الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
التغلغل الإيراني في سوريا يصل إلى التعليم الرسمي
التغلغل الإيراني في سوريا يصل إلى التعليم الرسمي

حازم خليل - سوريا


بعد بسط نفوذهم على مفاصل القرار السياسي والعسكري في سوريا، واستثمارهم للمنشآت الاقتصادية والسيادية فيها، يحاول الإيرانيون تكثيف حضورهم فكرياً وعقائدياً من خلال تغلغلهم في  قطاع التعليم السوري، وذلك في مسعى منهم لتغيير الهوية الثقافية والدينية للسوريين والعمل على تأطيرهم ضمن منظومة الولي الفقيه، مستفيدين من شرعنة النظام الحاكم في دمشق وتغطيته لجميع مشاريعهم الاستعمارية.


وصول النفوذ الإيراني إلى التعليم الرسمي


ليست محاولة الإيرانيين في هذا المجال بجديدة في سوريا، ولكن التفاهمات والاتفاقات السابقة كانت تتوقف عند حدود منح النظام لهم مراكز  تعليمية خاصة لا تتقاطع مع المؤسسات التعليمية الرسمية، في حين أن الذراع الإيراني هذه المرة  توجهت إلى  قطاع التربية والتعليم الرسمي لتبسط نفوذها عليه من باب  تقديم المساعدات له.


وفي هذا الإطار كشف وزير تربية النظام عماد العزب عن تفاهم يقضي بترميم النظام الإيراني ل 250 مدرسة  معظمها في ريفي دمشق وحلب بتكلفة 12 مليار ليرة سورية، وتم توقيع التفاهم مع وزير التربية الإيراني الذي أنهى جولة في سوريا والتقى خلالها بوزراء التربية والتعليم العالي ورئيس مجلس الشعب حمودة الصباغ.


وكان بشار الأسد قد أصدر عام 2014 مرسوماً تشريعياً يسمح بتعليم المذهب الشيعي  في المدارس الرسمية إلى جانب المذهب السنّي ، وتم افتتاح "مدرسة الرسول الأعظم" في ريف اللاذقية  كأول مدرسة شيعية عامة في البلاد،  وافتتح الإيرانيون خلال السنوات الماضية  في سوريا مئات المدارس والمعاهد الدينية  و"الحوزات العلمية" شملت معظم المناطق السورية من جنوب سوريا إلى الساحل السوري ، إلى منطقة دير الزور كما افتتحوا العام الماضي فرعاً للجامعة الإسلامية الإيرانية الحرة "أزاد".


وكانت أبحاث سابقة قد بيّنت أن معظم المعاهد والمدارس الدينية المرتبطة بإيران والمتواجدة  في سوريا لها مرجعيتها المستقلة عن وزارة الأوقاف، فهي غير مسجلة فيها، بالإضافة إلى أن معظم كوادرها التعليمية لا ينتمون إلى الجنسية السورية.


الأساليب الإيرانية المتبعة:


من خلال نفوذهم في الأفرع الأمنية وتواجدهم الميليشياوي المباشر على الأرض يملك الإيرانيون داتا أمنية عن السكان المحليين وخلفياتهم الاجتماعية والسياسية، ويتجهون بادئ الأمر إلى الحلقات الأضعف من الأرامل واليتامى  والأسر المعدمة عبر تقديم بعض المعونات لهم، و يتم استتباعها باشتراطات شكلانية لها علاقة بطريقة اللباس أولاً، ويجري إلحاق الأطفال والشباب الصغار ببعض الأنشطة والحسينيات التي تتكاثر بشكل ملحوظ في تلك المناطق، وتؤدي دورها ب "حملات تبشيرية" للمذهب الشيعي.


ويوظف الإيرانيون سيطرتهم الفعلية  في مناطق نفوذهم على الخدمات العامة، أو الخدمات الخاصة المرتبطة بهم،  لاستقطاب المزيد من المحتاجين  لتلك الخدمات، إلى دائرة نفوذهم السياسي تحت ستار الدين أو الحاجة الاقتصادية المباشرة،  وغالباً ما يتم تأمين رواتب بسيطة للأسر المستهدفة، وخصوصاً ضمن الواقع الاقتصادي المتردي وعجز النظام عن تأمين أبسط مستلزمات الحياة والخدمات العامة الضرورية للبقاء.


تغيير ديموغرافي


 إن دخول إيران على خط التعليم الرسمي  عبر  ذريعة ترميم مدارس في ريفي دمشق وحلب  يعزز محاولاتهم المستمرة للعبث بالتركيبة السكانية والتغيير الديمغرافي السوري، ففي تلك المناطق وبسبب تواجدهم العسكري المباشر قاموا بالسيطرة على مساحات واسعة من الأراضي والعقارات مع ورود أنباء عن توطين بعض أبناء الميليشيات العراقية واللبنانية والأفغانية في تلك المناطق وتجنيس عدد كبير منهم بالجنسية السورية.


 ما بين الشهية الاستعمارية للإيرانيين بأقنعة دينية أو سياسية، وبين ارتهان كلي للنظام في حضن داعميه، يشكل دخول إيران على خط التعليم الرسمي في سوريا واحدة من أخطر المجالات، وأكثرها تدميراً للمجتمع السوري،  يهدد نسيجه الاجتماعي ويضعه على عتبة حرب مستمرة، ويمنح إيران حربة إضافية تعزز بها اختراق حاضر السوريين، وتهدد مستقبلهم البعيد.


 

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!