الوضع المظلم
الخميس ٠٧ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
الثورة الإيرانية من وجهة نظر عربية
د. محمد الموسوي

انتفضت أكثرية مدن الإحدى وثلاثين محافظة إيرانية إثر مقتل الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني ذات الـ 22 عاماً أثناء زيارة لها في مخفرٍ للشرطة بطهران على أيدي ما تسمى بـ دورية الإرشاد بتهمة عدم الارتداء الصحيح للحجاب، حيث بات على كل من تخطىء في ارتداء الحجاب أن تنتظر الموت شأنها شأن من يقول لا للنظام الإيراني حتى وإن لم يكن إيرانياً، سواء كان في العراق أو سوريا أو اليمن أو لبنان أو أوروبا، والأحاديث في هذا المجال كثيرة.

اسمها دورية الإرشاد، وتقتاد ضحاياها إلى موقِفٍ لشرطة الآداب، بمعنى أن المسميات دالة على توجه من الإرشاد والتهذيب والتوعية بالحسنى، ويتضح غير ذلك تماماً، حيث كان للهراوات دورٌ في قمع النساء العزل اللواتي لم يُرق حجابهن لسلاطين إيران المعممين، وقد تجلى دور الهراوات القمعية هذه مع الشابة مهسا أميني منذ صعودها إلى سيارة الشرطة وحتى وصولها إلى مركز الشرطة ومن هناك إلى المستشفى حيث تبين أنها أصيبت بكسر بالجمجمة ونزيف بالمخ تزامن مع سكتة قلبية، ومن المستشفى نُقِلَت إلى مثواها الأخير بمسقط رأسها حيث تلقى ربٌ كريم لكن دماء هذه الشابة البريئة أشعلت ثورة لم يسبق لإيران أن رأت مثلها.

وعلى الرغم من تعدد أجهزة البطش القمعية وإفراطها في استخدام العنف ضد المتظاهرين العزل الذين تدفقوا إلى الشوارع هذه المرة ليطالبوا بإسقاط الجمهورية الإسلامية، المطلب الذي قد يراه البعض بأنه غير سليم لكنهم لو ذاقوا مرارة المعاناة التي يعيشها الثوار في إيران أو المعاناة التي يعشها اليمنيون والعراقيون والسوريون واللبنانيون خارج إيران لخرجوا ثائرين إلى جانب الشعب الإيراني أو خرجوا في مظاهرات متزامنة ومساندة تنطلق من تلك البلدان المصابة بوباء نظام ولاية الفقيه الذي يقول علانية إنه يحتل أربع عواصم عربية وواقع الحال يقول ذلك، ولا تتطلب النتائج الكارثية لهذا الاحتلال مظاهرات مساندة من هذه الدول فحسب، بل تتطلب ما هو أبعد من ذلك، وتتطلب مواقف الأحزاب والقوى السياسية والمدنية العربية خاصة، هذا في حال غياب الموقف العربي الرسمي، علماً بأنه لا بد من حضوره هذه الأيام شأنه شأن الموقف الأوروبي والأمريكي.

لقد دلت الإجراءات القمعية التعسفية للنظام الإيرانية في السنوات الأخيرة على هِرَمهِ وهزاله، وفي الأشهر والأيام الأخيرة على مدى خوفه من الزوال والتلاشي ومن أن تدور عليه نفس الدائرة التي دارت على الشاه وأن يقع عليهم حد القصاص على ما ارتكبوه من جرائم بحق شعبهم على مدار 44 سنة، وها هم الثوار يواجهونهم بأيد فارغة ترتعد أمامها فرائص  مسلحي النظام فيلوذون بالفرار.

فهل سيخرج موقف سياسي عربي ليقول علانية أن من حق الشعب الإيراني الدفاع عن نفسه وتقرير مصيره بكل السبل والوسائل الممكنة على أقل تقدير أم سيبقى الحال مرتاب كالمعتاد ولا يقوى حتى على الدفاع عن كلمته وسيادته وكرامته؟

هل سيخرج موقف جماهيري ونخبوي وإعلامي عربي مناصر ومؤازر لثورة الشعب الإيراني التي يعد نجاحها خلاصاً لكل دول وشعوب منطقة الشرق الأوسط والعالم، أو الإعلان على الأقل أن من حق الشعب الإيراني  الدفاع عن نفسه وتقرير مصيره بكل السبل والوسائل الممكنة.

التاريخ عبر ودروس، فهل نخرج منه كعرب خاليي الوفاض كعادتنا؟

 

ليفانت - محمد الموسوي 

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!