الوضع المظلم
الأحد ١٩ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • التشكيلي حسام عَلّوم: لوحة "جويس" ضمن أفضل 30 عمل في مسابقة "The Kingston Prize"

التشكيلي حسام عَلّوم: لوحة
الساروت

Hyperéalisme "الواقعية المفرطة...أسلوب يتحدى مقدرات الكاميرا




فاتن حمودي




يعمل الفنان التشكيلي الشاب حسام عَلّوم بشكل أساسي على ما يعرف با"hyperréalisme "الواقعية المفرطة"، التي تقدّم لوحات تبدو كأنها صور فوتوغرافية لشدّة مطابقتها للواقع.




ويجسّد تفاصيل من الحياة اليومية السورية، التي تمسّ شعوره، أو الوجوه التي تختزن بريقاً في حياته، وهو الفنان الذي عُرف من خلال لوحة"السورياليزا"، استطاع مؤخراً أن يرسم لوحة"جويس"، بتفاصيل مذهلة، لاتقل أهمية عن أي لوحة عالمية، وبواقعية مفرطة، تتحدى قدرة الكاميرا، وتعيدنا إلى نساء ماركيز وشكسبير، وهو ما أهله للقبول في المشاركة بمسابقة "The Kingston Prize"الكندية، وهذا بحد ذاته حدث حقيقي لفنان لم يمضِ على إقامته في كندا سنة واحدة، فمن هي صاحبة الصورة؟




يقول حسام، اعتبر نفسي أحد الناجيين، من حرب أكلت الأخضر واليابس، وقد غادرت سوريا عام 2013، تعلمت في سنوات الهجرة والشتات الكثير، وأهم شيء أيماني بأن الفن رسالة ومساحة جمال، وموقف، ومنذ بداية الثورة شعرت بأهمية دوري كفنان، وبأن الريشة أداتي في التعبير عن واقع مرّ، وأعتبر نفسي معارضاً لنمط حياة كنا نعيشها، حيث التمييز والمحسوبيات القاتلة.




يضيف، وصلت إلى كندا قبل أقل من عام، شعرت أنني أقف على أرض صلبة ثابتة لن تهتز من تحتي، وهو ما جعلني أنتمي للفن، والعمل بشكل مكثف جداً، لدرجة أصبح عندي ألم بيدي اليمنى، ما اضطرني للتوقف قليلا ًوالخضوع للعلاج.




المسابقة و وجه جويس:

حول صاحبة الوجه، التي تقف وراء اللوحة، التي أهلّت حسام لدخول مسابقة البورتريه، يقول:

قبل أن أدخل بتفاصيل الجائزة، أود القول بأن "جويس"، هي إحدى المتطوعات التي استقبلتنا أثناء وصولنا إلى كندا، كانت الدليل، والصديقة، والقلب الحنون، تفوق أي شخصية روائية، إمرأة في عمر 86 سنة، لم تذهب إلى الظل، بل أرادت أن تكون ضوء الغريب في اكتشاف المكان والناس، تمتلك ذاكرة مذهلة، والذاكرة أثمن شيء يمتلكه الإنسان المسّن في زمن الزهايمر، إمرأة تتصرف بروح شابة، وهو ما جعلني أحمل الريشة لأوثق هذه التجربة في اللوحة، معتمداً على أسلوب الواقعية المفرطة، فأنا رجل تسحرني التفاصيل.




تاج اللوحة:

ويشير إلى أن اللوحة تحمل تاجاً من القصدير، وهو جزء من مفهوم "الانعكاسات"، التي أشتغل عليها، منطلقاً من سؤال، كيف لأشخاص حولنا، أن يغيروا حياتنا بما يتركونه من انعكاسات؟ هذا السؤال أحالني إلى معنى الشراكة مع الآخرين، هكذا أثرت جويس، التي عرفت أنها تحتفظ ب 70 ألف صورة، توثق لحياتها ورحلاتها، وتمتلك القدرة لتحكي عن كل صورة، هذه المرأة وضعت لها تاجاً من القصدير، وقد استغرق العمل قرابة شهرين، ونصحني الأصدقاء بالمشاركة في المسابقة.




