الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • العثمانية أو الصفوية.. الإخوانية أداة قابلة للتحوّر شرط التنفّع والبقاء

العثمانية أو الصفوية.. الإخوانية أداة قابلة للتحوّر شرط التنفّع والبقاء
الإخوان

عرض، اليوم الأحد، موقع سكاي نيوز عربية تقريراً بعنوان "إلى أين بعد تركيا؟ تنظيم الإخوان يهرب إلى "البديل الطبيعي"، كشف من خلاله الموقع عن مصدر مصري، وجود اتصالات بين قيادات التنظيم الدولي للإخوان المسلمين ومسؤولين إيرانيين خلال الأيام القليلة الماضية، لطلب توفير ملاذات آمنة لعدد من عناصر التنظيم الذين سيغادرون تركيا وعواصم أوروبية، نتيجة التضييق الأمني والإجراءات التي شرعت بها تلك الدول مؤخراً لتحجيم نشاط التنظيم المصنف إرهابياً في مصر.


اقرأ أيضاً: صمويل باتي.. ضحية كــذبة أجّجها التحريض على فرنسا


وقال المصدر، وهو كاتب مصري يقيم في إسطنبول منذ عدة سنوات، فضل عدم ذكر اسمه، إن قيادات من التنظيم الدولي يتقدمهم "المرشد العام" للإخوان، إبراهيم منير، تواصلوا مع مسؤولين إيرانيين بعضهم من الحرس الثوري الإيراني، لطلب المساعدة بتوفير دعم لوجستي وملاذات آمنة لبعض عناصر التنظيم المتهمين بقضايا إرهاب، الذين سيغادرون تركيا لتفادي تسليمهم للقاهرة، موضحاً أنّ قيادات التنظيم لم تفصح عن طبيعة الرد الإيراني، لكنهم أكدوا خلال اجتماع بينهم، عقد عبر الإنترنت، أنّ المسؤولين الإيرانيين رحبوا بالطلب، وأكدوا أنهم سيقدمون دعماً، دون الإفصاح عن طبيعة ذلك الدعم.


الإخوان المسلمين


علاقة تاريخية


ولا يعتبر الحدث مستغرباً، فقد كشفت معطيات ماضية عن علاقة ود وتعاون تربط طهران وبتنظيم الإخوان المسلمين، ومنها وثائق سرية للحرس الثوري الإيراني سُربت العام 2019، وأفصحت عن عقد لقاءات عديدة ومتواصلة بين قيادات الإخوان والحرس الثوري الإيراني، بغية التنسيق في ملفات عدة، إذ قالت تلك الوثائق إن اجتماعاً مشتركاً عقد بين قادة التنظيم الدولي وعناصر من فيلق القدس، في أحد الفنادق بتركيا لبحث التعاون الاستراتيجي بين الجانبين في مطلع عام 2014.


كما رصدت أجهزة أمنية في العام 2015 لقاء لقيادات التنظيم مع عناصر من حزب الله وإيرانيين في لبنان، ناقش آليات الدعم، وحضره السياسي المصري الهارب في تركيا، المسؤول عن المنظومة الإعلامية للإخوان، أيمن نور.


اقرأ أيضاً: مُحادثات فيينا.. ما بين استنزاف واستفزاز الخصوم


كما صدرت عدة مواقف من تنظيمات الإخوان المسلمين في بلدان عربية عدة، وشخصيات إخوانية في الغرب، أكدت على متانة العلاقة بين طهران والإخوان، ففي الثاني من يناير الماضي، طالبت عائلة الشيخ مجدي المغربي الذي اعتقلته حركة "حماس" على خلفية تمزيقه صورة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، (طالبت) بالإفراج عنه، وما كان اعتقال الشيخ بتلك الذريعة إلا تأكيداً على العلاقة التي تربط حركة حماس، التي تعتبر الفرع الفلسطيني لتنظيم الإخوان المسلمين، مع طهران، بذريعة محور المقاومة المزعومة.


ولعل خير دليل على علاقة تنظيمات الإخوان بإيران، رغم التعارض المذهبي بين الجانبين، والذي يجري تجاهله عندما تستلزم مصالحهما، رغم تحريض الطرفين لشعوب المنطقة من منطلقات مذهبية لنشر الفوضى والقتل والدمار والترهيب، كونها الوسائل الوحيدة التي قد تسمح للجانبين بالتمدد والوصول إلى السلطة وثروات البلاد المستهدفة، ما كان قد عبّر عنه رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، إسماعيل هنية، أمس السبت، الثاني والعشرين من مايو.


