الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • السودان.. تباين مُريب بين الإفراج عن رموز نظام البشير واعتقال النشطاء

السودان.. تباين مُريب بين الإفراج عن رموز نظام البشير واعتقال النشطاء
السودان ونظام البشير \ ليفانت نيوز

تعيش السودان، منذ 25 أكتوبر العام الماضي (2021)، أزمة سياسية بين المكون المدني والعسكري، أدت إلى حل الحكومة وفرض حالة الطوارئ، وهو ما يعتبرها المعارضون انقلاباً عسكرياً على الحكم المدني في السودان.

ومذ ذلك الوقت، تصدر عن سلطات الامر الواقع الحاكمة، أو في ظلها قرارات وأحكام مشوبة باللغط والارتباك وغموض الأسباب، أهمها ما يرتبط بالإفراج عن المعتقلين المرتبطين بنظام عمر البشير، أو اعتقال النشطاء المناوئين للانقلاب العسكري.

تبرئة شخصيات في نظام عمر البشير

وفي الصدد، برأ القضاء السوداني في السابع من أبريل الماضي، رئيس حزب المؤتمر الوطني إبراهيم غندور، و12 آخرين من تهم تقويض النظام الدستوري وتمويل الإرهاب، وفق ما أفادت وسائل إعلام سودانية، حيث تقرر إطلاق سراح غندور الذي شغل أيضاً منصب وزير الخارجية، ليكون أكبر شخصية في نظام الرئيس السابق عمر البشير تسقط عنها الاتهامات بارتكاب جرائم ضد الدولة.

اقرأ أيضاً: عربات التوك توك الكهربائية في السودان.. متعددة الأغراض

وقال الغندور وقتها، في مقطع فيديو تداوله نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي إنه يوم تاريخي في تاريخ العدالة في السودان، زاعماً أن القضاء عادل ولن يظلم عنده أحد، موجهاً رسالة للأحزاب في السودان دعا من خلالها إلى توحيد صفوفهم والعمل سوياً من أجل البلاد، مدعياً أنه يجب نسيان الماضي والخلافات من أجل الحفاظ على السودان، على حد زعمه.

معارضو العسكر مستمسكون بموافقهم

لكن تلك الدعوة وغيرها من الضغوط من قبل السلطة الحاكمة، لم تثني المعارضين للانقلاب العسكري، عن مطالبهم، فجدد القيادي في "قوى إعلان الحرية والتغيير" جعفر حسن، في الحادي عشر من أبريل، تمسك القوى بإبعاد العسكر نهائياً عن مسار التحول الديمقراطي في البلاد، مشدداً على أن أي مبادرة لا تقود لاستعادة المسار الديمقراطي عبر المدنيين، وإبعاد المؤسسة العسكرية عن السياسة لن تؤدي إلى نتيجة، قائلاً إن القوى "لن تجرب المجرب" وأضاف أنه لا علاقة للقوى بالمجلس الانتقالي السيادي، "وفي حال تدخله يصبح لكل حدث حديث".

ليبدي رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، (وهو الذي قاد الانقلاب العسكري في أكتوبر الماضي)، استعداده للتنحي من منصبه حال تم التوافق بين القوى السياسية، إذ أعلن في كلمة خلال إفطار رمضاني بالخرطوم في الخامس عشر من أبريل، عن إجراءات سيتم اتخاذها خلال 48 ساعة بهدف تهيئة المناخ للحوار بما فيها الإفراج عن جميع المعتقلين، قائلاً: "مستعدون في حال اتفاق القوى السياسية أن نجلس بعيداً إذا توافقوا على ذلك".

اقرأ أيضاً: الذهب السوداني.. محاكم خاصة لمكافحة تهريبه

وأوضح البرهان أنه عقد اجتماعاً مع النائب العام ورئيس القضاء لدراسة الوضع القانوني للمحتجزين وتسريع الإجراءات الخاصة بهم، وقال: "خلال يومين ثلاثة سيكونون في الخارج ليسهموا مع الآخرين"، مشيراً إلى توجيه أصدره للأجهزة المختصة لمراجعة حالة الطوارئ والإبقاء على بعض البنود الخاصة بحالة الاقتصاد وغيره مما يساعد على تهيئة المناخ، مدعياً أن المرحلة تتطلّب من الجميع تقديم تنازلات، بالقول إن "السبيل للعبور بالفترة الانتقالية بسلام هو التوافق والتراضي بين الجميع".

فيما أعلنت "قوى الحرية والتغيير في الثامن عشر من أبريل، رفضها الدخول في مفاوضات وفق الآلية الثلاثية "إلا بعد تهيئة المناخ لذلك، بوقف العنف وإلغاء الطوارئ"، حيث حددت تلك القوى في بيان شروطها للقبول بالتفاوض وفق الآلية الثلاثية التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد، لحل الأزمة السياسية في البلاد.

