الوضع المظلم
الجمعة ١٧ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • “الإرهاب” يُثبت الاتهام ولا يفنّده.. والمسلمون مخيّرون (العودة أو النضال)

“الإرهاب” يُثبت الاتهام ولا يفنّده.. والمسلمون مخيّرون (العودة أو النضال)
المسلمون


أشعلت جريمة قتل المدرس الفرنسي، صموئيل باتي، الشارع الغربي، عموماً، والفرنسي، خصوصاً، ونبهته بشكل أكبر على المخاطر التي تمثّل تنظيمات الإسلام السياسي، وعلى رأسها تنظيم الإخوان المسلمين، وجوقتها التي تستر عادة تحت جمعيات وأسماء تدعو للتسامح والأمل والرخاء وغيرها من اليافطات الجوفاء، دون أن تتمكن من إخفاء الوجه الحقيقي لتلك التنظيمات، والمتمثّل في القتل وسفك الدماء، انطلاقاً من فتاوى وتشريعات تصدر عادة عن أصحاب عمائم أضحت حمراء من كثرة الدماء التي أريقت بسببها، وغدت وبالاً على الإسلام نفسه.


جريمة تُثبت الإرهاب


ففي السادس عشر من أكتوبر، قال مصدر بالشرطة الفرنسية، إنّ رجلاً قُتل في إحدى ضواحي العاصمة باريس، وأنّ الضحية قد تم قطع رأسه، وأنّ منفذ الهجوم لقي مصرعه إثر إصابته برصاص الشرطة، وكانت تلك الإحداثيات تكفي للقول بأنّ هناك جريمة إرهابيّة قد وقعت، بغض النظر عن المسببات وحيثيات وانتماءات القاتل والقتيل، فالقتل وإن كان قد أضحى فعلاً ممارساً بشكل يومي في العالم، لكن القتل مع التفنّن بطريقة التخلص من الضحية وقطع رأسه على أساس أنّها انتصار، لا تنمّ إلا عن فكر إرهابي يحمله القاتل، والذي يكون معتقداً بالأساس أنّه على صواب تام بما يقوم به، وقد تبيّن لاحقاً أنّ الضحية يمتهن التعليم، وقتل بسبب عرضه رسوم مسيئة للنبي محمد في الفصل، فيما سمع شهود عيان المهاجم وهو يصرخ “الله أكبر”.


اقرأ أيضاً: من طهران.. رائحة الموت تصل أوروبا وتسدّ الأبواب في وجهها


جريمة إرهابية دفعت الرئيس إيمانويل ماكرون لزيارة ضاحية باريس، حيث ذبح المعلم، حيث قال إنّ المعلم الذي قطع رأسه كان ضحية “إرهابي إسلامي بامتياز”، وأضاف الرئيس الفرنسي أنّ الإرهابي أراد مهاجمة الجمهورية، وضرب حرية التعبير، وتابع بالقول: “تعرّض أحد مواطنينا للقتل اليوم لأنّه تعلم حرية التعبير، والحرية في الإيمان وعدم الإيمان”، مشدّداً على “أنّ الإرهاب لن يقسم فرنسا، وأن التكفير لن يفوز”.


فينا اعتبر وزير التعليم الفرنسي، جون ميشيل بلونكير، أنّ قتل مدرس تاريخ فرنسي أمام إحدى مدارس باريس، هجوماً على فرنسا كلها، مغرداً عبر “تويتر”: “تعرضت جمهوريتنا مساء اليوم لهجوم عن طريق قتل شنيع لأحد أبنائها”، ومضيفاً: “وحدتنا وعزمنا هي الردود الوحيدة لدينا في مواجهة هول إرهاب الإسلاميين”.


البدء بالتحقيقات في الجريمة


وفي السابع عشر من أكتوبر، أفادت وسائل إعلام فرنسية بأنّ أجهزة الأمن نفذت اعتقالات ضمن إطار التحقيقات في قضية قتل معلم تاريخ في إحدى المدارس قرب باريس، ليرتفع إجمالي عدد الموقوفين إلى تسعة أشخاص، بينهم والدا التلميذ الذي قتل المعلم بطريقة مروعة، فيما تأكدت صحة الأنباء التي تحدّثت عن أنّ القاتل شاب من أصول شيشانية، في سن 18 عاماً، ولد في العاصمة الروسية موسكو، كما طالت الاعتقالات والد تلميذ آخر نشر في الإنترنت فيديو نقاش مطوّل انتقد فيه المعلم القتيل، وصديقه، بجانب أربعة من أهالي مرتكب الجريمة، وهم والداه وجده وشقيقه.


فيما ذكر رئيس الوزراء الفرنسي، جان كاستكس، بأنّ بلاده ستردّ بأكبر قدر من الشدّة، ودوّن كاستكس على “تويتر”: “إنّه الإرهاب الإسلامي ضرب الجمهورية في القلب”، مضيفاً: “بالتضامن مع أساتذتها.. ستتفاعل الدولة بأكبر قدر من الحزم حتى تعيش الجمهورية ومواطنوها أحراراً.. ولن نستسلم أبداً”، أما صحيفة “لوفيغارو” فكشفت، نقلاً عن مصدر قضائي، أن الشاب البالغ من العمر 18 سنة، شيشاني الأصل ومولود في موسكو، واسمه “عبدلله.أ”، وهو لم يكن مدرجاً في قائمة المتطرفين، لكنه كان ينتمي إلى عصابة في بلدة إيرانييه، كان بين أعضائها “إسلاموي”.


