الوضع المظلم
الخميس ٠٧ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • الانتخابات العراقية.. بين التحوّل للسيادة ورفض المليشيات الإيرانية للهزيمة

الانتخابات العراقية.. بين التحوّل للسيادة ورفض المليشيات الإيرانية للهزيمة
العراق وإيران - ليفانت نيوز

منذ العاشر من أكتوبر الماضي، لا تزال القوى العراقية حائرة في أمرها، مع وجود فريقيين، أحدهما يسعى لتخليص العراق من الهيمنة الإيرانية على مقدراته وقراره، وكسب المعركة الانتخابية، وثانيهما، ساعي لترسيخ الهيمنة الإيرانية، كونها سبب وجوده، ورافضة للقبول بحقيقة هزيمتها في الانتخابات، حتى قبل بدء الانتخابات.

قبل المعركة الانتخابية

إذ كان جلياً، أن المليشيات المسلحة التابعة لإيران في العراق، وقواهم السياسية، لن تقبل بأي نتيجة تغير الخريطة السياسية، التي كانوا يهيمنون هم فيها على المشهد قبل العاشر من أكتوبر، وهو ما تبدى في تصريحات متزعميهم، ومنهم زعيم ميليشيا "عصائب أهل الحق"، قيس الخزعلي، الذي اتهم في الثالث من أكتوبر، جهات دولية مسبقاً، بتزوير الانتخابات العراقية، معتبراً أن الانتخابات لن تغير الخارطة السياسية.

اقرأ أيضاً: العراق.. إسقاط طائرة مسيّرة حاولت الاقتراب من قاعدة عين الأسد

بينما كان زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، واثقاً من النصر في الانتخابات، وبالتالي حذر من التدخل فيها، فأكد بداية أكتوبر، أن الانتخابات العراقية شأن داخلي، مشدداً على ضرورة المعاملة بالمثل في حال تدخل دول الجوار وغيرها فيها.

ونظراً لأهميتها، فقد رأي فيها الرئيس العراقي، برهم صالح، نقطة تحول في البلاد، قائلاً خلال مؤتمر صحفي عقده في مقر مفوضية الانتخابات: "نعبر عن تقديرنا لمفوضية الانتخابات، ونقدر دور البعثة الأممية لدعم المفوضية"، مضيفاً أن "انتخابات تشرين مفصلية وتمثل نقطة تحول في العراق، لذا من الضروري تأمين بيئة انتخابية مناسبة".

قصف أمريكي على الحشد الشعبي في الحدود العراقية – السورية

ثناء دولي على الانتخابات

ومع إعلان المفوضية العليا للانتخابات في العراق، العاشر من أكتوبر، عن إغلاق صناديق الاقتراع العام في الانتخابات البرلمانية، كتب رئيس الوزراء العراقي على "تويتر"، أنه "أتممنا بحمد الله، واجبنا ووعدنا بإجراء انتخابات نزيهة آمنة ووفرنا الإمكانات لإنجاحها، أشكر شعبنا الكريم، أشكر كل الناخبين والمرشحين والقوى السياسية والمراقبين والعاملين في مفوضية الانتخابات والقوى الأمنية البطلة التي وفرت الأمن، والأمم المتحدة والمرجعية الدينية الرشيدة".

اقرأ أيضاً: الاستخبارات العراقية تضبط وكراً للإرهابيين بداخله مواد متفجرة في الانبار

فيما أثنت كل من الأمم المتحدة وبعثة الاتحاد الأوربي لمراقبة الانتخابات، على بالعملية الانتخابية في العراق، وذكرت إنها لم تشهد تسجيل خروق كبيرة، لكن ذلك لم يمنع مجموعة قوى شيعية في الحادي عشر من أكتوبر، من عقد اجتماع طارئ، مهددة باتخاذ موقف من العملية الانتخابية، كان أغلبها من تحالف "الفتح" بزعامة هادي العامري، التي كانت نتائجها "غير مرضية" ولم تحقق النتائج التي كانت تتوقعها.

فيما أفادت وكالة "أسوشيتد برس" بأن تحالفاً للمرشحين العراقيين يمثل جماعة مدعومة من إيران، خرج كأكبر خاسر في الانتخابات الوطنية العراقية، في إشارة إلى مرشحي ائتلاف "الفتح" المدعوم من إيران، وهو على صلة بقوات "الحشد الشعبي"، بجانب "عصائب أهل الحق".

الإطار التنسيقي لرافضي النتائج

ليبرز معها ما سمي "الإطار التنسيقي" والذي ضم عدد من الأحزاب العراقية الموالية لإيران، والتي تقدمت في الحادي عشر من أكتوبر، بطعن بنتائج الانتخابات البرلمانية، رافضةً ما أعلن من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، كما هددت ما تسمى "فصائل المقاومة" بالإعلان عن حالة الطوارئ، احتجاجاً على نتائج الانتخابات، وهو ما كشفت عنه ميليشيا "عصائب أهل الحق" الموالية لإيران، في الرابع عشر من أكتوبر، داعيةً المفوضية العراقية إلى تصحيح نتائج الانتخابات، في حين كرر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر دعواته إلى التهدئة وتقديم المصالح العامة للبلاد.

