الوضع المظلم
السبت ١١ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
الحربُ ليست نُزهة.. أنتم لا تستوعبُون المُصيبة
إبراهيم جلال فضلون (1)

لقد حذر أكثر من 300 خبير إسرائيلي (نتنياهو وسموتريتش) من مُصيبة اقتصادية تستوجب إجراءات فورية وقائلين في رسالتهم: "أنتم لا تستوعبون حجم الأزمة الاقتصادية".. ليتضرر اقتصاد دولة الاحتلال المدللة لماما أمريكا، وماسونية الغرب -إسرائيل- البالغ 520 مليار دولار، والذي يفوق في حجمه أكبر جيرانها المباشرين، خاصة مصر التي يصل إجمالي انتاجها المحلي 404 مليارات دولار، والأردن بـ 45 ملياراً ولبنان بـ 23 ملياراً وسوريا بـ 11 ملياراً، بإجمال 1.1 تريليون دولار تمثل أربعة % من الاقتصاد الأميركي.

هذا ما يجعل الأخطار الجيوسياسية مرشحة للتفاقم، وتُثقلُ كاهل الاقتصاد العالمي بضغوط سلاسل التوريد والإمداد ومزيد من التضخم، على الرغم من المساعدات اللا نهائية، لا سيما المالية التي وعدت بها الولايات المتحدة وقدمت بعضاً منها، إلا أن الأزمة المالية الخانقة التي ستعيشها إسرائيل بعد حرب غزة، ستكون أكبر من أي أزمة عاشتها الدولة العبرية، ففي الأسبوع الثالث للمأساة كانت التقديرات تشير إلى أن الأضرار التي ألحقتها حرب غزة تتجاوز ضعف كلفة حرب لبنان الثانية في عام 2006، التي استمرت 35 يوماً وحرب أكتوبر عام 1973. في عجز للموازنة يتجاوز 2.3% من الناتج الإجمالي المحلي 2023، و3.5 % العام المقبل (2024).

لقد حذر الخبراء اليهود رئيس الوزراء ووزير المالية من اتساع الحرب، وضرورة العودة إلى رشدهما.. وإلا سيتدمر الاقتصاد الإسرائيلي، ويقوض ذلك ثقة المواطنين في النظام العام، وهو ما يجعل طرق التعافي صعبة من الوضع الذي وجدت نفسها فيه". وبالفعل ذلك السلوك الهمجي والانتقامي يُنذر بفاتورة اقتصادية إقليمية وعالمية باهظة، وفق موقع «بلومبيرج»، عن بنك «جيه بى مورجان» قوله، إن الاقتصاد الإسرائيلى قد ينكمش بنسبة 11% على أساس سنوى في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام، بسبب تصاعد الحرب. حيُث تأثر الاقتصاد الإسرائيلى بشكل سلبي، لا سيما بعد أن علقت الشركات والوزارات الحكومية خدماتها المدنية، إضافة لتعليق المدارس والجامعات والتحول للتعليم عن بعد لحين إشعار آخر.. فما بالك بطوفان الأقصى وحشد إسرائيل عددًا قياسيًا من جنود الاحتياط بلغ 350 ألف جندي قبل هجومها البري على غلاف غزة، مما أدى إلى استنزاف ما يقرب من 8% من قوة العمل مؤثراً على الإنتاج ككل، إذ أدى الاستدعاء العسكري والتجميد الاقتصادي الجزئي إلى انهيار مفاجئ في النشاط وقلب كل شيء تُكلفها أكثر من 2.5 مليار دولار شهريًا، حيثُ لم تعد ميزانية 2023-2024 كافية، تنفق منها خمسة % من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، في وقت قدر بنك الاستثمار الإسرائيلي أن كلفة الحرب 17 مليار دولار، حتى نهاية الأسبوع الثاني، ستكون هناك زيادة سنوية مطردة لا تقل عن 10 مليارات شيكل (2.5 مليار دولار) في الإنفاق الدفاعي. مؤثراً على الاستثمار فمن بين 500 شركة للتكنولوجيا الفائقة، وفق استطلاع رأي وجد أكثر من 70% منهم إنه تم تأجيل أو إلغاء مشاريع كبيرة.

لقد أصبحت الأسهم الإسرائيلية هي الأسوأ أداء في العالم، بينما انخفض المؤشر الرئيس من حيث القيمة الدولارية بنسبة 16% ، مع خسارة ما يقرب من 25 مليار دولار من قيمته، كذلك انخفاض قيمة الشيكل إلى أضعف مستوى له منذ عام 2012 على الرغم من إعلان البنك المركزي عن حزمة غير مسبوقة بقيمة 45 مليار دولار للدفاع عنه، وقد ينطوي التصعيد الأكثر خطورة على قيام إيران بتعطيل التجارة عبر مضيق هرمز الذي يمُر عبره خمس انتاج النفط العالمي، بما يُقدر 21 مليون برميل يومياً، كما تظل قناة السويس التي تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط بنسبة 12 % من حجم التجارة العالمية و30 % من حركة الحاويات العالمية معرضة للخطر، وبالتالي فالغاز الطبيعي سوق كبير يجب مراقبتها، إذ يوفر الشرق الأوسط نحو 18 % من الغاز الطبيعي في العالم، وتمثل إيران وحدها 6.3 % منه، وقطر خمسة %، وإسرائيل 0.5 %.

وبالنسبة إلى الاقتصاد الإسرائيلي انكمش الإنفاق الاستهلاكي والتجارة الدولية وسوق العمل إلى 1.5 % خلال الربع الرابع من العام الحالي، رغم أن لديها احتياطات أجنبية تبلغ 199 مليار دولار أميركي، أو 38 % من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لعام 2022، إضافة إلى سوق النفط الذي سيتأثر ويرتفع سعره، مع زيادة السخونة في الأحداث الجيوسياسية وحرب أوكرانيا والتنافس الشديد بين الولايات المتحدة والصين، وبالتالي فمن الصعب تقدير الخسائر ككُلفة وحجماً لأضرار لا تُحصى، إذا تزداد نيران الحرب في الشمال حدة، كما أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية مشتتة لاسيما بعد الخلاف الأرعن من نتنياهو باتهام الأمن في الأحداث مما فتح نيران الغضب الإسرائيلي عليه، ليحذف تغريدة ستقضي على عالمه السياسي وتدل على فقدانه التركيز، بل وأن عدم توفير حماية سكانها جعل أغلبهم يكره العيش فيها، محتجين ضد الحكومة، لعدم الأمان وتوفير الملاجئ والأماكن الآمنة في جميع بلدات الشمال أو الجنوب، في الأقل المحاذية للحدود أدت إلى نقل نحو 150 ألف إسرائيلي من مناطق سكنهم. .. ليكون ذلك الوقت هو أصعب فترة يعيشها الاقتصاد الإسرائيلي..

ليفانت – د. إبراهيم جلال فضلون

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!