اقرأ أيضاً: بكين تُزاحم على لقب “الجيش الأقوى”.. والمخاوف الأمريكية في محلّها


وبالتوازي، ذكر المدعي العام الفرنسي، أنّ الأخت غير الشقيقة لأحد الموقوفين في قضية قتل مدرس التاريخ في إحدى ضواحي باريس، كانت عضواً في “داعش”، بينما ذكر رئيس نيابة مكافحة الإرهاب الفرنسية، جان فرانسوا ريكار، أنّه تم العثور على صورة لجسد المدرس نشرها المهاجم عبر “تويتر”، مرفقة برسالة يقرّ فيها بقتله على هاتف بجوار جثته بعدما قضت عليه الشرطة، وأضاف أنّ الحساب يخصّ المهاجم، وجاء في الرسالة: “بسم الله الرحمن الرحيم… إلى (الرئيس إيمانويل) ماكرون زعيم الكفار، أعدمت أحد كلاب الجحيم التابعين لك الذي تجرأ واستخفّ بـ(النبي) محمد”.


إدانات شعبية ورسمية للعمل الإرهابي


وقد أدّى العمل الإرهابي بحق المدرس الفرنسي إلى تجمهر آلاف الفرنسيين من مختلف المدن، في الثامن عشر من أكتوبر، لعقد مظاهرات وتجمعات شجباً لمقتل المعلم صموئيل باتي وقطع رأسه، على يد شاب من أصل شيشاني، قرب باريس، بينما عدّ الادعاء العام الفرنسي جريمة قتله “جريمة مرتبطة بعمل إرهابي”، واتحجز عقبها 10 للتحقيق معهم بشبهة تشكيل “مجموعة إجرامية إرهابية”.


وبالتزامن، طالب وزير المالية الفرنسي، برونو لومير، بتشديد الرقابة على التدفقات المالية لبعض الجمعيات الإسلامية في البلاد، مصرّحاً بالقول: “هناك مشكلة في تمويل عدد من الجمعيات الإسلامية التي أعتقد أنّه يمكننا، ويجب علينا، أن نعمل عليها بشكل أفضل”، بينما طالب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الوزراء المعنيين بشؤون الأمن في البلاد باتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة الإرهاب، وأفاد قصر الإليزيه، في بيان، بأنّ ماكرون ترأس جلسة استثنائية لمجلس الدفاع الفرنسي لبحث قضايا التصدّي للإرهاب في فرنسا، حيث “طالب رئيس الجمهورية باتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة هذا التهديد”، وذكر الرئيس الفرنسي خلال الاجتماع أنّ “الإسلاميين” سوف “لن يهنؤوا بالنوم في فرنسا”.


اقرأ أيضاً: “الانقلاب”.. حلٌ سحري وضع الجيش التركي خاتماً بإصبع أردوغان


وعليه، باشرت الشرطة الفرنسية حملة اعتقالات طالت عشرات الأشخاص من “المحسوبين على تيار الإسلام السياسي”، وفق ما قال وزير الداخلية، جيرالد دارمانين، الذي أضاف خلال حديثه لـلقناة الإذاعية المحلية “أوروب 1″، في التاسع عشر من أكتوبر: “يبدو أنّ فتوى قد صدرت ضد المعلم”، وذكر الوزير: “ستشهد 51 جمعية في فرنسا، خلال الأسبوع، عدداً من زيارات مصالح الدولة، والعديد منها سيتم إقرار حلّها في مجلس الوزراء”، فيما أشارت مصادر في الشرطة أنّها داهمت جمعيات وصفتها بـ”الإسلامية” واحتجزت “أجانب يشتبه في اعتناقهم معتقدات دينية متطرّفة”، تبعاً لما أوردته وكالة رويترز.


الخطأ لا يعالج بالإرهاب


وبغض النظر عن فعل المدرس الفرنسي المغدور، لكن ودون شك، فإنّ جريمة المسلم الشيشاني بحقه، لم ترسّخ إلا لمفهوم الإرهاب حول الدين الإسلامي، وهو ما لا ينبغي أن تقبل به الجالية المسلمة المقيمة في فرنسا، أو الغرب عموماً، فهؤلاء أنفسهم، تلخص حلمهم في وقت من الأوقات في الوصول إلى هذه البلاد، وبالتالي فإنّ احترام قوانين تلك البلاد أمر واجب حتى لو كان منافياً لقناعاتهم، كونهم أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما العودة إلى البلاد المسلمة التي ينتمون لها، وأما العمل السلمي المدني المتحضّر لتغيير القوانين بما يتناسب مع رؤاهم إن أمكن لهم ذلك، كاللجوء إلى التظاهر والاحتجاج السلمي، ومحاولة بناء رأي عام مساند لهم في المجتمعات المحلية التي يقيمون فيها، أما القتل والترهيب، فهي لن تجلب للمسلمين في الغرب إلا المزيد من الإشكاليات القانونية، والمصاعب في الاندماج بسوق العمل، كما ستحيّدهم بكل تأكيد عن الهدف الأول لغالبهم في بناء المستقبل المأمول لأبنائهم.


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة








 




النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!