الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
الخطر الإيراني والازدواجيّة الأمريكية في مواجهته
 شيار خليل

مع تصاعد التوترات الدولية الأخيرة حول الصراع الروسي - الأوكراني بالتزامن مع المحادثات النووية الإيرانية المنعقدة في فيينا بجولتها الثامنة، زادت إيران من نشاط مليشياتها الإرهابية في المنطقة، حيث بدأ المتمردون الحوثيون بتكثيف هجماتهم الإرهابية على الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية كإشارة ودليل على النفوذ الإيراني الإقليمي في هذا الوقت الحساس على أمن الخليج والمنطقة.

إن ما تقوم به هذه المليشيات المتطرفة من هجمات صاروخية وطائرات بدون طيار مهددة متقصدة فيها استهداف المكان الجغرافي الأهم في المنطقة للاستقرار الاقتصادي والبيئة الآمنة للاستثمار، هو دليل إضافي على دعم طهران لتلك المليشيات عن طريق حزب الله اللبناني وقوات القدس التابعة لإيران، خاصة بعد الإعلان الحوثي الصريح بمسؤوليته عن تلك الهجمات الإرهابية بالتزامن مع ترحيب كتائب حزب الله في العراق بتلك الهجمات ومباركتها لها، وهو أيضاً دليل إضافي على أن طهران من تدعم الهجمات التي تهدد أمن الخليج والمنطقة.

هذا التصعيد الحوثي الإيراني يأتي بالتزامن مع طرد لواء العمالقة للمليشيات الحوثية من محافظة شبوة، العملية التي أثرت بشكل كبير على عملية الاستيلاء على مدينة مأرب الرئيسة والاستراتيجية في البلاد، فدفعت إيران بمليشياتها لشن هجوم مضاد خارج الأراضي اليمنية، وكان ذلك بالتزامن مع زيارة إسحاق هرتسوغ، الرئيس الإسرائيلي، لأبو ظبي لمناقشة العلاقات المستقبلية والمصالح الاستراتيجية المشتركة في أعقاب اتفاقات أبراهام، ما يعني أن تلك الرسالة كانت للمنطقة كلها وليس فقط لأبو ظبي.

إن الخطر المحدق بأمن الخليج والمنطقة، والمتراكم منذ بدء المليشيات الإيرانية بالتحرك في كل من العراق، سوريا، لبنان، واليمن، هو خطر حقيقي يجب أن يدفع الأمريكي لتشكيل قوى حقيقية رادعة لتلك المخططات الإرهابية في المنطقة، وهذا ما أدلى به دينيس روس، المستشار السياسي لبيل كلينتون، عندما قال: "نادراً ما كان مهماً للإدارة الأمريكية أن تظهر أنها ستقف بجانب حليف ليرد على هجوم شُنّ على أراضيه كان من الممكن أن يودي بسقوط العديد من الضحايا المدنيين حتى ولو كان منهم أمريكيون. ليس فقط حلفاؤنا من يجب أن يرى ذلك، بل أيضاً أولئك المصممون جداً على تحدي الولايات المتحدة ورغبتنا في تشكيل نظام عالمي. من الضروري محاربة وتغيير الفكرة التي أُخذت عن الولايات المتحدة بأنها تتجنب المخاطر والمواجهات وإظهار أن أفعال الخصوم تجعلنا أكثر استعداداً لها فالردع لا يتطلب أقل من ذلك".

بالنتيجة، يؤكد المحللون المختصّون بشؤون المنطقة، أنه على الولايات المتحدة الأمريكية أن تكون أكثر جدية وحزماً بمواجهة الخطر الإيراني في الشرق الأوسط، مشيرين إلى أن التردد الأمريكي السابق في عهد باراك أوباما دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتدخل في سوريا، ومساندة النظام السوري المستضيف لمعسكرات حزب الله والمليشيات الإيرانية في سوريا، رغم "الخط الأحمر" الأمريكي بشأن استخدام الأسد للأسلحة الكيماوية.

وهنا، يجب الملاحظة، أن ذلك شجع كل من بوتين وجين بينغ والخميني بتشكيل نوع من التحالف في ملفات المنطقة، مقابل سلبية إدارة بايدن بالتعامل مع الملفات الحالية، وتحديداً بعد الانسحاب الأمريكي الفوضوي والسريع من أفغانستان، بالتزامن مع لا جدوى التصريحات الأوربية المرافقة.

وكما هو واضح أيضاً، تحاول إسرائيل الاستفادة من هذا التصعيد المقلق من خلال تحذيرات علنية متكررة بأنها لن تدعم بأي حال من الأحوال تخفيف العقوبات الدولية المفروضة على إيران في حال فشلت مفاوضات فيينا في التوصل إلى اتفاق جديد لإحياء «خطة العمل المشتركة».

الأمريكان يتدخلون في القضايا السياسية والعسكرية العالقة في الشرق الأوسط بتردد كبير، يحاولون التصرف كما لو أن لديهم قدرات ضعيفة في مواجهة الزحف الإيراني في الشرق الأوسط، رغم أن الحقيقة تنافي ذلك، وهذا ما أكده رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، عندما قال: "الأمريكان لديهم يد قوية، لكنهم يتصرفون كما لو أن أيديهم ضعيفة، وذلك التردد يسمح للهجمات الإرهابية أن تطال كل من العراق وسوريا والإمارات".

بالمحصلة، نعم هناك فجوة أمريكية كبيرة بين الخطاب وانعدام الفعل، فإيران تسعى إلى تعزيز وجودها إن كان من خلال الملف النووي أو الزحف البري والعسكري في المنطقة والتغيير الديمغرافي المرافق له، لخلق توازن استراتيجي مع إسرائيل، وبالتالي فرض إرادتها على العالم للحصول على مكانة إقليمية وعالمية، وهذا هو الخطر الحقيقي الذي يجب أن يواجه من قبل الإدارات الأمريكية المتتالية والمترددة بنفس الوقت، باتخاذ قرارات جدية داعمة للدول العربية في مواجهة المخاطر الإيرانية.

ليفانت - شيار خليل

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!