الوضع المظلم
الأحد ١٢ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
الجنوب يطيح بذراع إيران الطويلة
الجنوب يطيح بذراع إيران الطويلة

الجنوب يطيح بذراع إيران الطويلة

بسط السيطرة الروسية والاملاءات الإسرائيلية بعد التغول الإيراني


محمد العويد


تصدّر خبر إقالة اللواء "جميل حسن" رئيس جهاز الاستخبارات الجوية في سورية، واحد أذرع إيران الفولاذية، حيث تصدر صفحات إخبارية موالية ومعارضة دون الكشف عن أسباب الإقالة في أكثر الظروف تنافسية بين قوى النفوذ في سورية، فيما أشارت مواقع إعلامية أن خريطة توزع القوى وضراوتها في الجنوب السوري قد تكون أكثر الاحتمالات رجحاناً، فقُبيل أيام من إقالته كانت تسريبات لقاءات الحسن مع أبناء مدن وبلدات حوران لينتهي بسلسلة اجتماعاته في مدينة القنيطرة وباجتماع مع وفد إسرائيلي وبالتنسيق مع الروسي وحضور قادة في الفيلق الخامس في نقطة مراقبة "سرية الصفرة"، انتهى الاجتماع قبل أيام قليلة ليتصدر خبر الإقالة، فهل خسرت إيران ذراعها القوي في خارطة الجنوب السوري؟. أم أن الحضور الإيراني بات طاغ في الجنوب ويحتاج لأكثر من إقالة "الرؤوس" وصولاً لتغيرات في المواقع والتبعية وإنهاء الوجود الإيراني بحسب اتفاقيات سابقة وبرعاية روسية ومطالب أردنية وإسرائيلية تلاقت بهدفها.


تزايد الحضور الإيراني في الجنوب السوري حتى بعيد توقيع ما سمي "التسوية" العام الماضي وبدأت أذرع إيران بالتمدد وسط مراقبة واعتراض من الأردني والإسرائيلي وصولا لأبناء المنطقة الجنوبية ذاتهم وبدا الروسي مراقباً حذراً يوشك حيناً على التصعيد من خلال فيلقه الخامس، وحيناً يلجئ لدبلوماسية المناورة، فيما واصلت إسرائيل شنّ حملاتها الجوية على مواقع إيرانية بهدف إحداث مزيداً من الضغط والرسائل المباشرة للإيراني والروسي على حد سواء .


الأذرع السياسية للوجود الإيراني جنوباً

شكلت زيارة وفد "مكتب خامنئي" نهاية العام الماضي الى مدينة درعا "القشة التي قصمت ظهر البعير" فالتسوية التي أُريد لها قطع الطريق على الوجود الإيراني ذهبت أدراج الرياح بحضور الوفد عبر بوابة السلطة ورعايتها، ونقل ممثل المرشد الإيراني في سورية خلال الزيارة توجيهات نظامه و"الدعوة للعمل كفريق واحد ضمن محور المقاومة ووعود إيرانية بدعم إعادة الإعمار، وتعزيز المجتمع المحلي والنيّة بزيارات قادمة ومتتالية".


على الأرض سرعان ما ظهرت ترجمة التوجيهات مباشرة عبر مراكز اغاثية وجمعيات تنشط في المحافظة وخصوصاً مدنها وبلداتها الغربية، لتأخذ طابعاً إنسانياً كجمعية الزهراء، وتشير بعض المصادر في الجنوب الى أن الجمعية تتلقى الدعم بشكل مباشر من السفارة الإيرانية في دمشق، وتصل وسطياً ما يقارب 30 مليون ليرة سورية مقدمة لأسر قتلى الذين انخرطوا سابقاً في قوات موالية لإيران، إضافة للعمل على تجنيد مزيداً من أبناء الجنوب ورجاله للترويج وتشجيع العمل الخيري تحت العباءة السياسية لإيران، وهو ما دفع الشخصيات الموالية للتوسع غرباً بافتتاح فروع للجمعية، وجمعيات جديدة تحت مسمى "أحباب القائد الخالد".


ويرى الصحفي محمد الحمادي: "إن أشكال التواجد السياسي الإيراني في جنوب سورية متبدل وقد تعرف ملامحه لكن من الصعب يقينا الجزم به باعتباره محاطاً بالسرّية والكتمان، ولن نجد في الإطار السياسي تصريحات تحدد هوية وأشكال المنتمين الى الجانب الإيراني نظراً لتضارب المصالح والنفوذ في المنطقة بين القوى المتنازعة".


مضيفاً: "جميع أبناء الجنوب يعرفون أن التواجد الإيراني أخذ طابعاً مذهبياً قبل الثورة السورية بسنوات، وكانت الحسينيات المتواجدة بدعم من نظام الاسد، والطبيعي أن تتوسع اليوم بفعل الضغوط الدولية على الوجود الإيراني جنوب سوريا، وهو ما أجبر الإيرانيين على استخدام القوة الناعمة بهدف استكمال مشروعهم التوسعي هناك؛ و الذي لا ترغب إيران بالتخلي عنه رغم المعوقات المحلية منها والإقليمية، إنهم يعملون بكل السبل وحسب مراكز القوى ونفوذها وليس مستغرباً عمليات التصفية والاغتيالات التي تشهدها ساحة الجنوب، وإنما هي أحد الأدوات بعد تكشّف أوراق الخصوم والتي تأخذ وقتا طويلا".