اقرأ أيضاً: العراق.. القبض على مسؤول الدعم المالي واللوجستي لـ"داعش" في كركوك

‏كما أطلقت ميليشيا "سرايا أولياء الدم" الموالية لإيران، تهديدات بحق ممثلةَ الأمم المتحدة في العراق جنين بلاسخارت، معتبرةً إياها "العجوز الخبيثة"، إذ ذكرت تلك الميليشيات في تهديدها للمسؤولة الأممية: "إن التعامل معها سيكون كالتعامل مع أرتال الدعم اللوجستي للاحتلال الأميركي"، على حد وصف "سرايا أولياء الدم".

كذلك زعم "الإطار التنسيقي" أن نتائج الانتخابات الأخيرة، تعرض السلم الأهلي للخطر، وذكر في بيان صحفي: "كنا قد أعلنا رفضنا لما أعلن من نتائج أولية للانتخابات وفق معطيات فنية واضحة”، وأضاف، أن "ما ظهر في اليومين الماضيين من فوضى في إعلان النتائج وتخبط في الإجراءات وعدم دقة في عرض الوقائع قد عزز عدم ثقتنا بإجراءات المفوضية مما يدعونا إلى التأكيد مجددا على رفضنا لما أعلن من نتائج”.

استهداف الكاظمي

وفي نهاية أكتوبر، هددت المليشيات المسلحة في العراق تهدد بدخول المنطقة الخضراء المحصنة، والتي تضم مقار حكومية وبعثات دبلوماسية، اعتراضاً على نتائج الانتخابات، معتبرةً النتائج بأنها "مؤامرة"، وبالفعل، حشدت الميليشيات أنصارها بداية نوفمبر، أمام بوابات المنطقة الخضراء للاحتجاج على "تزوير النتائج"، كان من بينها مليشيات "حزب الله" العراقي، و"بدر" و"النجباء" و"العصائب".

ووقعت مواجهات بين محتجين مؤيدين للمليشيات والقوات الأمنية، وأسفرت عن مقتل شخص على الأقلّ، كما قاموا بنصب الخيام في الحديقة الموازية لواحدة من البوابات الأربع للمنطقة الخضراء، حارقين صوراً لرئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، ولم تكن تلك التصرفات عشوائية، حيث تم بالفعل في السابع من نوفمبر، استهداف مقر إقامة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بطائرة مسيرة قالت رويترز أنه قد نفذته جماعة مسلحة واحدة على الأقل من تدعمها إيران.

وأتى الهجوم آنذاك، بعد حملة تجييش وتحريض شنتها المليشيات الموالية لطهران، والمنضوية ضمن الحشد الشعبي، ضد الكاظمي، إلا أن أمين عام العصائب، قيس الخزعلي، عاد وأعلن إدانته للهجوم على منزل الكاظمي، "إن كان مقصوداً"، وفق تعبيره، فيما سخرت كتائب "حزب الله" العراقي، من الهجوم، معتبرة أنه مفبرك، وأن لا "أحدًا من الفصائل مستعد لخسارة مسيرة على رئيس حكومة سابق".

اقرأ أيضاً: العراق.. الإطار التنسيقي يدعو التيار الصدري إلى تشكيل الكتلة الأكبر

بينما أشار المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" جون كيربي إلى أن الوزارة ترجح "ضلوع جماعات مسلحة مدعومة من إيران في محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي"، قائلاً في التاسع من نوفمبر: "نعتقد أن الجماعات المدعومة من إيران تقف وراء الهجمات في العراق... هذه الهجمات نفذتها جماعات مسلحة لديها إمكانية الوصول إلى الموارد والوسائل الفتاكة لتنفيذ مثل هذه الهجمات".

وإلى الآن، لا يزال العراق منهمكاً في محاولاته الحثيثة لتشكيل حكومة وطنية جامعة بعيدة عن الأجندات الخارجية، الإقليمية منها خاصة، وهي مهمة يبدو أنها تبقى عصية على التحقيق، حتى مع هزيمة إيران وأدواتها في العراق.

إذ لا تنفك تلك المليشيات وواجهاتها السياسية عن التشبث بالسلطة، والتسلق على ظهور العراقيين من منطلقات طائفية، كونها قد تبرر لهم فسادهم وتنكليهم بعموم العراقيين، بينما هم (أي العراقيون) وعلى مختلف تلاوينهم، فقد باتوا مدركين إلى حد بعيد، بإن اللجوء إلى المظلة الطائفية لا يمكن أن يقي برد الشتاء ولا حرّ الصيف، وأن بناء وطن على قواعد المساواة والعدالة وحقوق الإنسان، هو وحده الكفيل بتحريرهم من براثن المستأسدين عليهم.

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!