وأوضح بيان لقوى الحرية والتغيير أنه تم مناقشة دعوة الآلية المشتركة، وتقرر رفض الاجتماع التحضيري ووضع قضايا في الحسبان قبل العملية السياسية، وبينها "الالتزام الكامل من السلطة الانقلابية بوقف العنف ضد الحركة الجماهيرية وإرجاع كافة السُلطات التي تخوِّل للقوات النظامية استخدام العنف وعلى رأسه استخدام الرصاص الحي إلى النائب العام والجهاز القضائي "، كما اشترطت تلك القوى "إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين من قوَى الثورة وعلى رأسهم لجان المقاومة وقادة الحرية والتغيير ولجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو واسترداد الأموال العامة"، وذلك بجانب إلغاء حالة الطوارئ.

بلاده تتجه إلى الخلف

بينما شدد محمد حمدان دقلو "حميدتي"، نائب رئيس مجلس السيادة في السودان، في العشرين من أبريل، على أن الأمور في بلاده تتجه إلى الخلف، مشيراً إلى أن السودان يمر بمرحلة صعبة بها كراهية وعنصرية، مردفاً أن السياسيين يمارسون الغش وغير صادقين مع السودانيين، وفق قوله، فيما نفى نائب رئيس مجلس السيادة، وجود معتقلين سياسيين ببلاده، زاعماً وجود موقوفين على ذمة قضايا.

قائلاً: "هناك متهمون ينبغي أن تستكمل إجراءاتهم وفقاً للقانون، ويجب تحقيق العدالة وتنفيذ حكم القانون على كل مدان وإطلاق سراح من لم تثبت في حقه أي جريمة"، متابعاً: "الحكم أساسه العدل، ونحن لا نتدخل في قضية أمام القضاء، ولكن فقط نستعجل السير في إجراءات الفصل فيها"، كذلك نوه إلى أن كلّ من في السجون ينبغي أن يتمتعوا بكامل حقوقهم المتمثلة في مقابلة محاميهم وعائلاتهم.

اقرأ أيضاً: البرهان لوفد مصري: السودانيون سيختارون من سيحكمهم عبر الانتخابات

بيد أن مزاعم دقلو بأن السجون خالية من المعتقلين السياسيين، فندتها منظمة هيومن رايتس ووتش، التي وجهت الاتهام لـ قوات الأمن السودانية بـ"ضرب" محتجزين مناهضين للانقلاب، ومنهم أطفال تعرضوا إلى "التعرية" من ملابسهم ونساء تعرضن إلى "تهديد بالعنف الجنسي".

وشددت "هيومن رايتس ووتش" في الثامن والعشرين من أبريل، على أن قوات الأمن "ضربت المتظاهرين المحتجزين وأساءت معاملتهم، بما يشمل تعرية الأطفال المحتجزين وتهديد النساء بالعنف الجنسي"، لافتةً إلى أن "الاستهداف الوحشي للمتظاهرين محاولة لبثّ الخوف، وقد أفلت إلى حد كبير من الرقابة الدولية".

وطالبت "شركاء السودان إلى الضغط على الجيش لوقف الاعتقالات، والسماح للمراقبين المستقلين بالوصول إلى مواقع الاحتجاز، وإلغاء سلطات الطوارئ التعسفية المستخدمة لتبرير هذه الانتهاكات"، مشيرةً إلى أنه "ينبغي لشركاء السودان الإقليميين والدوليين تنسيق استجابتهم لضمان محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الواسعة الانتشار منذ الانقلاب، بما يشمل فرض عقوبات فردية محددة الهدف".

دعوات أممية

وبالصدد، حث وفد المبعوثين الدوليين قادة السودان العسكريين إلى "الإفراج عن جميع المعتقلين وإنهاء العنف، ورفع حالة الطوارئ، داعياً إلى إحراز "تقدم فوري" نحو حكومة انتقالية مدنية في السودان، وذلك في بيان صدر في ختام زيارة مشتركة إلى الخرطوم قام بها وفد ضم مسؤولين رفيعين من فرنسا وألمانيا والنرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي نهاية أبريل، وهدفت إلى "إظهار الدعم للشعب السوداني والانتقال المدني نحو الديمقراطية".

اقرأ أيضاً: على طريقة النظام السوري.. العسكر السودانيون يقتلون متظاهراً في احتجاجات اليوم

كما حث الوفد "القادة العسكريين السودانيين للإفراج عن جميع المعتقلين والنشطاء السياسيين المتبقين ولإنهاء العنف، بما في ذلك العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي ضد المتظاهرين، وضمان مساءلة المسؤولين عن مثل هذه الأعمال ورفع حالة الطوارئ على الفور"، ليفتح ملف السجون واعتقال الناشطين المعارضين للانقلاب العسكري، مقابل الإفراج عن رموز نظام عمر البشير الذي نكل وأجرم بحق أغلب السودانيين على المنقلب الآخر، الباب مشرعاً للسؤال عن ذلك التباين المريب، والذي لا يبدو بريئاً.

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!