الوضع المظلم
الثلاثاء ٢٤ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
التهويد في الشيخ جراح والتعريب في بلكانه
صبحي ساله يي

"امرأة فلسطينية: يعقوب، أنت تعلم أن هذا ليس منزلك. أنت تسرق بيتي.

مستوطن إسرائيلي: إذا لم أسرقه أنا، سيسرقه أحد آخر".


هذا الحوار القصير الذي دار بين سيدة فلسطينية من حي الشيخ جراح في مدينة القدس، وبين مستوطن إسرائيلي (يدعى يعقوب)، يحاول الاستيلاء على الجزء الآخر من منزل آل الكورد، والذي حصد أكثر من ثلاثة ملايين مشاهدة على يوتيوب. كان قبل جولة القتال الأخيرة بين حماس وإسرائيل.


وبعد الجولة وإعلان الهدنة، ظهر يعقوب ليرد، بصلافة ووقاحة أكثر من السابق، على سؤال مراسلة تلفزيونية: أي حق تملك للسكن هنا؟


قال: الحق الذي أملكه هو أنّ صاحب المنزل يريدني أن أعيش هنا.. هو يريد أن يعيش اليهود هنا.. وقع الاختيار عليَّ، ولسبب معين أنا هنا.. كما قال: هم لن يعودوا إلى هنا، سواء أنا كنت هنا أو لم أكن، سواء كان لغيري، سواء كان لقرد أو زرافة، هم لن يعودوا إلى هذا البيت أبداً.


الحوارالأول، أعاد الى ذاكرتي مشاهد التعريب القاسية التي مورست في أجزاء عزيزة من كوردستان، خلال عهود كل الذين تسلطوا على رقاب العراقيين منذ تشكيل أول حكومة عراقية، ودخلوا من باب احتكار القومية أو الدين، وادّعوا كذباً تمثيلهم لكافة القوميات والأديان، وساهموا عملياً في جميع الكوارث التي عانى ويعاني منها العراقيون. وذكرني بالكثير من المواقف المؤسفة والمعيبة والمثيرة للغضب تجاه ردات الفعل المحلية والدولية التي لم ترتقِ لمستوى خطورة سياسات التعريب المستقاة من الفكر الشوفيني المقيت، وبالذات حينما أخذت كركوك رهينة وحوّلت إلى سجن في الهواء الطلق للكورد.


أما الظهور الثاني ليعقوب، الذي ما زال يسكن في جزء من ذلك المنزل، وحديثه الوقح مع المراسلة الصحفية، فقد ذكرني بمشهد مماثل، وربما أكثر منه وقاحة، شاهدناه عندما تم خرق الدستور والقانون باسم فرض القانون من قبل أصدقاء الأمس، حيث كان (العم صابر) من قرية (بلكانه) الكوردية في أطراف كركوك، يعبر عن سأمه الشديد من العرب الوافدين الذين استوطنهم صدام في قريته واستولوا على أرضه، والذين تركوا قريته بعد العام 2003 وعادوا إلى مناطقهم الأصلية واستلموا التعويضات بموجب المادة 140 من الدستور، وعادوا بنذالة وسفاهة، ليستغلوا، ما فعلته القوات الأجنبية التي استقوى بها العبادي في كركوك في 2017، بشكل محموم، واعتبروه فرصة منحت لهم ولا تتكرر. عادوا مرة أخرى بحماية ومساعدة القوات الأمنية والعسكرية العراقية لاغتصاب الأرض وإجبار العائلات الكوردية على الخروج من منازلها، وهم يلوحون بوثائق مزورة حصلوا عليها بالتواطؤ مع الشوفينيين الذين يساندون جرائم البعث في كل ما يتعلّق بالكورد، ولهم علاقات ملتبسة مع مفاهيم الدين والوطن والإنسانيّة والشرف والكرامة.


المشاهد السابقة، بعيداً عن المزايدات والشعارات الفارغة المضحكة المبكية، توقفنا أمام حقيقة دامغة هي أن التهويد لا يختلف عن التعريب، والاثنان وجهان لعملة واحدة، يشكلان جرائم حرب حسب القانون الدولي، ويقع عبئهما الثقيل على كاهل أناس صاروا يتنقلون بين دور الرهينة والضحية. ويؤكدان أنّ الذين يمارسون الضغوط التي تلامس حدود البلطجة في التهويد والتعريب، مجرمون يريدون إشاعة الفوضى وسلب الحقوق والحريات وزعزعة الاستقرار وتقويض الأمن، وبالتالي السقوط في وحل القتل وسفك الدماء والحروب.



ليفانت - صبحي ساله يي

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!