الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
الأزمة الليبيّة والمشروع العربي
خالد الزعتر


إنّ التحركات السياسيّة والدبلوماسية المصريّة عبر “مبادرة إعلان القاهرة”، التي جاءت لتشدّد على أهمية التسوية السياسية والوقف الفوري لإطلاق النار في الأراضي الليبية، ومن بعدها الخطاب السياسي المصري للرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي أخذ طابع “اللهجة العسكرية”، جميعها تقود إلى رغبة حقيقية مصرية في خلق مشروع عربي تجاه الأزمة الليبية، يقود إلى توحيد الصف والموقف العربي تجاه الملف الليبي، والخروج من حالة الشتات العربي في التعامل مع الأزمة الليبية. الأزمة الليبيّة


لا شك أنّ القيادة السياسيّة المصرية للحراك العربي، لبلورة موقف عربي متقارب تجاه الأزمة الليبية، يقود إلى خلق مشروع عربي يتسم بالوحدة في التحرك السياسي والعسكري لن يكون بالأمر الصعب، نظراً لعدة عوامل يتداخل فيها الثقة من قبل أغلبية الأطراف بالدور المصري، مع العامل الجغرافي حيث تضع الحدود الجغرافية على عاتق مصر، دوراً كبيراً في قيادة الدولة الليبية نحو تحقيق الاستقرار، وأيضاً، بجانب المركزية المصرية في القرار العربي، حيث تعدّ مصر الدولة التي ماتزال تحتفظ بالقيادة التاريخية للموقف العربي، ومركز صناعة القرار العربي.


ومن جهة أخرى، فإنّ حالة التأييد الإقليمي والدولي للدور المصري تجاه الملف الليبي، في الوصول إلى مبادرة “إعلان القاهرة”، يعكس وجود شرعية إقليمية ودولية للحراك المصري في قيادة الموقف العربي، تجاه الملف الليبي، إضافة إلى حالة التأييد الإقليمي من قبل السعودية والإمارات والبحرين، لاشك أنّها تعدّ دافعاً للدور المصري في تفعيل كافة الخيارات، في سبيل خلق مشروع عربي موحد تجاه الملف الليبي، وتفعيل كافة الخيارات السياسية أو العسكرية، في سبيل فرض التهدئة على الأراضي الليبية، والعمل على خلق واقع جديد، يقود نحو تنفيذ التطلعات العربية والداخلية الليبية، ببناء دولة ليبية ذات سيادة والحفاظ على وحدتها، وقطع الطريق أمام المطامع الإقليمية، التي تتزعمها تركيا بتمويل من قطر، لخلق وجود لها داخل الأراضي الليبية.


وأما من جهة الشرعية الداخلية في الأراضي الليبية، فإنّ العلاقة الجيدة بين القيادة السياسية المصرية، مع كل من الجيش الوطني الليبي ومجلس النواب الليبي، يعطي للدولة المصرية التفويض الكامل في قيادة المشروع العربي في الداخل الليبي، خاصة وأنّه ليس هناك من أطراف تحتكر الشرعية غير مجلس النواب الليبي، والجيش الوطني الليبي، الذي يمتلك قاعدة شعبية واسعة وحضوراً قوياً على الأرض الليبية. الأزمة الليبيّة


أما عن حكومة الوفاق، فإنّ شرعيتها أصبحت مترهلة، بمعنى أوضح، انتهت صلاحيتها، خاصة وأنّ حكومة الوفاق، التي ولدت من رحم اتّفاق الصخيرات، سعت للانقلاب على القواعد الشرعية التي تأسست عليها، والذي أعطاها “اتفاق الصخيرات” مهلة سنة واحدة لإجراء انتخابات، ولكنها انقلبت على هذه المهلة، وهو بالتالي ما يسقط شرعيتها ليحلّ مجلس النواب الليبي بديلاً عنها، ولكن الأطراف الخارجية، أمثال قطر وتركيا، ماتزال تتمسك بالشرعيّة المترهلة لحكومة الوفاق، لأنّ ذلك يعطيها غطاء للتدخل وفرض مشروعها في الأراضي الليبيّة. لليبيّة


وبالتالي، فإنّ الجامعة العربية مطالبة في ظلّ حالة التغييرات والتطورات الي يشهدها الملف الليبي، أن تعيد ترتيب حساباتها وتقديراتها السياسية تجاه سحب الشرعية العربية من حكومة الوفاق، والعمل على إسنادها لصالح الجيش الوطني الليبي، استناداً لمنطق القوة، ومنطق التأييد والتفويض الشعبي الذي يحظى به الجيش الوطني الليبي، وهي خطوة لابد منها لدعم خلق وتشكيل المشروع العربي تجاه الملف الليبي، والتضييق على المشاريع الخارجيّة، أمثال المشروع التركي، والذي تتخذ أنقرة من حكومة الوفاق، والاتفاقيات الموقعة معها، بمثابة الغطاء للاستمرارية، ولتثبيت الوجود في الملف الليبي. 


ليفانت – خالد الزعتر



كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!