الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
السويداء.. محطات الوقود والتسامر بالسلاح
السويداء

يتحفنا خطيب وإمام الجامع الأموي المدعو (مأمون رحمة) بين الحين والآخر، ولا سيما بخطب الجمعة، بتأويلاته وأفكاره المدهشة لتقبل الأزمات التي تمر بها البلاد، وكيفية التعامل الخلاق لتحويل الغضب والتذمر إلى تآلف ورحمة. آخر إبداعاته أنّ الوقوف على الكازية ليوم كامل أو أكثر، هو فرصة لأبناء البلد كي يتعارفوا ويتسامروا وجيد أنّه لم يضف وأن يتناسلوا أيضاً.


يكفي أن تشاهد منظر هذه الطوابير وامتدادها حتى تقرّر أن تركن سيارتك أمام منزلك ولا تحركها، وفعلاً كثير من المواطنين فعلوا ذلك، على أمل أن يجد القائمون على الأمر حلاً، واستعانوا بالنقل العام وبأرجلهم على قضاء حوائجهم والوصول إلى أماكن عملهم.


وبما أنّ الأزمات مترابطة ومتداخلة فقد ترافقت أزمة البنزين، مع أزمة دخيلة أكثر عمقاً وترسّخاً في مجتمعنا للأسف، ألا وهي الفوضى، وتحديداً فوضى السلاح، فهناك فئة ظهرت خلال السنوات المنصرمة لا يمكن أن تساوي نفسها بالجميع، وهنا الكلام طبعاً عن فئة الشبيحة وأفراد العصابات الذين وفرت لهم السلطة القوة والحماية لاستباحة كل شيء، وعدم الالتزام بأبسط القواعد الأخلاقية، التي يتمتع بها الإنسان بالفطرة، فيتجاوز الشبيح الطابور الطويل ليصل المقدمة وينزل من سيارته حاملاً سلاحه ليقطع باب الاعتراض على كل من سيطلب منه الالتزام بالدور، لكن من طبيعي ليس باستطاعة الكل القبول بهذه الفجاجة والوقاحة، فيتحوّل الاعتراض إلى عراك ومن ثم إلى إطلاق نار ليسقط على إثره ثلاثة جرحى، نقل أحدهم إلى دمشق لوضعه الحرج.


حصل هذا الموقف على محطة وقود (المرعي) في السويداء منذ بضعة أيام، ولم ينتهِ الأمر عند هذا الحدّ، إذ قام فيما بعد أقارب المصاب بالهجوم على المحطة وتحطيمها ، معتبرين أصحاب وعمال المحطة السبب فيما حدث لتفضيلهم الشبيحة على الآخرين، بسبب الإكراميات التي يمنحونها بعد التعبئة، وعدم قدرتهم على ضبط الدور، وهذه مسؤوليتهم، هذا بالإضافة إلى إقفال الشوارع المحاذية لمحطات الوقود وما يسببه ذلك من حوادث تصادم أدّى أحداها إلى مقتل شاب على دراجته النارية.


ومن الطبيعي أيضاً أن تترافق أزمة البنزين هذه مع ارتفاع كبير في تعرفة أجرة التكسي التي بات يحددها كل سائق كما يريد، لدرجة أنّها تضاعفت داخل المدينة وقاربت 1500 ليرة سورية، بدلاً من 700 كما كانت قبل أيام، وإن جادلته فسيقول لك أنّه بقي اليوم بكامله على الكازية ليعبئ سيارتة أو اشترى البنزين المتوفر وبكثرة في الأكشاك غير المرخصة والمرعية أمنياً، وعلى جانب الطرقات بسعر 1500-2000 ليرة لللتير الواحد، علما أنّ سعر الليتر في المحطة 250 ليرة.


الوضع بدون شكّ كارثي، وواضح أنّه لا حل قريب، ويأتي هذا الإمام المنافق المأجور ليحدّثنا عن التعارف والألفة والتسامر كفرصة استثنائية يجب استثمارها وعدم تفويتها، وما عليك أيّها المواطن الجميل سوى الدعاء لهذه القيادة الحكيمة التي جعلتكم تتعارفون وتتسامرون، فبعد أن تتعارفوا وتتناسلوا أتموا الحديث النبوي الشريف: “تكاثروا فإنّي مباهٍ بكم الدنيا”، وكل أمة تتباهى بما لديها من خلق وحضارة، وهذه البلاد تتباهى بالتفاهة والقتل والتهجير وأصوات جعجعة السلاح والمفتين والمطبلين والمزمرين برشوة دنيئة وبدون.


ليفانت – سلامة خليل

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!