-
الجولاني يلعب على حبال البراغماتية.. بقفزة نوعية من الجهادية إلى الأحضان التركية
-
إقالة الجولاني.. حقيقة أم تسريب مخابراتي؟
كثُرت في الآونة الأخيرة لقاءات متزعم هيئة تحرير الشام "أبو محمد الجولاني" مع المجتمع المحلي في إدلب ومع المكونات ذات الأقلية العرقية والدينية، كالدروز أو المسيحيين في ريف جسر الشغور. وبدأ يظهر الجولاني كقائد ثوري من خلال الزي الجديد الذي يرتديه (بنطال وقميص وقبعة بألوان زيتية)، شبهه البعض بالرئيس الأوكراني الذي لم يغير لون ألبسته منذ أن غزت روسيا بلاده، في فبراير/ شباط من العام الجاري.
اليوم الخميس 4/ 8/ 2022 انتشرت إشاعة تتحدث عن إقالة "أبو محمد الجولاني"، صاحب أحد الاسمين، أحمد حسين الشرع، أو أسامة العبسي. وضجت مجموعات الواتساب للناشطين والصحفيين السوريين بالخبر، وتوقع البعض أنها خطوة مشابهة لتلك التي اتخذتها قيادة فصيل الجبهة الشامية باستبدال قائدها أبو أحمد نور "مهند الخليف"، بأبي ياسين "حسام ياسين".
لكن سرعان ما خرج صحفيون في إدلب ونفوا الخبر، معللين أن هكذا خطوة لن تكون في القريب العاجل بسبب المتغيرات في المنطقة وتلويح السلطات التركية بعملية عسكرية شمال شرق سوريا.
اقرأ المزيد: الجولاني والثرثرة عن "الكيان السني"
لكن مراقبين يرون أن أي تغيير من هذا النوع في هيئة تحرير الشام بهذا التوقيت على وجه التحديد، سيكون لتركيا دور فيه، وهناك تلميحات تشير إلى بسط نفوذ الأتراك على إدلب، وسحب البساط رويداً رويداً من تحت فصيل الجولاني، وسد الذرائع أمام الروس الذين لطالما حملوا تركيا مسؤولية سيطرة هيئة تحرير الشام على محافظة إدلب وريف حلب الغربي.
لقاء سوتشي
يعقد الرئيسان، الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان، قمة ثنائية في منتجع سوتشي الروسي، يوم الجمعة، الخامس من أغسطس/ آب، وتشير معظم التحليلات إلى أن اللقاء سيكون مخصصاً لإقناع الروس بتمرير العملية العسكرية التركية في شمال سوريا، لكن السؤال الذي طرحه العديد من السوريين الفاعلين في الشأن العام، ما هو المقابل الذي سيقدمه أردوغان للرئيس الروسي على الجغرافيا السورية، لا سيما وأن قمة طهران، التي جمعت رؤساء إيران وروسيا وتركيا، لم يمض عليها سوى أيام معدودة في العاصمة الإيرانية طهران؟
وكانت القمة الثلاثية خرجت ببيان، أبدى من خلاله الرئيس التركي عزمه على مواصلة قتال "الإرهاب" في سوريا، وأعربت طهران لأردوغان مجدداً عن رفضها العملية العسكرية لما ستلحقه من ضرر على أطراف مختلفة في المنطقة.
وعلى وقع التهديدات التركية بالعملية العسكرية، أتت قمة طهران ضمن إطار "مسار أستانا العسكري" الرامية لإنهاء النزاع السوري المتواصل منذ العام 2011.
وهنا يجدر بنا السؤال، من هم الإرهابيون الذين سيضربهم الرئيس التركي؟ فمن وجهة نظر أنقرة الإرهاب في سوريا محصور في قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، لكن شركاؤه في "مسار أستانا" يرون هيئة تحرير الشام والفصائل المتشددة هي من تمثل الإرهاب.
واعتبر بوتين في كلمته أن المحادثات الثلاثية كانت "مفيدة جداً"، مضيفاً "ناقشنا النقاط الأساسية لتعاوننا المتعلّق بسوريا"، داعياً نظيريه لزيارة روسيا لعقد القمة المقبلة.
