الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
السياسة العمانية الجديدة والأزمة السورية
خالد الزعتر


إنّ عودة السفير العماني لسلطنة عمان تأتي في إطار حالة التغيير الشامل التي تشهدها السياسة الخارجية العمانية في عهد السلطان هيثم بن طارق، والتغيرات التي شهدتها مراكز صناعة القرار العماني، التي كانت من أهمها، حالة التغيير التي شهدتها وزارة الخارجية بإقالة يوسف بن علوي.


وبالتالي، فإنّ حالة الانفتاح العماني على سوريا يعكس تغييراً في طبيعة التعاطي العماني تجاه ملفات الصراع التي تشهدها المنطقة، وبخاصة الأزمة السورية، فهذه الخطوة تأتي أيضاً في سياق مساعي الدولة العمانية الجديدة لكسر حالة العزلة التي ظلّت ملازمة للسياسة العمانية تجاه العالم العربي.


وأيضاً هذه الخطوة في غاية الأهمية، لأنّها تعبّر عن خطوة تحتاجها المنطقة، وهي التعاطي بآليات جديدة تجاه الأزمات التي تعيشها المنطقة، وإنّ العزلة السياسية لم تعد خياراً فاعلاً في طريقة التعاطي مع أزمات المنطقة، ولعلّ الحالة السورية خير مثال على ذلك.


بالرغم من حالة القطيعة التي عاشتها العلاقات السورية- العمانيةّ طوال فترة الـ9 سنوات، إلا أنّ هذه القطيعة يمكن النظر لها بأنّها كانت استجابة لفرض الأمر الواقع، الذي فرض على الدول العربية قطع علاقاتها مع النظام السوري، وذلك نتيجة إغلاق كافة البعثات الدبلوماسية في سوريا منذ اندلاع الأزمة، إلا أنّ العلاقات العمانية السورية لم تدخل حالة من الصدام السياسي، كما هو حال بقية علاقات دول المنطقة الخليجية، التي طالبت برحيل النظام السوري، بل ظلّت هذه العلاقة تحافظ على فترة من الهدوء السياسي وذلك لتداخلها مع المحور الإيراني الذي ظلّت سلطنة عمان تنحاز لبناء علاقات جيدة مع هذا المحور.


عودة السفير العماني إلى سوريا هي خطوة ربما تساهم إلى حدّ كبير في أن تكون عامل ضغط لإعادة توجيه البوصلة السورية نحو الحضن العربي، والانخراط في علاقات جيدة مع المحور العربي، تساهم إلى حدّ كبير في العمل على فصل الجمهورية السورية عن الارتباط بالمحور الإيراني، وربما يرفع من مستوى الأمل في إنجاح تحقيق هذه الخطوة، أنّها تأتي في وقت تشهد فيه السياسة الخارجية العمانية حالة من التغيير الإيجابي، بعد أن تخلصت من شخصيات العهد القديم التي كانت تحمل معها مشروعاً متباعداً عن المشروع العربي، والذي كان يوسف بن علوي هو من يقود دفة السياسة الخارجية وصناعة التوجهات السياسية الخارجية لسلطنة عمان، والمعروف بتوجهاته التي تحمل رؤى انفصالية عن المشروع العربي، ويميل أكثر إلى أن لا تكون السياسة العمانية منحازة للسياسة العربية، وبخاصة عندما يتعلق الأمر بالملف السوري والملف اليمني، بقدر ما تكون منحازة أكثر للتقارب والتوافق مع السياسات الإيرانية.


لا يتوقف التغيير الذي تعيشه السياسة الخارجية العمانية على مسألة الملف السوري، بل بالنظر إلى المؤشرات والمتغيرات الحاصلة في مراكز صناعة القرار السياسي العماني، يجد أنّ السياسة الخارجية لسلطنة عمان تقف على أعتاب عملية هيكلة واسعة، حيث ظهرت مؤشرات تفكيك الدولة العميقة في السلطنة العمانية، والتي كانت تتركز بشكل أكبر في مراكز صناعة قرارات السياسة الخارجية، وربما إزاحة يوسف بن علوي عن المشهد العماني، وهو الذي تحركه أيدولوجية متقاربة مع إيران وتحاول قدر الإمكان التباعد عن المواقف العربية، يؤكد أنّ السياسة الخارجة العمانية تتجه إلى إعادة بناء توجهاتها الخارجية بما يتوافق مع توجهاتها التاريخية القائمة على الحيادية الإيجابية والابتعاد عن الغرق في سياسة المحاور، وهي خطوة ستساهم في استعادة الدور الإقليمي للسلطنة والخروج من حالة العزلة السياسية التي ظلّت تعيشها لعقود طويلة.


ليفانت – خالد الزعتر  








 




كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!