الوضع المظلم
الأحد ١٩ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
السودان صراع المعاناة أو التقسيم  
سعد عبد الله الحامد

بين ذكريات الحرب الأهلية السودانية الأولى من عام1955م إلى 1972م والحرب الأهلية السودانية الثانية تلك الحرب الأهلية التي بدأت احداثها في عام 1983 حيث وقعت احداثها في المناطق  الجنوبية من السودان والتي اطلق عليها منطقة الحكم الذاتي والمعروفة الان بدولة جنوب السودان حيث شكلت أطول و أعنف الحروب خلال تلك السنوات ليصل عدد ضحاياها ما يقارب 1.9 مليون من المدنيين و عدد اللاجئين الى دول الجوار قرابة 4 ملايين شخص منذا بدايتها حيث شكل عدد الضحايا النسبة الأعلى منذا نهاية  الحرب العالمية الثانية ولينتهى هذا الصراع  مع توقيع اتفاقية نيفاشا للسلام في يناير 2005 وتقسيم السلطة والثروة بين حكومة رئيس السودان السابق عمر البشير وبين قائد قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان جون قرنق ا ولكن صفحة جديده من المعاناة و لازالت تلاحق هذا البلد الى يومنا هذا


انطلاقا من الصدام المسلح الذي اندلعت شرارته منذا ما يقارب ابريل الماضي بين المؤسسة العسكرية بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان ونائبه السابق قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلوا لتصبح تلك الحرب ناقوس خطر يهدد  دول الجوار كليبيا وتشاد واثيوبيا ومصر ونتيجة لتشعب الصراع وتداخل مصالح القوى الإقليمية والدولية والصراع الداخلي بين القوى السياسية والمؤسسة العسكرية داخل هذا البلد فشلت عملية التحول الديمقراطي وظهرت العديد من  الخلافات بين المؤسسة العسكرية التي كانت تمسك بزمام السلطة والمكون المدني ومما لاشك فيه ان حقيقة السباق على الهيمنة على الثروات التي يكتنزها هذا البلد جانب لا يمكن اغفال أهميته  بالنسبة لتصاعد وتيرة الصدام المسلح القائم الان


 فلدى السودان العديد من المقومات والموارد التي تجعلها محط اهتمام كبير في سياق مد النفوذ بين القوى العظمى فموقعها  الذى يمر خلاله نهر النيل وما تحتويه من موارد طبيعية فحجم احتياطيات الذهب تقدر ب1550 طن وإنتاج المعادن النفيسة جعل هذا البلد في المرتبة الثالثة عالميا بإنتاج قدره 93طن واحتياطات الفضة تقدر ب1500 طن و5ملايين من النحاس و1.4مليون من اليورانيوم وكذلك الثروة الزراعية  200مليون فدان من المساحات القابلة للزراعة وتمتلك 115 مليون فدان من المراعي الطبيعية ويمتلك السودان


أكبر ثروه حيوانية في العالم بحجم 110 ملايين راس من الماشية وكذلك الإنتاج السنوي من الثروة السمكية بما يقارب 42الف طن تلك بعض المقومات الطبيعية وبرغم الجهود الدولية والإقليمية والأممية لإيقاف سفك الدماء القائم  والتي تدور في فلك أحداث الفارق سواء من الأمم المتحدة او الاتحاد الإفريقي ودول الجوار ولكن اعتقد بان الوساطة والجهود السعودية الأمريكية بدعم المجتمع الدولي حققت تقدم بجلب ممثلي أطراف النزاع لطاولة المفاوضات في جده وعقد عدة جولات من المفاوضات والتوصل لى اكثر من