اقرأ أيضاً: مصير الجولاني بعد ارتدائه طقماً إفرنجياً
وسبق لموسكو وطهران أن حذرتا تركيا من شنّ هذه العملية في سوريا التي وصل وزير خارجيتها فيصل المقداد إلى طهران ليلة انعقاد القمة الثلاثية.
ولم تصدر عن أي من الجانبين الروسي أو التركي أجندات لقاء الرئيسين حتى تاريخ كتابة هذا التقرير، إلا أننا استعرضنا بعضاً من توقعات المراقبين من المعارضة السورية، فكانت الآراء مختلفة، وخاصة حول العملية من عدمها، من جهة، وحول بسط نفوذ تركيا سيطرتها على كامل إدلب وإضعاف نفوذ الجولاني وفصيله.
ومن المحتمل أن يجازف الرئيس التركي بعلاقته مع الغرب فيما لو باع الروس طائرات بيرقدار المسيرّة، لاستخدامها في غزو بلاده لأوكرانيا.
كما أن تركيا تلعب دوراً وسيطاً بين الغرب والروس، منذ فبراير/ شباط، بعد أن وضعت العملية الروسية في أوكرانيا الكون أمام تحدٍّ كبير يتعلق بالأمن الغذائي وأمن الطاقة، ما أسهم بعقوبات أمريكية أوروبية على روسيا وكل الدول المشاركة معها في غزوها لـ "كييف".
إدلب الحاضرة الغائبة
مع كل خلاف وتعارض روسي تركي، تتحمل إدلب ردة فعل الكرملين وبتنفيذ من طائراتها المركونة في قاعدة حميميم بالقرب من شواطئ المتوسط السورية.
قد يهمك: الإعلام الرسمي التركي يلتقي بالجولاني ويُروّج للنُصرة!
لكن بالمقابل، لا تتخذ أنقرة أي إجراء لحماية المدنيين وهي الضامن لفصائل المعارضة في مسار أستانا، بل تعمل على تسويق الجولاني، من خلال إظهار أن الأوضاع وردية في إدلب والناس هناك تعيش في بحبوحة، حتى بات الناس في مناطق الشريط الحدودي الخاضعة للنفوذ التركي تتوقع ما يجري في مناطقهم من فوضى وانتهاك للحقوق من قبل فصائل المعارضة، يهدف لإظهار إدلب على أنها النموذج الأفضل بين الفيدراليات العسكرية ومناطق النفوذ التي فرضتها الحرب على السوريين.
ورغم تشكيك الكثيرين بالتغيرات التي طرأت على شخص الجولاني وفصيله الجهادي، إلا أنه يكاد أن يكون هناك رضى ضمني من قبل قوى محلية وخارجية، شرط أن يلتزم بخطابه المتغير كل فترة والذي يميل إلى النعومة، على عكس ما كان عليه عندما قاتل فصائل الثورة ودحرهم من إدلب وريف حلب ليبسط سيطرته على القطاع بمفرده. ما جعل المتابعون يشبهونه لرئيس النظام السوري بشار الأسد، وعلى أنه مستعد مقابل بقائه على رأس السلطة أن يقدم تنازلات جمّة للدول المتداخلة، بما فيها المعلومات الاستخباراتية عن الجهاديين الذي يرون من الولايات المتحدة عدواً تاريخياً.
"تغيير الشروال بالبنطلون، وغطاء الرأس بالقبعة" لا يكفي ليقول السوريون في الشمال إن الجولاني تخلّى عن مشروعه الجهادي مقابل المشروع الوطني السوري، الذي يؤمن لكافة السوريين الحرية والعدالة والانتقال السياسي. ولا أحد على ما يبدو بوارد القبول بأي مشروع لا يحقق ما ذكرناه آنفاً، فهل بإمكان الجولاني الذي غير "حلّاسه" أن يغير من نهجه ويعود لرشده ولسوريا قبل أي شيء آخر؟
ليفانت - خاص
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!