-
الإعلام والهيمنة.. كيف يسيطر المجتمع المهيمن على الإعلام؟
لا يُمكننا الإنكار بأنّنا نعيش في وسط مجتمع مُهيمن، فنحنُ موجودون تحت رقابة منظار اجتماعي يفرض آراءه وأفكاره، يرصد تحركاتنا ويُملي علينا أسلوب حياتنا، كيف نلبس، وكيف نأكل، وكيف نمارس حياتنا اليومية.
وحقيقةً، هذا النظام الاجتماعي هو المُهيمن والأقوى غالباً، ولهُ نفس قوة الاقتصاد، وذلك ما أوضحهُ عالم الاجتماع الشهير “كارل ماركس” الذي أكّد على ذلك بقوله (الرأي الجماعي غالباً يعادل القوة المادية أو الاقتصادية والهيمنة الاقتصادية دائما قوية)
ولكن، هل سألنا أنفسنا عن من هو المُحرّض الأساسي لهذا النظام الاجتماعي المُهيمن، تُرى من يُغذيّه؟، من يُشجعه؟، ومن يسمح لهُ بالتكرار على مدى الأجيال؟، ومن يسمح له بالتمادي إلى هذا الحد؟
من الواضح، أنّ الاعلام بكل أشكاله، هو المُحرض الأساسي لتلك الهيمنة الاجتماعية. وهذا ما فسّره لنا عالم الاجتماع تشارلز هولز، عندما قال: <<إذا لم يكن هنالك محتوى للإعلام فمن المستحيل أن يكون هنالك إنتاج إعلامي>>.
وهُنا قد أشار ستارت هولز، إلى أنّ محتوى الإعلام دائماً ما يكون مأخوذ من أفكار المجتمع المُسيطر، ومن الصعب جداً أن يكون هنالك محتوى إعلامي مفهوم، إذا لم تكن فكرة هذا المحتوى مأخوذة من المجتمع، الذي غالباً ما يكون مُهيمن، وتلك العملية تتيح للجمهور أو المُتلقّي أن يفهم المحتوى الإعلامي، فهو أولاً وأخيراً مأخوذ من محيطه ومجتمعه ومن الأفكار السائدة في ذلك المجتمع.
ومن وجهة نظر ستارت هولز، ليس جميع المشاهدين على مستوى واحد من التفكير، ولا يمكن لجميعهم الاقتناع بأفكار المُجتمع المُهيمن على الرغم من سعي الإعلام إلى نشر الأفكار المُهيمنة على محتواه.
وقد شرحَ لنا ستارت هولز هذه الفكرة بنظريته التي أسماها بنماذج التواصل في التشفير وفك التشفير، ففي هذه النظرية قد اعتبر عالم الاجتماع أنّ التشفير هو المحتوى أو الرسالة، أي المحتوى الإعلامي الذي نشاهدهُ والذي عادةً ما يكون صورة فيديو، إعلان، مسلسل، كلمات أو إشارات.
أما فك التشفير بالنسبة لهولز فهو كيفية فهم هذه الرسالة أو المحتوى من قبل الجمهور، ومدى تقبُلها بالنسبة لهم، وقد قسّمَ هولز المُتلقّي الذي يتابع المحتوى الإعلامي إلى ثلاثة أقسام:
أولاً: المُتلقّي الذي هو في وضعية تقبُل السيطرة، وهنا فإنّ المُتلقي سيكون مُتقبلاً تماما لأفكار المحتوى الإعلامي حيث إنّ الأفكار المُهيمنة تسيطر عليه.
ثانياً: المُتلقي الذي هو في وضعيّة المُفاوضة وفي هذه الحالة فإنّ المتلقي يختار من المحتوى الإعلامي ما يتوافق مع أفكاره من أفكار المجتمع المُهيمن ويرفض ما تبقّى منها.
ثالثاً، وأخيراً: المُتلقّي الذي هو في وضعية المُعارضة حيث إنّ المُتلقي يرفض تماماً الأفكار التي يراها لأنّها لا تتوافق معه فهي بالنسبة لهُ افكار نمطيّة ومكرّرة.
ومن وجهة نظري، فإنّي أرى أنّ كل ما قد قاله كارل ماركس وستارت هولز عن هينمة الأفكار الاجتماعية على وسائل الإعلام صحيح جداً، فالإعلام يُعتبر مكان رئيسي وفعال لترويج فكرة سياسية أو اجتماعية أو حتى دينية.
وأبسط مثال يوضح لنا كيف تسيطر الأفكار المجتمعية على وسائل الإعلام، هو عندما نرى في أغلب الإعلانات صورة المرأة التي تُنظّف وتغسل وتطهو الطعام، في حين نرى الرجُل جالساً يُشاهد التلفاز. بالإضافة إلى أنّ أغلب المسلسلات أو الأفلام تصور المرأة كسلعة جنسيّة، وكل ذلك للأسف يعود بالأصل لأفكار المجتمع المُهيمن.
أعتقد أنّ الإعلام في المستقبل، يجب أن يعكس الصورة الإيجابية في المجتمع، وليس فقط القديمة أو النمطية، كتصوير المرأة العاملة وتصوير الجانب التحرري من المجتمع والترويج لهُ. وتدريجياً سيصل الإعلام إلى مكان أكثر توازناً وتحرراً.
ليفانت – لجين السمان
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!