الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • “اختراق القانون”.. ملاذ بريطانيا لتفادي رياح بريكست “غير الناضجة”

“اختراق القانون”.. ملاذ بريطانيا لتفادي رياح بريكست “غير الناضجة”
بريطانيا


أضحت المملكة المتّحدة خارج الاتحاد الأوروبي رسمياً في 31 يناير الماضي، عقب قرابة أربع سنوات من استفتاء تاريخي، العام 2016، وضع نهاية لحوالي خمسين عاماً من العضوية في الاتحاد.


لكن القواعد الأوروبية ما تزال تُطبق في المملكة حتى 31 ديسمبر القادم، في وقت يسعى فيه الطرفان التوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة، إذ تبحث المملكة المتحدة عن مصالحها الوطنية الخاصة، دون ضرورة إيلاء أهمية للموقف الأوروبي من القضايا الإقليمية أو الدولية، السياسية منها أو الاقتصادية.


ورغم أنّ الخروج وفر لها حرية أكبر في اتخاذ المواقف وبناء التحالفات، بيد أنّه جلب لها كذلك، مُعضلات ومشاكل مع الجارة الأوروبية، التي كانت حتى وقت قريب حليفاً وسنداً، قبل أن تنقلب الآية إلى تنافس في قضية وخصومة في مسألة أخرى.


مفاوضات متعثّرة


ففي السادس من سبتمبر الجاري، أشارت صحيفة “فاينانشال تايمز”، أنّ الحكومة البريطانية تنوي إصدار تشريع يتجاوز أجزاء رئيسة من اتفاق “بريكست” للانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وأعلم مصدر الصحيفة بأنّ الخطوة قد تعثر “بقوة وبوضوح” الاتفاق بخصوص أيرلندا الشمالية الذي وقعه رئيس الوزراء، بوريس جونسون، في أكتوبر الماضي، فيما قالت من جانبها، صحيفة “تليغراف” أنّ جونسون ينوي منح بروكسل مهلة 38 يوماً فقط لتوقيع اتفاق “بريكست” للانسحاب من الاتحاد.


 


ونوّهت الصحيفة، إلى أنّ جونسون نبّه من أنّه في حال لم يتم إنجاز تقدّم بحلول 15 أكتوبر القادم، فإنّ لندن ستقبل بالخروج “بدون اتفاق” و”تمضي قدماً”، وتابعت إنّ جونسون سيكشف أنّ المملكة المتحدة “لا يمكنها أن تتساهل ولن تتساهل في الأمور الأساسية، والتي تعني أن تكون بلداً مستقلاً” من أجل الحصول على اتفاق تجاري.


وسيمنح مشروع القانون البريطاني، ذاك، الوزراء البريطانيين سلطات أحادية الجانب لتنظيم التجارة بين إنجلترا وأسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية، بمجرد انتهاء سريان قانون الاتحاد الأوروبي، بعد فترة انتقالية من “بريكست”، تستمر حتى نهاية هذا العام، لكن بموجب معاهدة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، من المفترض أن تتواصل بريطانيا مع بروكسل بشأن الترتيبات الخاصة بإيرلندا الشمالية التي سيكون لها الحدود البرية الوحيدة للمملكة المتحدة مع الاتحاد الأوروبي.


اتفاق على خطوط عريضة.. ولكن


ورغم اتفاق رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في السابع من سبتمبر، على الحاجة لإحراز تقدّم خلال هذا الشهر على صعيد المحادثات بشأن “بريكست” والتوصل سريعاً إلى نتيجة، لكن لندن تسببت بإدخال المحادثات التجارية المتعلقة بخروجها من الاتحاد الأوروبي بأزمة، عقب اعترافها صراحة بأنّها قد تخرق القانون الدولي بتجاهل بعض جوانب اتفاق الانفصال، في تجاهل لتنبيهات بروكسل من أنّ انتهاك الاتفاق سيمنع عقد أي اتفاق تجاري، حين ذكرت لندن، في التاسع من سبتمبر، من أنّها قدّمت مشروع قانون يتيح لها تجاهل فقرات من اتفاق الانسحاب الذي وقعته في يناير 2020.


 


وتضمن مشروع قانون الأسواق الداخلية على أنّ بنوداً معينة “تسري بصرف النظر عن عدم اتّساقها أو توافقها مع القانون الدولي أو القوانين المحلية”، وذكرت الحكومة أنّها ستنتهك القانون الدولي “بطريقة محددة ومحدودة للغاية”، لتعقب أورسولا فون دير ليين، رئيسة المفوضية الأوروبية، على “تويتر” بالتأكيد على أنّها “قلقة للغاية من إعلان الحكومة البريطانية عن نيّتها خرق اتفاق الانفصال”، مضيفةً: “سيقوّض ذلك القانون الدولي والثقة”، لافتةً إلى أهمية الحفاظ على الاتفاقات المبرمة لأنّها “أساس العلاقات المستقبلية المثمرة”.


