحها إلى سوريا.

وتشهد أرياف محافظة حلب، انخفاضاً واضحاً في الطحين، بعد النقص الحاد في المادة وانتهاء عقود عدد من المنظمات التي كانت تورد الطحين إلى أفران الشمال، مما أدى بتدخل المجالس المحلية وشراء الطحين من الأسواق، كحل إسعافي، لتأمين الخبز لسكان هذه المناطق التي يقدّر عدد سكانها قرابة 4 ملايين، بين سكان أصليين ونازحين من عدة مناطق سورية.

وبين مسؤول في حكومة المعارضة، في تصريح سابق له، أنّ حكومتهم "حرصت منذ تأسيسها على دراسة أسعار القمح، بحيث تكون مناسبة لتغطية التكاليف، حتى يتم الحصول على سعر مجزٍ، بما يتناسب مع الأسعار العالمية، وغالباً ما تكون مرتفعة عن الأسعار التي يحددها النظام وقسد، حيث تتراوح قيمة الطن الواحد بين 350 – 360 دولاراً أميركياً".

وتشير الإحصائيات، أن أحد المنظمات الخيرية الخليجية، توفر قرابة 4.6 ملايين ربطة خبز، لأكثر من 17 ألف أسرة بشكل مدعوم، بينها 3900 أسرة تحصل عليه بشكل مجاني، من خلال شراء 5 آلاف طن قمح من الفلاحين، في الداخل السوري، وتخزينه في صوامع بلدتي مارع والراعي بعد ترميمها، وتعمل الآن على طحن القمح أيضاً في مطحنتين تقعان بالقرب من الصوامع، تم ترميمهما وشراء معدات كاملة لها".

وسبق أن أصدرت منظمة "الفاو"، التابعة للأمم المتحدة، تقريراً تبين فيه، أن إنتاج سوريا من القمح هو الأدنى منذ 50 عاماً.

وذكر التقرير، أن 12.4 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي و90% يعيشون في فقر، مبيناً أن إنتاج الحبوب، مثل القمح والشعير في سوريا، تراجع بنسبة 63%، حيث بلغ الناتج 1.05 مليون طن بعد أن كان 2.8 مليون طن عام 2020، كما أن إنتاج القمح في سوريا أصبح ربع ما كان عليه قبل عام 2011.

وأكد تقرير الفاو حينها، أنّ ارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات الحشرية أثر بشكل كبير على الزراعة السورية، فضلاً عن أثر العقوبات المفروضة على سوريا، بما فيها قطاع الزراعة وارتفاع أسعار مستلزماته، مبيناً أن وضع القمح في سوريا ينذر بحدوث مجاعة قريبة في كثير من المحافظات.

يُشار إلى أن مناطق سيطرة النظام، تعتبر الأكثر تضرراً في أمنها الغذائي حتى اللحظة، جراء ما يحدث في أوكرانيا، إذ كانت تستورد سنوياً قرابة 60 بالمئة من حاجاتها من شبه جزيرة القرم التي سيطرت عليها روسيا في عام 2014 إثر غزوها وفصلها عن أوكرانيا.

لكن الأثر سيكون أقل بنسب متفاوتة في مناطق سيطرة المعارضة، ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" شمال شرقي البلاد، لأن هذه المناطق تعتمد بشكل كبير على ما تنتجه الأراضي الخاضعة لسيطرتها والمساعدات الإنسانية والمنح المقدّمة من المنظمات الأممية التي تحوي في الغالب مخصصات من الدقيق.

كما يرى مراقبون متخصصون، أن أزمة أوكرانيا، أثرت بشكل مباشر على سوريا من ناحية إعاقة إمداد الطحين، وبقاء مساحات سوريّة واسعة بلا زراعة أو تحييدها عن الصراع السوري.

واتفق عدد من المراقبين، أن المشكلة في الوقت الحالي ليست في تأمين القمح فحسب، بل في السيولة المالية أيضاً، خاصة العملة الأجنبية.

اقرأ أيضا: علاقة طردية بين غزو روسيا وتفاقم الجوع بسوريا

وفي شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، قال المدير العام للمؤسسة السورية للحبوب التابعة للنظام السوري في تصريح له: "إنّ العمل مستمر في كل مفاصل المؤسسة، وخاصة المطاحن والصوامع، لضمان تأمين مادة القمح والطحين من دون انقطاع"، مشيراً إلى وجود مخزون كاف من مادة القمح يكفي الاحتياجات الطحينية لغاية الشهر السابع، حيث ما تزال عملية توريد القمح مستمرة عبر تنفيذ العقد مع الجانب الروسي المتضمن استيراد مليون طن تم تنفيذ أكثر من 600 ألف طن منها.

وتشير الإحصائيات فيما يتعلق بالإمدادات الغذائية في مناطق سيطرة قسد، أنه يتم حالياً تقنين الخبز المدعوم، وتقوم مرافق الإدارة الذاتية باستبدال بعض القمح في الأرغفة بطحين الذرة أو الصويا.

وكما هو الحال مع الوقود، يتمتع السكان من الناحية العملية، بخيار شراء كميات أكبر من الخبز ذي الجودة الأفضل من الأفران الخاصة، ولكنه أغلى بثمانية أضعاف، حوالي 2000 ليرة سورية (0.50 دولار أمريكي) لكيس وزنه كيلوغرام واحد.

وتجدر الإشارة إلى أن الرواتب الشهرية المحلية تتراوح بين 150 ألف ليرة (37.50 دولاراً) للعمال اليدويين إلى 300 ألف ليرة (75 دولاراً) لمعلمي المدارس الثانوية والجنود. وبالفعل، تسبب التخفيض المستمر لقيمة الليرة في انخفاض هائل في القدرة الشرائية، لأن "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" لا تملك العائدات الكافية لرفع قيمة الأجور.

وبذلك، نجد أن مناطق النفوذ الثلاثة متأثرة بشكل مباشر في أمنها الغذائي، إلا أن الأمر متفاوت نسبياً من منطقة لأخرى، ويبقى السؤال الأبرز، ما دور الدول الداعمة لكل من هذه المناطق في تأمين احتياجات ساكنيها؟

ليفانت - خاص

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!