وأضاف: "البورتريه معبّر أول للرؤيا، بكل ما فيه من مشاعر وحالاتٍ إنسانية تختزنها العيون والتجاعيد وحركة الحواجب وأدق ملامح هذه الشخصية، مع معرفتي بأن البورتريه فن يمتد عميقًا في التاريخ التشكيلي.




تقدّمت لمسابقة للبورتريه، وهي على مستوى كندا، تحدث كل سنتين، ومن حسن حظي أنه تمّ اختيار لوحتي ضمن أفضل ثلاثين لوحة من 464 لوحة، وأشير هنا إلى أنها المرة الأولى بتاريخ المسابقة، التي يدخل فيها فنان حديث الإقامة في كندا.


 

الجميل في هذه المسابقة، أن هناك معرض للأعمال المرشحة بمدينة سياحية جميلة وصغيرة تسمى "جاننجوا"، ويكون العرض ببداية أكتوبر وعلى مدى أسبوعين، فيما تعلن النتائج في 16 اكتوبر، والتي تتوزع على جوائز ثلاث، جائزة أولى وثانية وجائزة الجمهور، ثم ينتقل المعرض إلى عدة مدن كندية.



تأثيرات وآفاق:

انعكس صدى دخولي المسابقة عند الناس، فبدأت الطلبات تزداد عليّ، في بلد تحترم الإنسان، والحيوان، وكل الكائنات الأخرى.

وعن تنوع موضوعات فناني الواقعية المفرطة ما بين البورتريه، والتشخيص، ورسم الطبيعة، وأحياء المدينه ،والمنظر الدرامي الحكائي يقول:

بعض فناني المدرسة تناول موضوعات مثل: فضح الأنظمة القمعية، أو التعرض لتراث عدم التسامح والكراهية ،وتناولوا مآسي التطهير العرقي، ومشاكل اللاجئين مثل دينس بيترسون وجوتفريد هيلينوين.

ويعتمد فناني الهايبررياليزم بالدرجة الأولى على تأثيرات الظلال على الأشكال والمساحات والتكوينات، لخلق مظهر بصري يتعدى تسطيح الكانفاس ،وعادة ما تكون اللوحة أضعاف أو عشرين ضعف الصورة الفوتوغرافية باستعمال ألوان الأكريليك أو الألوان الزيتية وفي بعض الأحيان خليط من الاثنين.




أضاف: "أعمل اليوم على مجموعة لوحات أطرح من خلالها تجربتي الفنية تحمل اسم "انعكاسات" استخدم عدة مدارس فنية منها الواقعية المفرطة بشكل أساسي، تعالج هذه الأعمال الواقع بلغة بصرية جديدة ناتجة من دمج المدارس الفنية.




لوحة السورياليزا:


صورة المراة الحلبية استفزتك، كان هذا في بداية شهر أيار 2016،مع بداية حملة النظام الشرسة على حلب، يقول عَلّوم: "هناك حقيقة لا تستطيع الكاميرات التقاطها، حقيقة ليست رمادية، حقيقة واضحة كلون الدم الذي غطى جبين هذه المرأة.




ولأن الفن بالنسبة لي هو لحظة انفعال فقد أخذتني الصورة إلى القماش الأبيض، فرسمت هذه المرأة، إمرأة تخرج من تحت الهدم وقد تعفّرت بالغبار، و الدم، تلك الصرخة استفزتني، كانت عينا المرأة مليئتين بالذعر والخوف، وسط مدينة تنهار.




استغرقت اللوحة بين يدي عشر ساعاتٍ دون توقف، كنت أرسم وكأنني في المعركة، وحين انتهيت كنت بحالة صدمة، أشعر بالفزع، فالطاقة التي تحملها اللوحة كانت تخيفني، سألت نفسي من هو هذا الإنسان الذي يستطيع مشاهدة العمل، ولا يشهق.




يتابع، ما إن نشرت هذه اللوحة على مواقع التواصل، حتى بدأت التسميات، الموناليزا السورية، سيرياليزا، حيث ربط نشطاء السوشيال ميديا هذه اللوحة بأعمال عالمية، عكست آثار الحرب على وجوه الضحايا والذين هم غالباً من المدنيين العزل، كلّ هذا قدّمته بواقعية تعبيرية، ليكون الفن شاهداً.


النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!