فيما برّر جونسون للبرلمان البريطاني ذلك “المشروع”، بأنّه “شبكة أمان قانونية لحماية بلادنا من أي تفسيرات متطرّفة أو غير منطقية لبروتوكول أيرلندا الشمالية المنصوص عليه في اتفاق الخروج بشكل يهدّد السلم في الإقليم البريطاني”، إذ سيمنح إذا ما استحوذ على الموافقة من البرلمان، الوزراء البريطانيين، الحق في تجاهل أجزاء من ذلك البروتوكول بتعديل شكل إقرارات التصدير وإجراءات أخرى تتعلق بالخروج، بيد أنّ قائمة الأجزاء التي يمكن تجاهلها لا تضم فقط بروتوكول أيرلندا الشمالية، بل تتضمن كذلك “أي بنود أخرى من اتفاق الانسحاب من الاتحاد الأوروبي” و”أي قانون أوروبي أو دولي آخر”.


تحرّك أوروبي مضاد


وفي ظلّ الإصرار البريطاني على السير بذلك المشروع، والمجازفة بالعلاقة مع بروكسل، نشرت وكالة “بلومبيرغ” للأنباء، في التاسع من سبتمبر، تفاصيل وثيقة أكدت أنّ الاتحاد الأوروبي لديه من الأسباب ما يدفعه لاتخاذ إجراء قانوني ضد المملكة المتحدة على خلفية خططها لانتهاك اتفاقية “بريكست”، مفيدةً بأنّ بروكسل تدرس إمكانية اتخاذ إجراء قانوني.


 


واستنتجت الوكالة، أنّ خرق تلك الالتزامات “من شأنه أن يفتح الطريق أمام سبل الانتصاف القانونية المتاحة بموجب اتفاقية الانسحاب”، وبمجرد أن تقترب الفترة الانتقالية في المملكة المتحدة من نهايتها في نهاية هذا العام، يمكن أن يطلق الاتحاد الأوروبي أيضا آلية تسوية المنازعات بموجب اتفاقية الانسحاب، والتي قد تؤدي في النهاية إلى عقوبات مالية، وفقاً للوثيقة.


كما حذّرت المفوضية الأوروبية، من أنّ بريطانيا “أضرّت بشدة بالثقة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة”، واستخفت بحجة الحكومة البريطانية بأنّ مشروع القانون سيحافظ على السلام في أيرلندا الشمالية، ومع ذلك، لم تبدِ الحكومة البريطانية استعدادها لأي تراجع، فيما قال غوف: “لقد أوضحت لنائب رئيسة المفوضية سيفكوفيتش أنّنا لن نسحب هذا التشريع وقد فهم ذلك، بالطبع أبدى أسفه”.


جونسون يتّهم وأيرلندا ترفض


وفي الثالث عشر من سبتمبر، اتّهم جونسون، بروكسل، بضرب وحدة أراضي بلاده، عبر فرض حصار على أيرلندا الشمالية، وهو ما لم تقبل به أيرلندا (الجارة لبريطانيا)، إذ فنّدت وزيرة العدل الأيرلندية، هيلين ماكنتي، اتهامات جونسون، وقالت: “ببساطة ليس الأمر كذلك”، أي إيحاء بأنّ ذلك سيؤدّي إلى إقامة حدود جديدة، هو ببساطة غير صحيح”.


 


وهو ما ذهبت إليه المعارضة البريطانية التي اتهمت جونسون، بتشويه سمعة البلاد، عبر طرحه مشروع قانون تشريعي ينتهك اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي وقّعه العام الجاري، وذكر مسؤول شؤون سياسات الشركات في حزب العمال المعارض، إد ميليباند: “لم يخطر على بالي قط أن يصبح احترام القانون الدولي مسألة خلاف في البرلمان.. لم أتخيل أبداً أن يأتي ويقول: سنشرّع لخرق القانون الدولي بشأن اتفاقية وقعناها قبل أقل من عام”، وأردف: “جونسون وحّد أسلافه الخمسة الأحياء سواء من حزب العمال أو المحافظين في معارضة مشروع قانونه الذي يخالف القانون”، ومضى بالقول: “إنّه يشوّه سمعة هذا البلد ويسيء لمنصبه”.


لكن ورغم ذلك، نجح جونسون في مساعيه إلى حدٍّ ما، حيث أيّد مجلس العموم البريطاني، مبدئياً، في الخامس عشر من سبتمبر، المشروع الذي يتيح للحكومة التخلّي عن بعض الالتزامات التي احتواها اتفاق انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث صوّت 340 نائباً لصالح إقرار مشروع قانون “السوق الداخلية”، مقابل 263 نائباً عارضوه، وهو ما يشير إلى أنّ قادمات الأيام قد تحمل مُواجهة أعتى بين بروكسل ولندن، ليبقى السؤال مطورحاً حول المدى الذي يمكن أن تصل إليه رياح المواجهة بين الطرفين؟


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة 







 


 


 



كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!