-
الأزمة السورية وحلها في خضم المتغيرات الدولية
الأزمة السورية بدأت بعد الحراك الشعبي في عام ٢٠١١ وهي تعد واحدة من أكثر النزاعات تعقيدًا في القرن الحادي والعشرين التي بدأت كاحتجاجات سلمية مطالبة بالإصلاح السياسي وحقوق الإنسان، لكنها تحولت إلى صراع مسلح بعد قمع النظام السوري لهذه الاحتجاجات وتطورت الحرب لتشمل مجموعات معارضة متعددة، أبرزها الجيش السوري الحر والجماعات الإسلامية المسلحة، مع وجود تنافس داخلي بين هذه الفصائل. فالوضع الراهن في سوريا يشهد ديناميات معقدة بين النظام السوري، المعارضة، والإدارة الذاتية شمال شرق البلاد حيث أصبح صراع داخلي متعدد الأطراف والتي تحولت إلى صراع إقليمي ودولي.
حيث تدخلت قوى إقليمية مثل إيران وتركيا ودول الخليج لدعم أطراف مختلفة في الصراع بما في ذلك تدخل روسيا لدعم النظام، والولايات المتحدة لدعم قوات سوريا الديمقراطية ومكافحة تنظيم "داعش". وتدخل تركيا لدعم المعارضة والفصائل المسلحة.
الحرب أدت إلى نزوح ملايين السوريين داخليًا وخارجيًا، وخلّفت أزمة إنسانية شديدة، وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وتضاربت المصالح الجيوسياسية، حيث تصارعت الولايات المتحدة وحلفاؤها مع روسيا وإيران.
واستخدمت الأطراف الدولية النزاع السوري كأداة لتعزيز مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.
أبعاد الأزمة السورية
وللأزمة السورية أبعاد، منه الوضع السياسي حيث هناك الانقسامات الدولية حيث ما زالت الأزمة السورية ساحة صراع بين القوى الكبرى، حيث تتنافس الولايات المتحدة، روسيا، إيران، وتركيا على النفوذ في المنطقة.
فمسار جنيف و استانة لم يحقق تقدمًا يُذكر، بسبب تباين مصالح الأطراف الداخلية والخارجية.
و هناك تنازع حول السيطرة على المناطق المختلفة بين الحكومة السورية، المعارضة، قوات سوريا الديمقراطية، والفصائل المدعومة تركيًا.
وهناك ملايين النازحين داخليًا واللاجئين في الخارج، مع استمرار معاناتهم من ظروف صعبة. وانتهاكات حقوق الإنسان.
أما الوضع الاقتصادي فهناك التضخم والفقر والاقتصاد السوري يعاني من انهيار كبير بسبب العقوبات الدولية، تدمير البنية التحتية، والفساد و انهيار العملة المحلية أدى إلى ارتفاع حاد في أسعار السلع الأساسية.
والنفوذ الأجنبي المستمر يعقد الأزمة، مع تداخل مصالح القوى الإقليمية والدولية.
وملف اللاجئين يمثل ضغطًا على الدول المجاورة مثل تركيا ولبنان والأردن، ما يخلق توترات إقليمية.
أما الإرهاب رغم تراجع تنظيم "داعش"، لا تزال بعض الجماعات المتطرفة تنشط في بعض المناطق.
حلول للأزمة السورية
الأزمة السورية ما زالت واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا على المستوى الدولي، وتتطلب حلولًا شاملة ومستدامة تتجاوز المعالجة السطحية وتراعي حقوق الشعب السوري وتطلعاته.
فلابد من حوار شامل يدعم مبادرات سلام التي تضم جميع الأطراف السورية بما في ذلك الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني والقوى الكردية. يجب أن تكون هذه المبادرات تحت رعاية دولية محايدة.
ولامركزية الحكم وذلك بتعزيز نظام حكم لامركزي يتيح لكل منطقة إدارة شؤونها بشكل مستقل بما يحترم التنوع السوري ولابد لوجود ضمانات دولية تفرض التزام دولي بوقف إطلاق النار ومراقبته عن طريق الأمم المتحدة.
و العمل مع المجتمع الدولي للحد من التدخلات الأجنبية التي تعقد الأزمة.
ونحن بحاجة للمصالحة الوطنية وذلك تنظيم برامج توعوية تدعو للتسامح والمصالحة بين جميع مكونات المجتمع السوري. وكانت هناك جولات متعددة من المفاوضات مثل جنيف وأستانا لكنها لم تحقق نجاحا حاسما وقرارات مجلس الأمن الدولي مثل القرار 2254 الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار والانتقال السياسي.
ولابد أن تتوحد الأطراف السورية في محاربة التطرف و تكثيف الجهود لإضعاف الجماعات الإرهابية ومنع عودتها.
خاتمة
الأزمة السورية تظل جرحًا مفتوحًا في قلب المنطقة، لكن تحقيق السلام ممكن إذا توافرت الإرادة السياسية الداخلية والدولية. الحل يتطلب شجاعة في مواجهة التحديات والعمل على بناء سوريا جديدة تعكس تطلعات جميع أبنائها.
فالحرب في سوريا ليست مجرد نزاع داخلي، بل تمثل مزيجًا معقدًا من الصراعات المحلية والإقليمية والدولية ذات الأبعاد السياسية والطائفية والإنسانية ويحتاج إلى الحور وتسريع عملية السلام من خلال لا عنف والحوار.
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!