هدنه كانت تواجه بعدم الالتزام من طرفي النزاع وقوبلت اخيرا بإيقاف المفاوضات في جده لعدم جدية الأطراف في تلك المفوضات ويبدوا أن طرفي النزاع ليس لديهم الثقة الكافية فيما بينهم إضافه الى ان هناك من يرى بان خروج قوات الدعم السريع على القوات المسلحة وتكوين ميليشيا ترغب ان تكون ندا للمؤسسة العسكرية امر يتطلب حسم من المؤسسة العسكرية خوفا من تكرر نفس المشهد مستقبلا وجانب أخرى يزيد المشهد تعقيد هو تأثير اطراف من النظام السابق والأحزاب الإسلامية في المشهد بشكل او باخر مما يسبب ضغط على المؤسسة العسكرية اكبر لعدم قدرتها حسم هذا النزاع وبالتالي التشكيك في إمكاناتها ضد قوات الدعم السريع وخاصه عقب حل قوات الدعم السريع و إقالة حمدان دقلوا من قيادة قوات الدعم السريعة بقرار من البرهان


وما يؤكد ذلك عدم قدرة أي طرف حسم المعركة لمصلحته حتى الآن وثم يأتي العامل الدولي والإقليمي أيضا كعنصر بارز أيضا من خلال مشاركة قوات فاغنر الى جوار قوات الدعم السريع وتصريح وزير الخارجية الروسي سيرجى لافروف بموافقة روسيا على دعم تقدم تلك القوات في السودان لأطراف النزاع مما يصب الزيت على النار ولعل التمرد الأخيرة الذي قام به قائد قات فاغنر يفغيني بريغوجينوفى ضد الجيش الروسي وانتهاء هذا التمرد بوساطة بيلاروسيا قد يؤثر على واقع هذه الحرب لا أحدى طرفي النزاع ولابد من الإشارة إلى الدعم الذى تتلقاه المؤسسة العسكرية أيضا من واشنطن وهنا صوره واضحه لحجم المصالح المتشابكة لواشنطن وروسيا في هذا الصراع ليصبح حلقه من سلسلة التنافس الجاري بين الدولتين في أوكرانيا والبحر الأسود والقطب الشمالي ولكن ما انعكاسات ما يحصل في السودان على محيط السودان الإقليمي ؟ فمثلا إثيوبيا تشترك في حدودها مع السودان في الشرق


فعطلت الحرب حركة التجارة بين البلدين وكذلك مصر لديها حدود مع الشمال السوداني وقد أدى الصراع إلى مخاوف بشأن أمن نهر النيل وهو مصدر رئيس للمياه لمصر وكذلك جنوب السودان وتدفق اللاجئين والفارين إلى جنوب السودان بشكل غير مسبوق وعدم الاستقرار امنيا على حدود البلدين وكذلك مخاوف إثيوبيا من انتقال بؤر الصراع لحدودها في ظل توتر الأجواء بين السودان ومصر وإثيوبيا


بسبب سد النهضة ووسط كل ماتم ذكره تتفاقم المعاناة الإنسانية وصعوبة إيصال المساعدات الإغاثية للمدنيين برغم اتفاق جده وتشديده على ضرورة  التزام اطراف النزاع بمبادئ القانون الدولي في هذا الجانب ولكن المخاوف مستمرة من انزلاق هذه الحرب الى حرب اهليه عرقيه وخصوصا بعد مقتل نائب والى دارفور ونزوح ما يقارب 2.2مليون شخص منهم 528ألفا نزحوا إلى دول الجوار وفق المنظمة الدولية للهجرة وتردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات التضخم والبطالة فوفق تقرير صندوق النقد الدولي فأن الاقتصاد السوداني قد ينكمش بنسبة 5

5% مع أزمه اقتصادية غذائية مقبله قد تنذر بمجاعة هناك بسبب ان كمية الحبوب لا تكفي وفق تقارير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

فهل سيستجيب الفرقاء لنداء العقل بأنهاء هذا الصراع خوفا من المنعطف الأخطر وهو تقسيم هذا البلد ومقدراته بأياديي أبناؤه.  

 



ليفانت-  د.سعد عبد الله الحامد

          

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!