الوضع المظلم
السبت ١٨ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
السودان يدخل النفق المظلم.. ما مآلات الأزمة الراهنة؟
السودان احتجاجات (ليفانت)
مشهد مرتبك، تطورات متلاحقة، ومآلات متعددة، هكذا يمكن باختصار وصف المشهد الحالي في السودان بعد قرارات مجلس السيادة السوداني بحل الحكومة ومجلس السيادة وإعلان حالة الطوارئ العامة في البلاد، الاثنين الماضي.

القرار الذي وقع كالصاعقة على الشعب السوداني وجميع المتابعين للشأن الداخلي، خلّف العشرات من ردود الفعل الإقليمية والدولية اختلفت ما بين رفضه وتأييده، لكنها اتفقت جميعاً على ضرورة حفظ الأمن والسلام، والحفاظ على مكتسبات الثورة الشعبية السودانية، وكذلك ضمان سلامة جميع المشاركين في العملية السياسية في البلاد وفي مقدمتهم رئيس الحكومة، عبد الله حمدوك، وجميع الوزراء والمسؤولين.

ردود فعل سريعة

وعبرت الولايات المتحدة عن رفضها للقرار، في أبرز ردود الفعل الدولية، بعد أن أعلنت عن وقف مساعدات مالية مقدمة للسودان تبلغ نحو ٧٠٠ مليون دولار، وذلك عشية إعلان قرارات البرهان، في ردّ جاء واضحاً ومباشراً ومعبراً عن الرفض القاطع لتلك القرارات من الجانب الأمريكي.

وفي رد فعل سريع، عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً عاجلاً لمناقشة الوضع في السودان، مساء الثلاثاء، لكنه خرج دون اتفاق على بيان موحد، وهو ما اعتبره مراقبون مكسباً للقيادة العسكرية في البلاد، وسينعكس بشكل كبير على استمرار القرارات المقبلة في المشهد السياسي.

احتجاجات السودان/ تويتر

أما الدول العربية والأفريقية فقد أجمعت البيانات الصادرة عنها على التأكيد على عملية حفظ السلام والاستقرار وتحقيق مصالح الشعب السوداني الذي يعاني أزمات متصاعدة تجاوزت نحو عقدين من الزمن، خاصة على المستوى الاقتصادي.

ومن جانبه، وصف الفريق عبد الفتاح البرهان ما حدث بأنه استجابة من الجيش لتنفيذ مطالب الشعب التي عجزت عنها الحكومة، مؤكداً في مؤتمر صحافي عُقد مساء الثلاثاء في العاصمة الخرطوم، أن الانقسام السياسي الذي شهدته المرحلة الماضية كان يهدّد أمن البلد وسلامته، "شهدنا تململاً لدى القوات المسلحة إزاء المشهد السياسي وكانت هناك مخاوف من خروج الأمور عن السيطرة"، وأكد أن البلد في منعطف خطير والمخرج الوحيد بوحدة الموقف والتماسك.

وفي السياق، طالبت قوى دولية بسرعة الإفراج الكامل عن جميع المسؤولين من أفراد الحكومة، وفي مقدمتهم رئيسها عبد الله حمدوك، ما دفع البرهان للتأكيد خلال المؤتمر الصحافي، أن الأخير ضيفه وسيتم إخلاء سبيله خلال ساعات وهو ما حدث بالفعل.

غضب داخلي

من جانبها، وصفت الحكومة السودانية وعدد من القوى المدنية، في مقدمتها قوى الحرية والتغيير واتحاد المهنيين، أكبر مظلّة عمالية في البلاد، القرارات واعتبرتها انقلاب على مكتسبات الثورة السودانية وانتهاك للوثيقة الدستورية الموقعة في جوبا، عام 2019.

وطالب سفراء السودان في عدة دول، أبرزها الولايات المتحدة وفرنسا وسويسرا وبلجيكيا، رفضها للقرارات وطالبت بالإفراج عن المسؤولين من الحكومة.

وأصدرت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى الخرطوم بدعم من سفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والنرويج وإسبانيا والسويد وسويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

وقال البيان: "نواصل الاعتراف برئيس الوزراء وحكومته كقادة دستوريين للحكومة الانتقالية. من الأهمية أن يقوم السفراء المقيمون في الخرطوم بأن يكونوا قادرين على التواصل مع رئيس الوزراء. لذلك نطلب بشكل عاجل أن نتمكن من مقابلة رئيس الوزراء"، حسبما أوردت صحف محلية.

سيناريوهات مرتقبة

ووضع مراقبون 3 سيناريوهات للأزمة الراهنة في السودان، الأول أن تستمر التظاهرات الغاضبة في البلاد وسط حالة من الضبابية في المشهد السياسي مما سيؤدّي لتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، لكنه يظلّ احتمال ضعيف في ظل استمرار انقسام الشارع وتفتت قوى المعارضة.

ويتوقف السيناريو الثاني، المتمثّل في احتمالات تراجع القيادة العسكرية في البلاد عن جزء من قراراتها لتهدئة الشارع على عاملين أساسيين، الأول هو الضغط الذي تمثّله القوى المعتصمة في الشارع على المستوى الداخلي، والثاني يرتبط باستمرار الضغوط الدولية على القيادة العسكرية الحالية في البلاد.

الثالث يتمثّل في استقرار الوضع نسبياً إذا نجح المكوّن العسكري في تسمية الحكومة المقبلة في أقرب وقت والاعتماد على كفاءات سياسية وعلمية يمكنها العمل على الملفات العاجلة بشكل سريع واحتواء غضب الشارع وتهدئة الأزمة إلى حدّ كبير.

اقرأ المزيد: إلغاء الطوارئ المصرية.. إشارة للتعافي وعودة للريادة بالإقليم

من جانبه، يرى الباحث السياسي السوداني، صلاح خليل، أن البلاد تعرّضت لتحديات كبيرة خلال الفترة الماضية على كافة المستويات، وهو ما دفع القيادة العسكرية إلى اتخاذ إجراءات استثنائية لتنفيذ مطالب الشارع الغاضب، مشيراً إلى أنّ السودان تعرض خلال الفترة الماضية لأزمات مركبة، خاصة على المستويين السياسي والاقتصادي.

وحول السيناريوهات المقبلة للحالة السياسية الملتهبة في البلاد، في ظل استمرار التظاهرات في الشارع والدعوة إلى اعتصام شامل وعصيان مدني، لا يتوقع، خليل في تصريحه لـ"ليفانت" أن تؤثر تلك الحالة على تحول بوصلة الأحداث الراهنة إلى حدّ كبير، ولن تكون لها نتائج مثل احتجاجات ديسمبر 2019.

اقرأ المزيد:إخوان سوريا في امتحان جديد.. بعد السقطات المتتالية

ويشير خليل إلى أنّ القيادة العسكرية السودانية بصدد تشكيل حكومة تكنوقراط ذات كفاءات عالية للعمل بشكل سريع جداً على الملفات التي تحتاج إلى تدخل عاجل، خاصة الملف الاقتصادي والأمني، مؤكداً أن الدولة السودانية أمام خيارات صعبة على كافة المستويات، وأنها أمام تحدٍّ، أن تكون أو لا تكون.

ليفانت - رشا عمار

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!