الوضع المظلم
الأحد ١٢ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • السعودية والتطبيع.. إشارة إيجابية مرهونة بالقدرة الإسرائيلية على تلقفها

السعودية والتطبيع.. إشارة إيجابية مرهونة بالقدرة الإسرائيلية على تلقفها
السعودية وإسرائيل \ ليفانت نيوز

في سبتمبر 2020، توصلت إسرائيل إلى اتفاقات تاريخية لتطبيع العلاقات مع مجموعة من الدول العربية، هي كل من (الإمارات والبحرين والمغرب والسودان)، لتنضم تلك الدول الـ4 إلى مصر والأردن اللتين أبرمتا سابقاً، اتفاقات مماثلة قبل عدة عقود.

ورغم أن قطار التطبيع قد توقف منذ أواخر 2020، استمر المسؤولون الإسرائيليون بإطلاق تصريحات عن مفاوضات مع دول أخرى في العالم الإسلامي، مثل قطر والسعودية وإندونيسيا، لكن الدولتان الأخيرتان، اشترطتا للتوصل إلى أي تطبيع، تلبية مطلب الفلسطينيين بإقامة دولة مستقلة على الأراضي التي استولت إسرائيل عليها، في حرب عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

تأييد أمريكي للتطبيع مع السعودية

يحظى التطبيع بين السعودية وإسرائيل، بتأييد جيد في الأوساط الغربية، ومنها الأمريكية، فقد أيد نواب في الحزب الجمهوري بمجلسي النواب والشيوخ، في العشرين من يناير الماضي، تقريراً صدر عن المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي، قال إن تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية أمر أساسي للمصالح الأمنية الأمريكية، حيث استعرضت (الوثيقة) التقرير المكون من 48 صفحة، التقدم المحرز بين إسرائيل وأربع دول عربية بموجب اتفاقات أبراهام 2020، التي شكلت تحالفات بين إسرائيل و(الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان).

وأكد التقرير آنذاك، أن تعزيز العلاقات الإسرائيلية السعودية يؤدي لا إلى استقرار المنطقة فحسب، بل ويخدم أيضاً الاحتياجات الجيوسياسية للولايات المتحدة، مضيفاً "إن إدخال السعودية كدولة إسلامية ذات نفوذ هائل في اتفاقيات التطبيع، من شأنه أن يغير قواعد اللعبة السياسية في الشرق الأوسط".

اقرأ أيضاً: السعودية تبدي الجاهزية للتوسّط بين روسيا وأوكرانيا

وأضاف أن مثل هذه الاتفاقيات "توفر منصة مثالية لزيادة تقاسم الأعباء التي تمكن شركاء أمريكا الإقليميين على القيام بالمزيد معاً من أجل استقرار وأمن الشرق الأوسط"، دون أن يغفل عن التهديدات الإيرانية، إذ أشار إلى أن تعزيز العلاقات بين إسرائيل والسعودية، "سيؤسس قوة موحدة أقوى بين الولايات المتحدة والسعودية في مواجهة الخصم المشترك وهو إيران".

إلا أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، والمشرعين الديمقراطيين "قد لا يكونون متحمسين لتعزيز العلاقات مع السعودية، نظراً لعلاقتهم المعقدة مع هذه الدولة النفطية"، وفق التقرير عينه.

إسرائيل متحمسة للتطبيع مع السعودية

التأييد الذي تحظى به عملية التطبيع في بعض الأوساط الأمريكية، تقابله حماسة في إسرائيل، حيث تسعى الأخيرة إلى توطيد علاقتها مع دول المنطقة، كون التطبيع سيحقق مصالح كبيرة لإسرائيل، في منطقة متقلبة، بالأخص في هذه الفترة العصيبة التي يمر بها العالم بأسره، مع وجود احتمالات نزاع عالمي بفعل الأزمة في أوكرانيا وغيرها من الأزمات.

وبالصدد، كان قد شدد وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، في الخامس والعشرين من يناير الماضي، على أن إسرائيل تسعى لتوسيع دائرة الدول التي أبرمت معها "اتفاقات أبراهام" لتطبيع العلاقات وتأمل بانضمام السعودية وإندونيسيا إلى القائمة، قائلاً في حديث لـ"إذاعة الجيش الإسرائيلي": "إسرائيل مهتمة بتوسيع اتفاقات إبراهيم، وإندونيسيا والسعودية من بين الدول الأكثر أهمية، لكن ذلك سيتطلب وقتاً"، مضيفاً: "أعتقد أن هناك دولاً صغيرة ستقوم بتطبيع العلاقات مع إسرائيل خلال سنة أو سنتين".

