الوضع المظلم
السبت ٠٤ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • التغيير هو عنوان ثورة الشعب الإیراني وليس الترقيع

التغيير هو عنوان ثورة الشعب الإیراني وليس الترقيع
موسى أفشار

من أبرز سمات ومميزات العصر الحديث هو أن أي نظام سياسي في العالم وعندما يتعرض لأحداث وتطورات عاصفة غير متوقعة بحيث تهزه بعنف، فإن هذا النظام يبادر من فوره للقيام بسلسلة إجراءات نوعية من أجل مواجهة الحالة أو الحالات السلبية التي تسببت بتلك الأحداث والتطورات وسدّ تلك الثغرة أو الثغرات، لکن لو قمنا بسحب ما قد سردنا ذکره آنفاً على النظام القائم في إيران، فإننا نجد أنفسنا أمام حالة يمکن اعتبارها فريدة من نوعها وليس لها من نظير حتى مع الأنظمة الدکتاتورية.

العالم کله تابع عن کثب مواجهة النظام الإيراني لأربعة انتفاضات عارمة في الأعوام 2009 و2017 و2019 وانتفاضة 2022، التي ما زالت مستمرة لحد الآن، لکن الذي لفت النظر کثيراً هو أن النظام قد قام بمواجهة الأحداث والتطورات التي تداعت عن هذه الانتفاضات بأساليب يغلب عليها الترقيع بما يخدم بقاء وإستمرار النظام والمحافظة عليه وليس السعي الجاد من أجل البحث عن الأسباب والعوامل التي وقفت خلف اندلاع تلك الانتفاضات ومعالجتها، بل إن الذي قام به هذا النظام يمکن وصفه بنوع من الهروب للأمام وتجاهل أصل المشکلة والانشغال بأمور ليست لها من أية علاقة بالموضوع.

عند البحث والتقصي عن الأسباب التي کانت وراء اندلاع الانتفاضات الأربعة، فإننا نجدها تنحصر فيما يلي:

ـ رفض الأفکار والمفاهيم المتطرفة التي تمنح النظام المبرر لمصادرة الحريات وتضييق الخناق على الشعب.

ـ رفض أية أفکار ومفاهيم وقيم خارج إطار أفکار ومفاهيم وقيم النظام واعتبار أية أفکار ومفاهيم مختلفة عن تلك التي يدعو لها النظام بمثابة مٶامرة على النظام تستوجب المحاکمة والتخوين.

ـ معاداة المرأة وکرا‌هيتها والنظر إليها والتعامل ککائن وعنصر ثانوي بسبب جنسها والحط من کرامتها واعتبارها الإنساني، وإن المضايقات التي تعرضت لها المرأة الإيرانية والتي تجسدت ‌‌إحدی حالاتها فقط فيما تعرضت له الشابة الکردية مهسا أميني، قد عکست عقلية النظام من حيث النظر والتعامل مع المرأة.

ـ الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بالغة السوء بسبب أن النظام قد منح الأولوية من أجل تحقيق أهدافه وغاياته الخاصة، من أهمها مشاریع التسلح النووي، تمویل وتسلیح وتدریب المیلیشیات النیبابیة، والصواریخ البالستیة والمسیرات، وهذا ما قد تسبب بجعل أکثر من 70% من الشعب الإيراني يعيشون تحت خط الفقر.

ـ بسبب من النهج المشبوه للنظام والمبني على أساس نظرية ولاية الفقيه المتطرفة وما ترتب ويترتب عنها من انتهاکات حقوق الإنسان وأحکام الإعدمات التي يجري تنفيذ العديد منها أمام الملأ والنشاطات الإرهابية للنظام، وبرامجه النووية والصاروخية فقد أصبح هذا النظام مکروهاً ومعزولاً عن العالم.

لکن السٶال المهم الذي يجب طرحه هنا هو؛ هل إن النظام الإيراني قد قام بتغيير أي من هذه الأمور التي ذکرناها والتي تقف کأسباب وعوامل وراء اندلاع الانتفاضات؟ الحقيقة إن الإجابة بالنفي القاطع، إذ إن النظام اکتفى دائماً بالترقيع وتحاشى أي معالجة وتعامل جاد لأنه يعلم بأن ذلك سيمس الرکائز الأساسية التي يقوم عليها وهي قمع الشعب الإيراني وتصدير التطرّف والإرهاب والسعي من أجل الحصول على أسلحة الدمار الشامل، لکن الشعب الإيراني يريد التغيير الجذري بإسقاط النظام وقيام جمهورية ديمقراطية وليس ترقيعاً يخدم النظام ويساهم في بقائه واستمراره.

ليفانت - موسى أفشار

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!