الوجود العسكري الإيراني في الجنوب

على قاعدة مزيداً من السرية والتبديلات تنجح لعبة إيران في إبقاء سواعدها العسكرية في الجنوب، فمع اشتداد وتكرار القصف الإسرائيلي للمواقع الإيرانية بدلت قواتها المواقع وباتت جزءاً من مواقع كبيرة لقوات النظام كما هو الحال في مواقع قوات الفرقة التاسعة في مدينة الصنمين، والتي تشير العديد من الدراسات الى أن آلافاً من قوات كانت تتبع سابقاً للإيراني بشكل مباشر باتت موجودة ضمن صفوف الفرقة ويلبس جنودها ذات اللباس العسكري، وهو ما يعطيها نوعا من استبعاد استهدافها.


الصحفي "مالك أبو الخير" إبن السويداء ورئيس تحرير موقع كلنا إنسان يشير الى: "بروز إيران كقوة عسكرية متنامية على حدود الجولان السوري المحتل، محددة موقعها ضمن إستراتيجية وذات أهداف ضاغطة على واشنطن لتسوية قضاياها المستجدة، من خلال انتشارها جنوب سوريا على طول الحدود المواجهة للجولان السوري المحتل، وفي القواعد العسكرية التابعة لنظام الأسد جنوب دمشق، وفي محيط مدينة السويداء، وأرياف درعا، بالإضافة إلى قواعد عسكرية أنشأها "الحرس الثوري" الإيراني بين عامي (2013- 2018)، حيث وضعت ثقلها العسكري في منطقة "مثلث الموت"، وهي المنطقة التي تربط محافظات ريف دمشق والقنيطرة ودرعا، وعززت سيطرتها على ذلك المثلث، بإنشاء قواعد عسكرية في تلال "فاطمة الزهراء"، لتصبح ثكنة ضخمة لـ"حزب الله" يمنع دخول ضباط قوات نظام الأسد إليها، ومنها يتم توزيع عناصر الحزب على نقاط المثلث الأخرى".


وتعد منطقة تلال "فاطمة الزهراء"، موقعاً لقيادة العمليات في المثلث، وقاعدة لعمليات المليشيات الهجومية في "كفر شمس وكفر ناسج والطيحة"، ونحو "الحارة" التي تحوي أعلى تلال المنطقة وأهمها إستراتيجية.


كما تتواجد إيران عسكرياً في الجنوب السوري في مدينة درعا، وفي سلسلة الجما عات الواقعة على أوتوستراد "دمشق-عمان"، وفي "خربة غزالة" وقرية "نامر" شرقي درعا، وفي "ازرع" والقطعات العسكرية المحيطة بها، وفي مدينتي "البعث وخان أرنبة" في القنيطرة، و "تل الشعار وتل الشحم وتل مرعي".


ويلفت أبو الخير الى أن : "هذا الانتشار الواسع يجعل منها قوة عسكرية مهيمنة على مناطق نفوذ الأسد، والحديث عن إبعاد المليشيات الإيرانية، وتلك التابعة لـ"حزب الله" عن الحدود "السورية-الإسرائيلية"، مسافة 80 كيلومتراً أو أقل، هي عبارة عن إعادة تدوير وتشكيل للميليشيات الإيرانية، كما حدث مع مليشيات "حزب الله وفاطميون والنجباء" المنسحبة من منطقة الحدود مع الجولان، والتي يعاد تجميعها وتشكيلها في "الحرس الجمهوري" وبالأخص اللواء " 105" والفرقة الرابعة".


على محاور السياسة الدولية يتحرك الملف الإيراني جنوباً على نار هادئة مرة، وفورة قصف مرات وبينهما الروسي يحاول الرهان على قدرته بالإحاطة بالملف الإيراني، وتواجده في سورية، ولكنه جنوباً يواصل العمل على توسيع الفرقة الخامسة التابعة للجانب الروسي ومدها بالصلاحيات والقوة والعتاد بما يكفي "لرهبة" الإيراني وليس لمواجهته، وقد بات أيضاً لاعباً في ورقة العسكر والسياسة السورية وتتدخل "إسرائيل" في معطيات الساحة جنوباً باعتباره أخطر محاور الصراع السوري، وملتقى أهم نقاط التحكم الاستراتيجي، قرباً منها إضافة لحساسية الجانب الأردني وتاليا الخليجي.


كل العوامل المختلطة تضع أصابعها في "طبخة" إخراج الإيراني من عموم سورية ومن الجنوب خصوصاً وليس عزل الحسن إلا واحداً نيران الطبخة الهادئة . الجنوب يطيح بذراع إيران الطويلة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!