اقرأ أيضاً: السعودية للصناعات العسكرية تسعى لإنتاج طائرة بدون طيار

وبالمقابل، أشعلت الرياض ضوءاً خافتاً لإسرائيل، عبر سلسلة إشارات، كان من ضمنها، عبور طائرة الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، المتوجهة نحو الإمارات، فوق الأجواء السعودية، خلال أول زيارة رسمية لرئيس إسرائيلي لدولة الإمارات، في الثلاثين من يناير الماضي، إذ حلقت طائرة الرئيس الإسرائيلي فوق السعودية، وقال الطيار للركاب: "نحن الآن فوق المملكة العربية السعودية.. نحن نصنع التاريخ! سنطير قريباً فوق العاصمة"، ليدخل الرئيس الإسرائيلي قمرة القيادة، وينظر إلى الأراضي السعودية، قائلاً: "بدون شك.. إنها حقاً لحظة مؤثرة للغاية".

وفي الثاني من فبراير، جاءت إشارة ثانية من السعودية، عندما سمحت بعبور طائرة وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس من تل أبيب إلى البحرين، فوق الأجواء السعودية، وقد قال دورون كادوش مراسل إذاعة الجيش الإسرائيلي، في تغريدة: "الطائرة التي نقلت غانتس إلى البحرين هي من طراز بوينغ 707، التي كانت في خدمة سلاح الجو الإسرائيلي منذ عام 2011، في الماضي كانت الطائرة في خدمة الرؤساء المصريين (القوات الجوية المصرية 1) وهي الطائرة التي نقلت (الرئيس المصري الراحل أنور) السادات عام 1977 في أول زيارة تاريخية له لإسرائيل".

شروط السعودية للسلام

لم تكن السعودية متزمتة أو رافضة بالمطلق لفكرة السلام مع إسرائيل والتطبيع، لكنها في عين الوقت، اعتبرت أن العملية بحاجة إلى مقومات لإنجاحها وديمومتها، وهو ما ذهب إليه وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، في الواحد والعشرين من فبراير، عندما قال إن اندماج إسرائيل في المنطقة سيكون مفيداً للغاية، مؤكداً أن بلاده ستجري عملية سلام مع إسرائيل في حال إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.

اقرأ أيضاً: السعودية تنتصر على كوفيد19.. أول صلاة في مكة المكرمة دون تباعد اجتماعي 

كما أوضح في حديث لصحيفة "معاريف" العبرية، على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، أن "اندماج إسرائيل في المنطقة سيكون مفيداً للغاية، ليس لإسرائيل فحسب، بل للمنطقة بأسرها، ولكن دون معالجة المشاكل الجوهرية للشعب الفلسطيني ومنح الاحترام والسيادة له، سوف نقوي أكثر الأصوات المتطرفة في المنطقة".

مبيناً أن "الأولوية الآن هي إيجاد تسوية بحيث يمكن للإسرائيليين والفلسطينيين الجلوس معاً، وإجراء عملية سلام يمكن العمل عليها، وهذا سيجعل الأمر أسهل بالنسبة لجميع البلدان التي ليس لديها بعد علاقات مع إسرائيل، ونحن سنفعل ذلك عندما يتم إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية".

إشارة قوية من السعودية

ويمكن القول بأن الضوء السعودي الخافت، تحول ليصبح قوياً، في الثالث من مارس الجاري، عندما أدلى الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، بتصريحات لافتةً لصحيفة "أتلانتيك" الأمريكية، إذ أوضح فيها أن "حكومة المملكة لا تنظر إلى إسرائيل باعتبارها عدواً، وإنما تعتبرها "حليفاً محتملاً"، مردفاً: بالنسبة لنا، فإننا نأمل أن تحل المشكلة بين الإسرائيليين والفلسطينيين"، مستطرداً: "إننا لا ننظر إلى إسرائيل كعدو، بل ننظر إليهم كحليف محتمل في العديد من المصالح التي يمكن أن نسعى لتحقيقها معاً، لكن يجب أن تحل بعض القضايا قبل الوصول إلى ذلك".

وجلبت تلك التصريحات تفاعلاً واسعاً في الإعلام العبري، فاستعرض حساب "إسرائيل بالعربية" الرسمي التابع للخارجية، صورة للأمير السعودي مع تصريحه، كما عرض "مقتطفاً من مقابلة لصحيفة "The Atlantic"، مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان".

اقرأ أيضاً: السعودية تعزّز دفاعاتها الجوية لمواجهة هجمات الحوثيين

إذ أورد الحساب نقلاً عن بن سلمان: "نحن نرجع إلى تعاليم الإسلام الحقيقية، التي عاش بها الرسول عليه الصلاة والسلام والخلفاء الأربعة الراشدين، حيث كانت مجتمعاتهم منفتحة ومسالمة، وكان عندهم مسيحيون ويهود يعيشون في تلك المجتمعات، وأرشدتنا هذه التعاليم أن نحترم جميع الثقافات والديانات بغض النظر عنها، وهذه التعاليم كانت مثالية، ونحن راجعون إلى الجذور، إلى الشيء الحقيقي".

لتكشف الإشارات الإيجابية المتبادلة بين الرياض وتل أبيب، أن عملية التطبيع والسلام بين السعودية وإسرائيل، قد باتت مهيئة أكثر من أي وقت مضى، ولربما ستستطيع إسرائيل تحقيق شروط السعوديين للانتقال إلى خطوات عملية للتطبيع، خلال الشهور القادمة.

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!