اقرأ أيضاً: مصر والسودان تحاصران الإخوان.. ودول غريبة تلحق بركبهم


إذ أشار إلى تقديره العميق لإيران ووقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، بحسب تعبيره، وكذلك مواقفها الثابتة تجاه حقوقه في مختلف المجالات السياسية والميدانية، وذلك خلال تواصله مع قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي، وهو ما جاء عقب زعم هنية، يوم الجمعة من العاصمة القطرية الدوحة، انتصار حماس في جولة الحرب الأخيرة مع إسرائيل، مُوجهاً الشكر لإيران على تقديم السلاح إلى حماس في غزة، متجاهلاً أنّ المعركة أسفرت عن مقتل 248 فلسطينياً، بما في ذلك 66 طفلاً وعناصر من حماس، بجانب تدمير كبير لحق بالبنية التحتية للقطاع ومعالمه العمرانية، مقابل مقتل 12 إسرائيلياً، بينهم طفل وفتاة وجندي.


من ليبيا إلى أمريكا


ولا تقتصر علاقة تنظيمات الإخوان مع إيران على فلسطين، ففي الرابع والعشرين من يناير الماضي، زعم وزير الخارجية حكومة الوفاق الإخوانية في ليبيا، محمد الطاهر سيالة، ضرورة تمكين علاقات التعاون بين طرابلس وطهران على الصعيد الاقتصادي، وأيضاً التشاور والتنسيق في المحافل الدولية، وذكرت ضمن بيان لها، بأنه قد "رحب الوزير سيالة بالسفير شيباني، مؤكداً على عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية والإسلامية بين دولة ليبيا وإيران، مشيراً إلى أهمية تعزيز علاقات التعاون الثنائي والشروع في إجراء الاتصالات وتبادل الزيارات خاصة على الصعيد الاقتصادي العام والخاص مثل الغرف التجارية ومجلس رجال الأعمال، وكذلك التشاور والتنسيق في المحافل الدولية".


اقرأ أيضاً: المُتاجرة بخاشقجي.. التخلّي التركي بُرهان جَليّ على زيف المزاعم (الجزء 4)


وأردفت أنّ شيباني "أبدى استعداد طهران لتقديم أي مساعدة لحكومة الوفاق من أجل حل الأزمة الليبية وعودة الاستقرار والتنمية والازدهار للشعب الليبي"، وهو ذات الموقف الذي كانت تتخذ أنقرة من حكومة الوفاق الإخوانية، مما يشير بجلاء للتوافق بين الأطراف الثلاثة (أنقرة، طهران، الإخوان)، مقدمةً دليلاً عملياً على قدرة التنظيمات ذات الخلفية الدينية المنتمية لـ الإسلام السياسي، بشقيها السني والشيعي، على التحور وتحويل المواقف، وتجاوز الخلافات العقائدية لصالح تمرير المصالح الاقتصادية، خاصة في ظل ما تعانيه اقتصادات إيران وتركيا.


اقرأ أيضاً: العنصرية التركيّة تُحارب بالمياه.. من شرق الفرات إلى عفرين


أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد انبرت النائبة الديمقراطية المسلمة في مجلس النواب الأمريكي، إلهان عمر، وهي من أصل صومالي (ومعروفة بقربها من تنظيم الإخوان المسلمين)، بتاريخ الثاني عشر من مارس الماضي، لسؤال وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، عن سبب عدم عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي أولاً، باعتبارها هي التي خرجت منه، ضمن مُحاولات التنظيم تخفيف الطوق عن رقبة طهران.


إيران بديلة لتركيا


وبالعودة إلى تقرير سكاي نيوز، فقد رأى الكاتب المصري، ثروت الخرباوي، أنّ التحالف والتنسيق بين جماعة الإخوان والحرس الثوري الإيراني قديم وممتد منذ عشرات السنوات، لافتاً إلى التوافق بين الجانبين في المشروع والأهداف والمصالح، التي تقوم بالأساس على الإضرار بالدول والأنظمة العربية، موضحاً أن التنظيم في إطار سعيه للبحث عن بدائل للحليف التركي الذي سيتخلى عن جانب كبير من دعمه لها، بسبب رغبته في التقارب مع مصر، من الطبيعي أن يلجأ لإيران كحاضنة بديلة ويطلب منها الدعم.


اقرأ أيضاً: أردوغان وإسرائيل.. مُزاودات بالأخلاق ومُنافسة على الجرائم


وعليه، ليس مستغرباً أن ينتقل التنظيم من تركيا إلى إيران، خاصة أنّه بات يتمتع بسمعة سيئة جداً على المستوى العربي والغربي لجهة تجنيد المرتزقة في سوريا وليبيا ونشر الفكر التكفيري المتطرف وتنفيذ مشاريع التهجير القسري والتغيير الديموغرافي لصالح دول أجنبية ضمن دولها الوطنية، بجانب وجود أصوات في أمريكا وبعض الدول الغربية تطالب بتصنيفه على لوائح الإرهاب.. أما في إيران، فإنّ تنظيم الإخوان ومشتقاته، ممن يستترون بالدين، هم أكثر مَن يلزم.


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!